المقالات

الأزمة الخليجية إلى الانفراج كيف ومتى ولماذا؟؟

بقلم: جمال الكندي

حينما تم الإعلان قبل أكثر من سنتين عن حملة عاصفة الحزم لإعادة ما يسمى الشرعية في اليمن، كان الإعلان عنها من واشنطن، ودلالات ذلك حينها أن الضوء الأخضر لبدأ الحملة العسكرية ضد اليمن كان بأوامر ومباركة أمريكية فهي الحليف الاستراتيجي لقادة حملة الحزم في اليمن.

الأزمة الخليجية الأخيرة كذلك بدأت بعد إنهاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته إلى السعودية واجتماعه مع القادة الخليجيين والعرب والمسلمين في القمم الثلاثة التي عقدت في الرياض. فهل هي مصادفة أن تخرج القرارات المصيرية سواء كانت على مستوى التدخل العسكري أو المقاطعة الدبلوماسية كما هي الآن مع الحالة القطرية بغطاء أمريكي، وكما هو معروف في السياسة الوقت والمكان له دلالات معينة تصرف في السياسة.

نحن اليوم ندرك ومن خلال وسائل إعلام الدول الخليجية الثلاثة، ومن تصريحات وزراء خارجيتهم بأن هنالك تفاوت في حدة التصريحات الإعلامية والسياسية بينهما، هذا التفاوت القليل نسبياً يرجع ربما بسبب أن دولة قطر تتدخل في شؤون إحدى هذه الدول أكثر من الأخريات، وتصريح وزير الإعلام الإماراتي الأخير يصب في هذا المنحى فقد ذكرت سكاي نيوز العربية “أن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد شدد على أهمية اتخاذ قطر “إجراءات حاسمة ” لوقف تمويل الإرهاب، والتدخل في شؤون جيرانها، واستخدام منابرها الإعلامية للتحريض والتطرف ” وذلك خلال لقاءه بوزير الخارجية الأمريكي ” ريكس تيلرسون في اليوم الأول لزيارته إلى الولايات الأمريكية المتحدة . وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” أن وزير الخارجية الإماراتي أطلع نظيره الأميركي على الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات والدول الأخرى ضد قطر، بسبب دعمها المتواصل لأفراد وجماعات متطرفة.
الأزمة القطرية مع الدول الخليجية تندرج بعد قرب دخولها شهرها الثاني إلى الحلحلة السياسية، وهذه الحلحلة هي منوطة إلى القوى الإقليمية والعالمية في المنطقة والتي لا تريد من هذه الأزمة أن تطول أكثر، لمعرفتهم أن لها ارتدادات عكسية وسلبية في منطقة الخليج العربي من الناحية الإنسانية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، فهي سوف تضعف المحور الأمريكي الذي يقابله المحور الروسي الإيراني في بلدان الربيع العربي. الأسئلة التي طرحتها في عنوان المقال (كيف ومتى ولماذا) هي محاور حل هذه الأزمة.
أولاً: الكيفية هنا تكون بكيفية إرضاء الأمريكي، الذي جاء إلى الخليج ورجع بمليارات الدولارات، لم يحظى بشي حسب مراقبين بالمال القطري، فجاءت الصفقة القطرية الأمريكية الأخيرة، والتي تم الإعلان عنها بشراء دولة قطر طائرات أف 15 الأمريكية بقيمة 12 مليار دولار، والإعلان عن مناورة بحرية بين البحرية الأمريكية والبحرية القطرية وهي تمهيداً لإنهاء الأزمة مع أخذ في الاعتبار بعض التعهدات من الجانب القطري تأخذ بالاعتبار مخاوف وأسباب قطيعة الدول الخليجية الثلاثة لدولة قطر.
ثانياً: متى بالتحديد تنتهي هذا الأزمة. حينما بدأنا بكيف يأتي الوقت في المرتبة الثانية، والوقت هنا يتحدد بمدى رضى الدول الخليجية الثلاثة عن قطر، وقدرت أمريكا وفرنسا وبريطانيا إقناع هذه الدول بطي هذا الخلاف الخليجي وبدء صفحة جديدة في العلاقات بينهم. طبعاً هذه الدول وأقصد التي تربطها علاقات اقتصادية قوية مع قطر لا تريد عزل قطر عن محيطها الخليجي فهي تدرك أن هذه الأزمة إن طالت فهي ستغير من التموضع القطري الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
ثلاثاً: لماذا الأزمة الخليجية إلى الحل قريباً؟ الجواب مرتبط بالكيفية التي ذكرتها، فبعد الرضى الأمريكي والذي تمثل بصفقة طائرات أف 15، والتي حسب كثير من المحللين رسالة أمريكية بأن قطر مازالت حليفاً قوياً لها في المنطقة، وإدراك القطري أن الرضى الأمريكي هو بوابة رضى الباقين، فهي الحليف الاستراتيجي لهم جميعاً.
إن كلفة بقاء هذه الأزمة ستكون كبيرة على المحور الأمريكي في المنطقة، فهي ببسطة ستخلط الأوراق العسكرية في سوريا واليمن، وهذا بدوره يضعف محاور القتال فيها ويقوي المحور الروسي الإيراني في سوريا واليمن كما قلنا.
طبعاً هذه التحليلات السياسية لا يهتم لها المواطن الخليجي، فما يعنيه من هذه الأزمة هو النسيج الخليجي الواحد الذي يراه يتمزق أمام عينه عبر وسائل الإعلام وتصريحات ساسة أقطاب هذه الأزمة، وبات الخليجي يترحم على كلمات من أنشدوا طوال فترة مجلس التعاون الخليجي بأن خليجنا واحد وشعبنا واحد.
هذه التحليلات السياسية التي تقوم على أساس المصالح المشتركة هي بعيدةً عن هواجس المواطن الخليجي البسيط فهل يدرك ذلك زعماء الخليج. نحن الخليجيون وأنا أولهم نتمنى أن تنتهي هذه الأزمة من خلال البيت الخليجي، وأن لا يتم تدويلها، وتكون ضمن حسابات خارجية ومساومات مالية، وأتمنى كذلك أن تنجح الوساطة الكويتية والعمانية والعربية في إرجاع الأمور إلى سالف عهدها وفق توقفات خليجية تبعد المكون الخارجي من الولوج أكثر في هذه الأزمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى