المقالات

حرائق الربيع لم تنبت ورداً

بقلم: منى المعولية

بالمعلن أو المبطن، بالمتقن أو الركيك، لم يعد يخفى على أحد سير الأمور على المستوى العام في الوطن العربي كافة نحو الانفجار اللامرغوب، ولست من باب التطرف أو التحيز لوضع ما أقول هذا، وليس على سبيل التنظير أو التكبير ولا على سبيل التقزيم أو القدح في تحركات الشعوب العربية أو ما كان يسمى بالربيع العربي، ولست أعلم عن أي ربيع وقتها كنا نتكلم، لاجدل ولاجدال أن تحركات الشعوب عبر التاريخ اتخذت وأنتجت ايجابيات عدة، وحققت بعضها كالثورة الفرنسية ايجابيات القيم التي كانت تدعو إليها كالعدالة والمساواة وفصل الدين عن السياسة وغيرها مما طرح وقتها من مجلس الشعب والمجريات والأحداث التي سارت حول خلاف الملك مع مجلس الثورة، وحمام الدم الذي سقى فرنسا كلها وانتشار الغوغاء وقتل الكثير من الطبقة المنتفعة والمقربة من الملك بأسلوب بربري موحش واستمرارية كل تلك الفوضى والتي افضت إلى قطع رأس لويس السادس عشر و زوجته ماري أنطوانيت من بعده، في احداث تاريخية أقل ما يمكنني وصفها في الوقت الحالي بالمريعة والفظيعة، فهل نجحت الثورة في وقتها؟ نعلم أن الثورة تبعها ثورة مضادة أعادت الحكم الملكي بعدها ومرت فرنسا بالعديد من الانتكاسات حتى وصلت للعهد الحالي، هذا ما عانته أنجح ثورة في التاريخ فما بالك بالأخرى؟!

نعود للوطن العربي بعد ربيعه المنسكب المنبثق من شرارة الفقر وصرخة الألم من محمد البوعزيزي في تونس وإن كانت تونس هي الأوفر حظا من بين الدول كلها بسرعة تنازل زين العابدين بن علي عن الرئاسه وهروبه بعدها أو بالمصطلح السياسي المستحسن ” لجوئه” وتوالي الثورات العربية في بعض الدول والاحتجاجات في بعضها الأخر و لكن!!!!

ماذا حصد العالم بعدها؟ لنحلل سويا بعين الواقع والمتاح ولنتجرد من العاطفة والتعصب الفطري لمواقف الشعوب.

من بعد عام ٢٠١١م جاء انتشار الإسلاميون، وما أنتجته هذه الحركة التي تسلقت على أكتاف الثوار وانتشرت بحجة اعادة تقييم الدولة والأمة لتقود الشعوب بعمى آيدلوجي لتتخاصم الشعوب مع دواخلها

وتحطم الكثير من الدول العربية التي أصبحت بحيرات للدم والقتل والخلافات الداخلية وانتشرت فيها الغوغاء والفصائل المسلحة والسرقات والقتل إلى اليوم كما حدث في سوريا وليبيا واليمن على سبيل المثال

هذا إن دل على شيء فهو يدل للأسف أننا نحن العرب لانثور لأجل الإنسان والإنسانية هي الحل الأوحد لتحرير الشعوب من ربقة الفكر المتطرف والذي ينظر للمخالف له بطريقة سيئة وما هو إلا أداة لترسيخ الفكرة الهووية التي تجلد مخالفيها كعودة الإسلام السياسي مع عودة هذه التيارات المتشددة والتي زجت بالشعوب إلى جدالات لاعلاقة لها بها، لذلك ينظر الغرب بعين القلق على كل تغيير وقلقلة تحدث في شرقنا الأوسط، لأنهم مدركون للأسف أن الثورات العربية ليست نابعة من مفهوم الوعي والنضج والادراك بل من منطلق الهويات القاتلة كتلك التي ترتكز على القبلية أو الطائفية أو المذهبية والتي تمحو فيما بعد انطلاق الثورات الغايات الأساسية من انبثاق الثورة والناتجة من الاحتقانات المتراكمة حتى تصل للانفجار.

لذلك وبعد التجربة التي مررنا بها أصبحت لا أميل للسخط الشعبي الذي قد يحرق ويدمر كل شيء في لحظة واحدة ولكننا سنبقى ندفع تبعاته أعوام عدة.

تماما كما انتشر الإرهاب العالم اليوم والتطرف وخلايا اخرى أنتجتها تلك الحراكات التي شاملتها ظروف أخرى وغذتها مغذيات سامة لخلق نوع من الفوضى وعدم الاستقرار.

وفي مجريات أحداث ٢٠١١ في عمان، وبالرغم ان هناك من استبشر ببذرة التغيير واعلاء صوت المواطن وبعض ما كنا نعتقده ايجابيا يومها، ولكن للأسف أنت وأنا وهم وهن ونحن جميعا اليوم ندفع ثمن تلك الأيام القليلة، وإن كان هناك من يتسائل ما هي الأضرار التي حديت؟
وأي ثمن نحن ندفع اليوم؟

سأقول له اقرأ معطيات التاريخ والأحداث وابحث جيدا والزمن سيتكفل بالإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى