عاد سبتمبر، وعادت معه عبق الدفاتر ورائحة الديون!

بقلم : علي بن سالم المجيني
تربوي وخبير تخطيط
وفقتُ في خريف صلالة هذا العام بحضور خطبة صلاة الجمعة مع الشيخ عبدالله الشحري، وهي ليست المرة الأولى، بل قد تعدّت الرابعة أو الخامسة ، وإذا استمعتَ إلى خطبته، فكأنك تقرأ كتابًا كاملًا، رغم أن خطبته لا تتعدى نصف ساعة.
في خطبته الأولى، كان هناك شق جميل، أما في الخطبة الثانية، فقد اختتم حديثه بالتذكير ببداية العام الدراسي، وما يصاحبها من تخوف الآباء، وكيف يجهّزون أبناءهم تجهيزًا يليق بهم أمام زملائهم الآخرين ، كما تحدّث عن السعي للتخفيف عن هذه الفئة، وإدخال الفرح إلى قلوب أبنائهم، وفتح مبادرة التبرع خلال ذلك الأسبوع، بهدف تجميع مبلغ مالي مناسب لدعم هؤلاء الطلاب وتوفير احتياجاتهم المدرسية.
من المؤكد أن المبلغ لا يكفي مجموعة كبيرة من الطلبة في المحافظة أو المنطقة أو البلدة، فهناك قسم يعاني ظروفًا مادية صعبة ومتعددة، تجعل الأب يتحمّل عبء تجهيز أبنائه، وقد يلجأ عدد غير بسيط إلى الديون ، فهناك الملبس، والدفاتر، والأقلام، والشنطة، وملابس الرياضة.
إنها فترة معاناة للآباء، كغيرها من الفترات مثل الأعياد والمطالبات اليومية أو الحياتية لأبنائهم وأسرهم.
لكن وسط هذه المعاناة، هناك فرق الخير المنتشرة في ربوع عماننا الغالية، والتي تعمل بصمت، ليلًا ونهارًا، تمد يدها دون أن تفضح المحتاج، وتصل إلى العفيفين الذين لا يسجلون أسماءهم في قوائم المساعدات.
هؤلاء هم أبطال المجتمع الحقيقيون؛ لا يلبسون عباءات خارقة، لكنهم يملكون قلوبًا عظيمة.
تعدّد هذه الفرق والمبادرات ليس ترفًا، بل ضرورة إنسانية واقتصادية. فكل مبلغ يُدفع، حتى لو كان يسيرًا في هذه الفترة، هو استثمار في راحة أبٍ، وابتسامة طفل، ومستقبل وطن.
رائحة الكتب الفاخرة عطرة، والملابس الجديدة زاهية، منها يفرح الأبناء، ويركّزون على سنتهم الدراسية وما تتطلبه من تحصيل، والوصول إلى مراتب التفوق والنجاح ، فلا تستهينوا بهذه الفترة، فهي اختبار حقيقي للتكافل المجتمعي.
فلنمدّ أيدينا، لا لنوزّع دفاتر فقط، بل لنوزّع طمأنينة، وكرامة، وأمل. فانشر هذه الدعوة بين الناس، فأنت مساهم بها، فالداعي إلى الخير كفاعله.



