المقالات

الأمن الوطني يبدأ منك

بقلم: ياسر الشبيبي

للتقنية المتجددة فوائد متعددة؛ بل هي أكثر من ذلك بلغة الأرقام والقياس؛ فإيجابيات العصر الرقمي والثورات الصناعية المتلاحقة مجال واسع لا يمكن حصره بسهوله؛ ولست هنا بصدد الإسهاب في الحديث عن تلكم الفوائد أو حتى عن المساوئ والمخاطر التي نتجت عن ذات التقنية وذات الثورات؛ وإنما يكفي الإشارة هنا إلى جانب واحد يتعلق بتأثير تقنية المعلومات والاتصالات على الأمن الوطني ووحدة المجتمع.
فليس بخافٍ على المتخصصين والخبراء ما تقوم به بعض الدول من تأسيس جيوش إلكترونية ذات إمكانيات مادية هائلة تستخدم التقنيات العابرة للحدود والقارات؛ لتحقيق أهداف مقيتة ضد أقرانها وجيرانها من الدول والشعوب؛ وهذا ما يستوجب وقفة حازمة وصارمة من الجهات المعنية، ومن جميع أطياف المجتمع بما في ذلك وسائل الإعلام التقليدية والحديثة؛ ومن المتخصصين والمؤثرين عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ بل وحتى المستخدم البسيط في العالم الافتراضي عموما.
ومما لا شك فيه بأن السلطنة تتعرض منذ فترة طويلة لهجمات سيبرانية مستمرة ومأجورة من بعض الجهات الخارجية التي تستهدف تشوية صورة السلطنة وسياستها الحيادية الحكيمة، والمساس بالعراقة المتجذرة في مجتمعنا العماني الأصيل؛ ناهيكم عن بث الشائعات والأكاذيب والأخبار الملفقة التي تسعى من خلالها إلى: الإضرار بالاقتصاد الوطني، وتفتيت وحدة الصف العماني عبر إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية أو القبّلية أو غيرها من نعرات.
إن التصدي لتلك الهجمات الشرسة تبدأ من الفرد إلى الجماعة؛ فالمستخدم والمستفيد من تقنيات العصر عليه أن يكون مستخدما واعيا، وذا معرفة تامة بما سوف يتعرض له بين ثنايا هاتفه اللوحي من كل ما هو “غث وسمين” وهذا الأمر يعتبر من أساسيات المواطنة الرقمية التي هي عبارة عن تطبيق عملي للمواطنة المتعارف عليها ولكن هذه المرة ستكون مواطنة رقمية في عالم افتراضي من الرموز والتطبيقات والمواقع والمتصفحات وشبكات التواصل الاجتماعي بكل ألوانها وشعاراتها البراقة.
على المواطن العماني الذي قرر أن يخوض عباب ذلك البحر الرقمي المتلاطم أن يعي بأن له تأثيرا بالغا في الأمن الوطني وفي الحفاظ على الوحدة العمانية؛ وذلك من خلال تفعّيل الرقابة الذاتية على نفسه وعلى كل من هم تحت مسؤوليته؛ فلا يكون سببا في نشر الشائعة وفي الترويج لأفكار هدامة خفية عبر تمرير كل من يصل إليه من معلومة أو صورة أو مقطع أو حتى فكرة أو طُرفة مدسوسة يراد منها ما هو أبعد من رسم الابتسامة.
في المقابل؛ فإن على الجهات المعنية أن تبقى متيقضة وساهرة على أمن هذا الوطن الغالي كما عهدناها دائما وأبدا؛ وعلى المؤسسات الحكومية والرقابية والتنفيذية والقضائية أن تسارع نحو تفعيل دور المتحدث الرسمي والحرص على أن تكون حاضرة –وفي وقت قياسي- كمصدر موثوق للمعلومات؛ ولعل ما تقوم به شرطة عمان السلطانية أبلغ مثال على ذلك؛ فلا تكاد تشاهد مقطعا أو خبرا ملفقا إلا وتنبري له الكوادر الشرطيّة المؤهلة بالتصحيح والتعديل والتحذير والتنبه؛ الأمر الذي يساعد على وأد الشائعة قبل أن تبلغ مقصدها.

حفظ الله عمان… أرضا وشعبا وقائدا، والسلام ختام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى