المقالات

خطيئة مدير معرض مسقط للكتاب

بقلم: عبدالله البطاشي

موظف حكومي كلف مديرا لمعرض مسقط للكتاب وجد نفسه وفريقه في ذات ذات حاسمة على المحك ،مطالب بقرار يضع النقاط على الحروف ، ومن ثم تم وضع النقاط ، ولكن للحروف مستهجنين ، ينبري البعض ليحول قضية من قضية إلى أخرى فتصبح للحكايات عقد وغرائب ،متلازمات تعود بنا في كل مرة ، لنفس السؤال ، مالذي يحدث ومن المستفيد ؟!!

فكيف يصبح مدير معرض الكتاب قد ارتكب خطيئة كبرى في تاريخ الأدب والثقافة والعلوم ؟ وهو قرر ولاعتبارات كثيرة قد تكون إدارية تنظيمة أن يستبعد شاب (يوتيوبر) يزور معرض الكتاب حاله كحال باقي الضيوف والزوار ، ثم حدثت مفاجأة لا يتحملها الشاب شخصيا ،لكن للمكان قواعد وأسس فوجب التدخل لإعادة الطقوس والآليات للمكان بوصفه معرضا بين قوسين للكتاب وليس ميدان عام ، ولكن ومما يدعو إلى الغرابة هو تضخيم الحالة لتحويلها إلى قضية بأيدي عمانية ، ثم فتح الباب ذاته للنيل من المجتمع ولعنه ووصفه بأبشع العبارات ، شيء من العجب أن تهرع بعض وسائل إعلام محلية وخارجية وناشطين وأكاديمين وشخصيات مرموقة لصب جام غضبها على مدير المعرض في إطروحات غلب على بعضها السطحية وامتزجت بعضها بالتشفي واللعن ، تماما كما تداول البعض عبارات تصف الرجل بالرجعية ، و بأنه عدو التطور، قمعي مستبد ،لا يفقه في فنون البهجة والاضواء ، بل وسمعنا بكاء البعض وحزنهم الشديد مقرونة برسائل الأسف والإعتذار للشاب اليوتيوبر وهي تلك المبعوثة على بساط التغريب والصدمة وخلط المفاهيم والأمور !!

كما رأى البعض انه كان على مدير المعرض ان يفتح القاعات الكبرى وفتح مسارات وأروقة استثنائية ، فضلا عن سيلان لعاب الكثر ليس للب القضية ولكن للإستفادة من 5 مليون متابع تخص اليوتيوبر المقصود فركبوا الموجة وجدفوا بعيدا عن اليابسة ،وهنا هي الكارثة ، اقول كارثة وأنا أعني ذلك بتمام الإدراك ومعانيه ،لأن هذا يعيدنا إلى مربع الصفر (الإعلام ومفهومه ودوره في زمن الخزعبلات والدجل وصناعة التفاهة !)

قضيتنا ليست في الشاب كما أسلفنا ،فهو جاء ليوقع كتابه وتعامل معه المعجبين بوصفه من المشاهير ، ولكنه تصادم مع اجراء إداري فحدث ما حدث ،بل قضيتنا ياسادة في تلك الشعوذات التي تحرق في مجامر الكلم ،هذه خيمة الزار الكبيرة ، حيث تساق قطعان التبريرات في مراعي سوداء ، فيظهر التيه ، تيه الحقائق، من خلف حجب ، وفي كل مناسبة ، منسوب للتمدن والتحضر والرقي ، فقضيتنا الكبرى هي هذا الانكشاف والافصاح عن إشكال كبير نوه الكثيرون عنه منذ زمن ،في خلط المفاهيم وتزوير الوقائع مع سبق الإصرار والترصد ، أي بهذا هو ما يجب ان يكون في وقت يمكن أن يكون هناك افضل من ما يتخيلون ! ،تسطيح الإشكال وارهاصاته برعاية وكفالة (..) ، هي القضية إذا كنا نريد الحديث عن قضية ندسها بكعب أرجلنا تحت سرير الغرفة وفي الغرفة فيل ، ونحن نتخيل الفيل مجرد شيء لا يستحق التفكير ،الفيل كما يبدو ليس في تربية الناشئة وتوجيههم ، الفيل كما يبدو علة في مكان آخر وأخطر ، هناك في مكان ما !!

كنت أتسائل وما زلت ، هل كان المطلوب من مدير المعرض أن يقوم بإطلاق موسيقى صاخبة و شراء قناني الشمبانيا وتفجير بالونات الزينة ؟ وتوزيع المشروبات على الجماهير المكونة من جيل المستقبل يرتصون في صفوف وهتافات وتدافع ،بعضهم فوق بعض ،أيادي فوق أكتاف ، وأشياء أخرى ، صبيانا وبنات ، حيث سمعنا الكثير من الحقائق عن لسان البعض من الحضور أنفسهم ، سواء ذهبوا للمشاركة ام كان حضورهم هناك متزامن ! ، أنهم يتحدثون من هناك عن كارثة أخلاقية وقصص تندى لها الجبين تمت خلال تلك الساعات المشؤومة ، تلك الحكايات والمشاهدات التي تجاهلها الغاضبون ،حراس الإنفتاح المطلق والنظريات الإنشائية في التربية والإخلاق ،وصمتهم عن حالات التحرش التي رصدت ، لماذ تجاهلتهم المشكلة الكبرى ؟ لماذا نظرتم من الزاوية الوحيدة التي تجيدون الوقوف فيها ؟ لماذا فردتكم أجنحتكم بعيدا تنشدون أناشيدكم العبثية ؟ مالداعي ؟ مالهدف؟ أولا وقبل كل شيء ، ماذا بينكم وبين هذا المجتمع الذي تحتقرونه في كل شاردة وواردة ؟ لماذا يصحى البعض ( كالمغايبة من مرقدهم) حين يكون هناك حفلة تحقير ونيل من هذا المجتمع ؟ لم يقل أحد بأن مجتمعنا يوتبيا افلاطون ،ولكنها عمان ، تدركون ذلك ؟ هل تدركون الأثمان التي دفعت ليبقى هذا المجتمع كما ينبغي له أن يبقى ؟ أني لست من حراس الفضيلة ، كلا ولست من المطاوعة كما تصفونهم ، ولست حتى الجني الأزرق في صحوكم أو منامكم ، أني أنتمي لهذا المجتمع بكل تفاصيله هكذا وبكل بساطة، فأسألكم أوليس من الإنصاف أيضا أن تتحدثوا عن كل الأخطاء دون انتقاء مشبوه وتجاهل لأشياء أُخر ؟مالكم كيف تحكمون ؟
هل كنتم تنتظرون من مدير معرض الكتاب أن يأمر فورا بإخلاء مسرح الطفل و ألغاء المحاضرات الثقافية وتأجيلها ؟ لتلك الفوضى التي حدثت؟ لقد أغضب تصرف مدير معرض الكتاب البعض من الأكاديميين الذين إلى هذه اللحظة على رأس أعمالهم يتحدثون في شؤون العامة ويرتبون أبجديات أجيال المستقبل ، وعكر مزاج البعض من الإعلاميين الذي يعول عليهم أن تكون رؤى المستقبل على عاتقهم وفوق أعناقهم فنالوا منه بشكل أوبآخر! لقد سكب قهوة البعض من الشخصيات والكتاب المكلفين بتأريث شعلة العلم والأخلاق و التقدم في هذا البلد ، فازدروه ! وطعن بسيفه الخشبي درع بعض الناشطين والمؤثرين الذي سعوا للإستفادة من أعداد المتابعين للشاب المذكور على حساب مدير المعرض وحساب اخلاق المهنة والحق والحقائق وتدحرجوا طبقا لما يقول المثل الشعبي ( حجة بحاجة ) ، فقزموه واظهروه بانه المتسلط المتخلف ،لقد سقط مدير معرض مسقط للكتاب في نظرهم من عل ،وافسد على البعض المتعة ،فالبعض يرى أن تلك هي سلوكيات المستقبل، ونتائج وبشارات بيوتهم وأساليب تربيتهم ونظرتهم للحياة في زمن الصحون الطائرة ، وعلى الجميع ان يتقبلها كما هي ، وكيفما جاءت ، وعليك أنت أيها الرجعي يا مدير معرض الكتاب أنت وصحبك أن تتقبلها وتخوض فيها مع الخائضين حتى يتم الإشادة بك والتصفيق لك بحرارة !، أني أحدثك يارجل في زمن الغرائب ، عن هذه خيمة الزار الكبيرة ، المنصوبة على قارعة الأشياء ، وما يحدث الآن بهذه التحولات في مجتمعنا ، حيث المروجون للهبل والسخافات والإسفاف والتفاهات، والذين يكيلون الوحل كل يوم على تاريخنا وأبجدياتنا وأخلاقنا وهويتنا وكرامتنا الوطنية ، وهم المرضي عنهم ، والمشاد بهم و الذين يقربون إلى المكاتب والمجالس وتفتح لهم الأبواب ، أنهم في المقدمة هناك يديرون الخطوط الأمامية للمستقبل ، وأحدثك في زمن العجائب حيث يتم وصف الغيورين على المجتمع بأبشع الصفات ، ويتم جلدهم يوميا ويلعنوا ويهمشوا ويتم ركلهم بعيدا إلى حيث غيابات العتمة ،أحدثك عن هذه الفوضى والجهات التي تعمل منفردة ، في هذه الملاعب المتعددة المتناقضة بعشوائية ، أحدثك ، ولماذا أحدثك وزمن الغرائب يغزونا حيث تهمش الكفائات والخبرات ويمضى كل صاحب كرسي ليصنع له تاريخ جديد ، مبهورا باصحاب الأضواء حاله كحال أي مستجد في الحياة ، فغيب المخلصون والشرفاء عن إدارة الأمور وبقت جوفاء متخبطة بلا قرار ،وقد يقول قائل وأين الإلتقاء بين ذلك وهذا ، والجواب هو ،ان كل شيء متشابك ببعضه والحبل متى ما صار على الجرار فلا عتاب ،و أنا لست من حراس الفضيلة ، ولكني رجل بسيط وأعي جيدا ان هناك من سوف يكرهني وسوف يكشرعن أنيابه ، لكني سأتحدث واقول أن العقد الذي انفرطت حباته سيكلف الكثير من الوقت للملمته وإن غدا لناظره قريب

هذا والسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى