المقالات

ترامب واللعب في الوقت الضائع

بقلم:جمال الكندي

لم تتبقى من ولاية الرئيس الأمريكي الحالي ” ترامب” إلا أياماً معدودة ويتسلم بعدها الرئيس المنتحب “جو بايدن ” مقاليد الأمور في البيت الأبيض، بعد معركة انتخابية شرسة أظهرت عنصرية “ترامب” في إبراز نظرية أمريكا أولاً بعصبيتها البيضاء.
هذه الانتخابات كشفت عن وجه أمريكا “ترامب” في تقوية العصب الأبيض الذي يعول عليها الرئيس المنتهية ولايته لدعم نظريته، التي أوجدت له قاعدة انتخابية واسعة نستطيع أن نسميها “بالفاشية البيضاء.
ما حدث مؤخراً من هجوم على مبنى الكونجرس الأمريكي من قبل أنصار الرئيس “ترامب”، ينبئ بأن الديمقراطية الأمريكية في خطر،فصورة أمريكا قائدة العالم الحر تصدعت بالهجوم على منبر حريتها، والمشهد له تدعيات في الداخل الأمريكي، فهو بداية ظهور تيار شعبوي أمريكي لا يؤمن بنظرية أمريكا بلد المهاجرين، وبلد التنوع العرقي وهذا الأمر ينذر بتشكل تيار يميني متطرف يذكرنا بالفاشية والنازية إبان الحرب العالمية الثانية.
“ترامب” يلعب في الوقت الضائع، لذلك يستخدم كل أسلحته سواءً الناعمة منها والخشنة لتغيير الواقع الإنتخابي الذي أخرجه من البيت الأبيض، وذلك بالإستقواء بناخبيه المتعصبين الذين يؤمنون بنظريته في أمريكا الجديدة المتحكمة من قبل العصب الأبيض، فهي عنصرية جديدة يروج لها “ترامب” تتصادم مع فكرة نشأة أمريكا في أنها بلد المهاجرين من سود وبيض، وملونين، فكانت أول هذه الأدوات تحريك هذه الفئة المتعصبة من مؤيديه نحو البرلمان الأمريكي.
معركة اقتحام مبنى “الكونجرس” كانت لها أهدافاً بعيدة المدى وأخرى قريبة المدى، البعيدة منها سوف تظهر نتائجها خلال إدارة الرئيس المنتخب “جو بايدن” وهي في وجود تيار شعبوي له من يتبناه سياسياً يختلف في أجنداته الداخلية والخارجية عن الحزبين التقليديين: “الجمهوري والديمقراطي”، وأهم ركائزه السياسية “أمريكا أولا ” ويستقوي بالعصب الأبيض، المتعصب والرافض لمقولة “أمريكا بلد المهجرين”. أما الهدف القريب فقد كان بمحاولة إيقاف إعلان فوز ” جو بايدن” بالرئاسة وتأجيل ذلك عبر سيناريو الهجوم على مقر البرلمان الأمريكي ” الكابيتول” الذي فشل، ولكنه أحدث شرخاً في بنية الديمقراطية الأمريكية.
“ترامب” يحاول كسب المعركة خلال ما تبقى له من وقت، وسنياريو عزله من منصبه قبل تنصيب “جو بايدن” رفضه نائبه ” بنس” عبر عدم تفعيل المادة رقم (25) التي تخول نائب الرئيس عزل الرئيس لأسباب فقده الأهلية الرئاسية. العالم سوف ينتظر يوم التنصيب الرسمي للرئيس الجديد ” جو بايدن” في العشرين من يناير الحالي، والسؤال هنا هل سيتكرر مشهد اقتحام “الكابيتول” مرة أخرى؟ مع وجود سيناريو خارجي يقوم به “ترامب” ليقلب الأوراق السياسية والعسكرية أمام خلفة “جو بايدن ”
شيطنة أيران هي المحاولة الخارجية الأبرز لجر المنطقة إلى حرب وتغير الواقع الانتخابي الحالي بفرضية بقاء “ترامب” في الرئاسة بسبب التهديد الخارجي الإيراني، هذا السيناريو وإن كان ضعيفاً بسبب موقف السياسين والعسكرين الأمركان الرافض لأي تحرك عسكري ضدها ولكنه يظل وارداً خاصة في شخصية مزاجية نرجسية متقلبة مثل شخصية “ترامب”، لذلك فحلفاء أمريكا الأوروبيين ينتظرون بفارغ الصبر يوم التنصيب الرسمي للرئيس المنتخب “جو بايدن” لفتح صفحة جديدة مع حليفهم الأمريكي التي سيكون من أهم بنودها وقف التهديدات بخوض حرب ضد إيران والرجوع إلى الاتفاق النووي معها.
من أجل ذلك رفض الاتحاد الأوروبي زيارة وزير الخارجية الأمريكي “بومبيو” الذي أصبح كالطائر الذي يفرفر بعد ذبحه، فرفرة مفارق الحياه. وما تصريحه الأخيرة بوجود علاقة بين إيران وتنظيم القاعدة عبر إيواء عناصر من قادتها في إيران، وبالتالي إمكانية وجود صلة لها في تفجيرات 11 سبتمبر 2001 إلا محاولات يائسة لما قبل المغادرة، بالمقابل هنالك تأيد من حلفاء أمريكا الآخرين الذين نسميهم “حزب الحرب ” وهم معروفين في المنطقة ويريدون إشعالها بحرب عبثية أخرى عبر البوابة الإيرانية.
المحاولات مازالت مستمرة لجر إيران لحرب يعول عليها لتغيير الواقع الأمريكي الجديد بعد “ترامب”، والتصعيد في الخليج العربي بات واضحاً والمناورات الإيرانية المتتالية دليل على جدية الوضع في الخليج، ودخول الإسرائيلي على خط التصعيد تمت قراءته جيداً من خلال الهجوم الصاروخي الأخيرعلى مواقع حلف المقاومة في منطقة “البوكمال السورية” والتي كانت الأعنف، وإن لم تخلف ضحايا يؤثرون في قرار الدخول في مواجهة عسكرية خلال هذه الفترة مع الحلف الصيوأمريكي، ولكنها ستكون أحد ذرائع حلف المقاومة في توجيه ضربات نوعية مستقبلاً للعدو الصهيوني بحسابات حلف المقاومة لا الحسابات الإسرائيلية الأمريكية ومن معهم. لذلك المطلوب إمتصاص هذه الضربات خلال ما تبقى من وقت، ولكل حادثة حديث بعد إنتهاء الفترة الترامبية.
ختاماً العالم يترقب يوم العشرين من يناير يوم تنصيب الرئيس المنتخب الجديد “جو بايدن” فهل سيمر هذا اليوم بسلام؟ أو تكون هنالك تحركات لمؤيدي “ترامب” تغير الواقع الانتخابي بقوة التظاهرات، ويصبح هذا السلاح الذي صدرته أمريكا عبر منظومة الفوضى الخلاقة إلى الأنظمة التي تخالفها سياسياً شعاراً للداخل الأمريكي يبشر ببداية الفوضى الأمريكية التي محركها الفاشية البيضاء. كل الأمور واردة والمجتمع الدولي يعول لوقف السيناريهات التي ذكرناها بوجود عقول إيرانية وأمريكية تدرك هذا المخطط وتفشله وما علينا إلا الانتظار والترقب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى