المقالات

المرآة المكسورة

بقلم : مسلم بن أحمد العوائد

المرآةُ تعكس الصورة على حقيقتها تقريبا، ويستخدمها الإنسان ليتأكد من مظهره ولباسه، فبعض الناس يقف أمامها مبتسما معجبا بنفسه، يلتف يسارا ويمينا، وفي كل الاتجاهات والارتفاعات، يدقّق في تفاصيل منظره. وفي أحيان أخرى، يغضب ويصرخ، وربما يبكي بكاء الأطفال الرضع، عندما يرى صورته محطمة، يظهر وجهه بنصف عين، وارنبة انفه، وجزء من الأذن، وضرس وناب. عندها ينفجر كبركان هائج، مع أن صورته لم تتغير، لكنه وقف أمام مرآة مكسورة، وهو يدري انه ساهم في كسرها.
وفي هذا المعنى قال فولتير: “المرآة المكسورة لا تلُمها، بل ابحث عمن كسرها.”.

هذا قبل…
اما بعد…
ذكر بعض الحكماء أن الرقابة بشكل عام، وخاصة الذاتية منها – الوازع الديني – والرسمية، هي المرآة التي تعكس الصورة الحقيقية للواقع دون ألوان أو أصباغ المكياج او الأخبار الدعائية، وأن المخلصين والمصلحين هم المرآة التي تعكس الواقع المعايش بخيره وشره، وهم صمّام الأمان، ولا سيما في زمن الفتن والتعصب بأشكاله المختلفة. قال رسول الله ﷺ: “المؤمن مرآةُ المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعتَه ويحوطه من ورائه.”.
فعندما يُبعَد المصلحون، ويُقرب المصلحيّون، ويُكمَّم صوت النصيحة، تنهار منظومة القيم، وتعلو منظومة، “أنا، وبعدي الطوفان.

ختاما…
يُقال إن سلوك بعض المسؤولين المتنفّذين يكسر بل ويحطّم عمدا زجاج مرآة الواقع، حتى تصبح خطرا على كل من يلمسها أو ينظر فيها أو حتى يعلّق عليها. هدفهم أن يُظهروا لمن فوقهم أنهم الأحرص على الوطن وأهله، فيرفعون تقارير مدعومة بأرقام ومؤشرات خيالية، ويُرفقون بها صورا قد تنافس في موسوعة “غينيس”.
لكي يباعدوا بين المسؤول الكبير والمجتمع، ويضربون بينهما حجابا فولاذيا، بالتشكيك والتخوين والتحذير من خطر “الدهماء” حسب تصنيفهم للناس.
فرعون قبلهم قال: “أنا ربكم الأعلى”، ثم ندم حين لا ينفع الندم؛ فلم تنفعه الحاشية، ولا السلطة، ولا الطغيان، ولا البطانة الفاسدة.!!!.
اخيرا…
ذكر أحد المراقبين أنه استمع يوما إلى خطبة جمعة عن ضرورة بل و فرضية طلب العلم الشرعي والإنساني والدروس الوعظية في المساجد وغيرها، فقرأ الخطيب آيات قرآنية وأحاديث نبوية، واستشهد بسياساتٍ رسمية تؤكد على اهمية طلب العلم والعناية بأهله.
يقول فتذكرت حينها قول الله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، ثم خطر ببالي: أين هؤلاء القوم من ثورة التقنيات الحديثة التي قرّبت البعيد، ووفرت خيارات لا حصر لها من الدورات العلمية والشرعية والتدريبية في شتى المجالات ، يحضرها ملايين الطلاب من مختلف الجنسيات؟. ونفس التقنيات تكشف ما يُراد إخفاؤه، مهما حاولوا بعدّتهم وعتادهم وسل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى