اتجاهات

انسجام برنامج الدمج بالمجتمع المدرسي على ضوء نظرية بوتقة الانصهار

بقلم : مياء السالمي

إن الواقع المدرسي الذي يسهم في تكوين شخصيات الطلاب ذات الأنماط الإيجابية والتي تعتمد على ثقافة المجتمع المدرسي بشكل سوي ومقتبس نور السلوك الحسن من الأساليب الصحيحة في تربية الإنسان بالمنهج الرباني، والتي تأتي بنتائج إيجابية في تطبيق نظام جديد في المدارس أثناء موقف جديد، وإعداد النظام الإنساني لقبول السلوك الحسن في البيئة المدرسية.
كما أن نظرية بوتقة الانصهار من النظريات الاجتماعية، وأول ما سماها هم الأمريكيون عندما أتوا من كل ناحية ليجتمعوا ويندمجوا في جوف المجتمع الواحد، وأثناء الاندماج لا بد من الاختلافات في الكثير من العادات والتقاليد والديانات والكثير من الأساليب والسلوكيات الحياتية، ولكن تكمن المشكلة في تقبل المجتمعات بعضها بعضا، فيحدث نوع من الصراع فيما بينهم، ولكن في الأخير تندمج المجتمعات تحت سقف واحد، وينسجم أفراد المجتمع فيما بينهم، وتمكين أهدافهم في تكوين إرادة العيش السلمي بجميع الأطراف؛ لأنهم يهدفون أن يعيشوا بشكل المقبول دون تدمير كل ما أسسوه. وهنا حدثت عملية الانصهار؛ أي انصهر واندمج المجتمع الدخيل بالمجتمع الأساسي على أساس عملية تقبل الأطراف معًا اتجاه بعضها بعضا.
إن برنامج الدمج هي ما يتعلق بفئات ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الدمج العقلي والدمج السمعي؛ إذ أنهم يدمجون في المدرسة بفصل متخصص ومستقل بهم في المدرسة ذاتها، وبجانب الفصول المدرسية، وتوفير الفرص للانخراط في الحياة المدرسية. ويحدث نوع من التفاعل الإيجابي ما بين الطلاب العاديين بطلاب الدمج، فيتشاركون مع الطلاب العاديين في بعض من المواد بالأنشطة المدرسية، مثل مادة الرياضة، وكذلك المهارات الحياتية، والفنون التشكيلية، وكذلك مادة مصادر التعلم، وينخرطون في التعلم بآلية التعليم نفسها مع زملائهم العاديين وسواسية بينهم، كما أنهم يتعززون دافعيًّا عندما تتاح لهم فرصة إبداء إبدعاتهم ومهاراتهم أمام زملائهم العاديين، ولهم طاقات إيجابية هائلة لإبراز نجاحاتهم أمام الآخرين، ويتمكنون من استغلال طاقاتهم في الجانب الإنساني، ويصنعون صدى نجاحاتهم من خلال إلمامهم بالمعلومات كافة، ويبهرون كل من استهان بهم؛ لأنهم يختلفون عنهم في نمو الإرادة والتحدي، ويهدفون إلى الاندماج معهم بحرية وبالحقوق كافة. وتقوم عملية التعايش بينهم على أساس التقبل والاندماج، ويتأسس مبدأ الارتباط الحياتي بينهم من خلال أسلوب انصهار أثناء عملية التبادلية فيما بينهم؛ أي يتجاوب الطرفان للأسلوب ذاته وللهدف نفسه، فيسهم الطرفان في نمو المجتمع المدرسي بشكل إيجابي، ودعم دافعية التعلمية فيما بينهم، وخلق أسلوب الانتماء المجتمعي بالمجتمع المدرسي بصفتها كتلة واحدة ينطلقون معاً تحت مسمى واحد. كما أنهم يسعون لتكوين مفهوم تطبيع الفئة بالمجتمع المدرسي ويرفضون التصنيف والعزل؛ مستلهمين من حركة حقوق الإنسان لضعف اتجاهات المدرسية في رفض فكرة تصنيفهم وعزلهم؛ لأنهم جاءوا بصفتهم مجتمعا إنسانيا واحدا، كما أنهم يتشاركون في توطين علاقاتهم بالجانب الوجداني، حيث إنهم يحبون التعاون فيما بينهم، ويشعرون بما يجول حولهم، ويحددون خططهم الجديدة ويمضون بها، ويرفضون الفصل فيما بينهم، ويميلون لإدراك معنى الاندماج، ويتجانسون فيما بينهم من ناحية التوافق في الميول والآراء والأفكار والأذواق، ولا يقبلون التنازل أو التخاذل عن بعضهم، وينتهجون يومهم على أساس الحب والرحمة، ويتعاونون على تخطي العقبات في جوانب الحياة كافة، كما أن طلاب العاديين يؤثرون عن أنفسهم لأجل زملائهم الدمج لتكوين علاقة وطيدة وعميقة.
وكما يبدو أن بوتقة الانصهار هي المدرسة، وأن المنصهرين هم طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن المجتمع الذي يتقبلهم هو المجتمع المدرسي، وتقوم عملية الانصهار على أساس التقبل والاندماج، وتكون بينهم عملية التمكين الإيجابي من حيث مكان التجمع والفئة الدخيلة والمجتمع المدرسي، ويربطهم أساس قوي جداً وهو الإيمان باحترام الذات الإنسانية؛ لأنهم ينتهجون بالمنهج الرباني الذي شرع قدسية مكانة الإنسان في هذا الكون، وأن الإنسان أساس الكون، وخُلِق ليعمر الأرض والمجتمع المدرسي بشكل خاص، وتتشكل بالنشئ الجيد لتكوين ثقافة راسخة في إعداد تنمية البشرية نحو الوعي الكلي والإدراك بالمحيط حتى يسهموا في رفع شأن المجتمع.
كما نعلم بأن طفل ذوي الاحتياجات الخاصة في سلطنة عُمان تلقى التعليم المجاني من خلال وزارة التربية والتعليم التي أسندت تعليمهم في برنامج الدمج من البرامج التي طرأت في تنفيذها حتى يحصل الطفل على حقوقه التعليمية. وقد حرصت الوزارة على تنفيذه بمواصفات عالية المستوى، وبالنواحي كافة ليمتلك الطالب البُعد المعرفي والثقافي حتى يصل إلى مرحلة الأمان المهني ليواكب التطور المعاصر ومتطلباته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى