المقالات

بين “قابوس” و “لي كوان يو”

بقلم: الكاتب الكويتي علي العنزي

بعد سنوات من التخلف وانتشار الجهل والمعاناة؛ وقف “لي كوان يو” عام 1965م وألقى خطابه الأول معلناً بداية العمل لنهضة حديثة في سنغافورة بعد انفصالها بشكل رسمي عن ماليزيا واستقلالها.
بعد خمس سنوات من ذلك المشهد؛ وفي أقصى الجنوب الشرقي للجزيرة العربية حدث مشهد مشابه، حيث وقف “قابوس بن سعيد” مخاطباً شعبه لأول مرة، معلناً بداية العمل لعصر النهضة الحديثة في عمان، بعد سنوات صعبة واجه فيها العمانيون التخلف والجهل.
ومع اختلاف الظروف واجه الزعيمان تحديات كبيرة، ففي عمان بدأ السلطان الشاب بإعادة ترميم الوحدة العمانية على المستوى المناطقي والجغرافي والقبلي والفكري، واجه تحديات تفوق حجمها ثقل جبل سمحان، لكن قابلها بعزيمة أكبر وأصلب من الجبل الأخضر، فبنى عمان طوبة طوبة، فشيد الحجر والإنسان، واستثمر في الأجيال الناشئة عبر التعليم والبعثات، واهتم بالكبار فأنشئ المستشفيات والمصحات، وعمل على تغذية العقول والأفكار عبر المدارس والمعاهد والكليات.
أصبح “لي كوان يو” الذي حكم سنغافورة لمدة ثلاثة عقود أيقونة لبلاده، فقد عمل على بناء بلاده من الصفر، تماماً كما فعل السلطان الراحل الذي يعتبره العمانيون رمزاً وطنياً لبلادهم، وبعد أن استلم “جو شوك تونغ” الحكم خلفاً لكوان، بدأ العمل على إصلاح الوضع المالي، فبدأت نهضة سنغافورة الحقيقية نحو تنويع مصادر الدخل والاهتمام بالاقتصاد الصناعي والتجاري والمالي، وهذا ما يحدث الآن في سلطنة عمان، فبعد أن استلم جلالة السلطان “هيثم بن طارق” الحكم خلفاً للسلطان قابوس؛ عمل على تجديد النهضة القابوسية من الناحية الاقتصادية والمالية والتجارية، لتقويم المسار المالي لعمان نحو الطريق السليم، ولأن جميع مسارات الطرق صعبة فيواجه السلطان هيثم التحديات بعزيمة تضاهي في رسوخها سلسلة جبال الحجر قاطبة، وفي ثباتها سلسلة جبال ظفار الشامخة.
في عام 2015م حمل السنغافوريون جثمان أيقونتهم “لي كوان يو” إلى مثواه الأخير، فعزموا على المضي قدماً ليكملوا ما بدأه، وبعد خمس سنوات من ذلك التاريخ حمل العمانيون جثمان رمزهم “قابوس بن سعيد” إلى مثواه الأخير، لكن دفنوه في قلوبهم، ليظل تاريخ ميلاده في (18 نوفمبر) رمزاً وطنياً لعمان، تحتفل به بالعمل بما كرسه في نفوسهم، ليسيروا بكل عنفوان وعزيمة خلف قائدهم المجدد السلطان هيثم بن طارق” الهمام الذي أوصى به الرمز قابوس بن سعيد، فهنيئاً لعمان وللعمانيين يومهم الوطني الخالد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى