اتجاهات

سيكولوجيا الالحاد

بقلم:حميد المجيني
اختصاصي علم النفس والإرشاد النفسي

ان الحديث عن ظاهرة الألحاد ومحاولة التطرق الى بعض الاسباب المؤديه له وبالتحديد المسببات النفسيه ؛ هو أمر في غاية الأهمية ، من خلال الواقع الذي نشاهده من أقوال وأفعال لدى البعض الذين تجرأوا واصبحوا يناقشون بوجهات نظر لا يقبلها العقل ، والتي تؤثر للأسف على بعض الفئات العمرية التي لم تتكون لديها قاعدة متينه يستطيعون من خلالها تميز الخطأ من الصواب .

وفي المقابل هؤلاء يصعب عليهم ان ينكروا المبدأ الالهي بعقلهم لان الله سبحانه وتعالى ساطع بآياته وبيناته في هذا الكون وفي كل مكان ممكن ان تتخيله ، وفي قوله تعالى “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ “ فصلت /٥٣
فالانسان سواء نظر في الافاق او نظر في نفسه يدرك وجود إله صانع عليم حكيم لهذا الكون ، لان هذا الشي من المسلمات والبديهيات وواضحه جدا ، ولكن بعد كل هذا ما سبب انكار هذا المبدأ الواضح كالشمس في حياتنا !!!!…

لعله من ممكن هنا ارجاع المعيار النفسي المسبب لذلك ولو تغلف بشكل معرفي او فلسفي او علمي أو ما يسمى بالمنطق أوالعقلانية العلمية ، لان هذا الامر يظهر من خلال الاقتداء بما يطلق عليهم رموز الإلحاد او اصحاب النظريات الفلسفيه ولكن من خلال النقاش مع بعض رموز الالحاد الذين كانوا مسلمين ندرك ان مشكلتهم نفسيه واضحه وتتبين رغبتهم في التحرر من انفسهم او من كل شي ، وهذا ما يمكن القول ان الرغبه في كسر القيود وعدم التكيف الذي يقودهم لفبركة الادله العلميه ليقنعوا انفسهم في ذلك ، حيث ان الله تعالى يقول في كتابه العزيز “ بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ”القيامه /٥ .

وهذه القضيه خطيره في عمليه نكران وجوب اليقين بقدرة الله جل جلاله على بعثهم ومحاسبتهم ، لان الفجور بمعناه الدال عليه هو الخروج عن طاعه الله بما لا يقبل عقلا ولا شرعا.

ان الدوافع للإلحاد لم تكن دوافعا علميه من اجل الاكتشاف او غيرها ، وانما كانت ازمات نفسيه ، و لو تتبعنا وقرأنا سيرة اغلب الملاحده لوجدنا اغلبهم من ذوي علاقات اسريه مفككه وتعرضوا الى قساوة المعامله في فترة طفولتهم او مراهقتهم ، وكذلك البيئه المحيطه بهم دفعتهم الى التخلي والتحرر عن المبادئ والقيم المكتسبه ، وكذلك الاحداث السلبيه في حياتهم ، حتى ولو كانت من الماضي ولم يستطيعوا التخلص منها او التصالح معها لأثرت بشكل مباشر على توجيههم واصرارهم على تبني هذه الافكار التي تطرقنا لها سابقا .

مما يقودنا الى ان البعد النفسي له دور كبير في قرار الألحاد كما انه يعتبر العامل الاكثر تأثيرا في اتخاذ هذا القرار والاستمرار فيه ؛ لان الانماط السابقه التي مروا بها والتي تتضح من خلال كتاباتهم او اقوالهم قد تؤدي الى استنتاج واحد وهو حرمانهم من السعاده والكفاءه الاجتماعيه واحترام الذات،واتجهو للالحاد ونكران وجود اله خالق قاهر قادر يقول للاشياء كن فتكون.

وبالرغم من ذلك ،هناك امثلة عديدة من العلماء على مستوى العالم العربي او على النطاق العالمي من اشتهر بالحاده او عدم تعمقه في الدين الذي هو يؤمن به وبفضل القدر الذي وصل له من العلم توصل هو وعلى يقين بأن هناك اله يقوم بكل تلك الاعمال التي من غير الممكن و وفق كل الادلة العلمية والمنطقية العقلية ان يقوم بها احد اخر او هي وجدت بتلك العبثية التي يؤمن بها الملاحدة انفسهم
وخير مثال الدكتور والعالم العربي مصطفى محمود الذي زخرت بمؤلفاته المكتبة العربية والتي جاءت جلها في العلم و التوصل الى حقيقة الربط بين العلم والدين واشهر برنامج معروف عنه هو العلم والايمان وعلى مدار اكثر من عشر مواسم كان يقودنا الى ان الاعجاز في الانسان والحيوان والنبات و الحشرات و الطيور و الظواهر الطبيعية مردها الى وجود الله و استدلاله بآيات معجزات من القران الكريم والسنة النبوية الشريفه ، وكتابة المعروف ” حواري مع صديقي الملحد ” الذي الجم به كل ملحد متنكر مشرك و بنفس المنطق وفاق عليه و يرد فيه خاصة على أسئلة لملحدين عن الدين الإسلامي، وعن تساؤلات مادية قد يطرحها العقل البشري في فترة ما وهو حوار فكري مع ملحد متخيل .

وفي الختام لابد من اعادة النظر في المناهج التعليمية بحيث يتم زيادة جرعة الجانب المتعلق بالعقيدة وتغليفها بأمثلة تتحدث عن الحياة الحالية المعاصرة و المستقبلية و التي حازت بالانفتاح غير المقنن للمعارف و العلوم و الاراء وقد تصطدم مع معتقدنا الديني الاسلامي وهذا يعود الى عوالم التكنولوجيا والاجهزة التي تكون في آيادي ابناءنا و بضغطة زر واحد يكون كل العالم بمحاسنة و مساوئه وما اكثرها بين يديهم

كذلك دور المساجد و الاسرة و المؤسسات الاعلامية المختلفة و تجنب الرسائل التقليدية و ابراز الوسائل الحديثة التي تؤثر في عقول ابناءنا والابتعاد عن القوالب القديمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى