المقالات

الرب الامريكي والبسطاء

بقلم: إبراهيم عطا

عندما كنا صغارا كنا نعتقد ان الله ينتقم من بعض الاشخاص فيرزقهم اطفالا يعانون من الاعاقات ومن الامراض المزمنة وذلك عقابا وقصاصا لما فعلوه بالاخرين من اذى وضرر، وهو ما كان يردده ويصدقه الجهلاء والبسطاء…ولكن هل يعقل أن يقوم الرب الغفور الرحيم بقتل االاطفال او ايذائهم وتعذيبهم بسبب ما قام به والدهم من سيئات وضرر للاخرين؟…
ونفس هذه الفكرة تنطبق على ما تقوم به الولايات المتحدة الارهابية ومن خلفها الغرب التابع وبقية العالم الخانع، عندما يقومون بمعاقبة شعوبا باكملها عبر فرض العقوبات الاقتصادية المدمرة والحصار الخانق، والذي يتسبب بنقص الغذاء والدواء، بذريعة أن هذا الرئيس او الحاكم الذي لا يروق لهم ولا يتبعهم، انما هو دكتاتورا قامعا للحريات ومنتهكا لحقوق الانسان في بلده ومعاديا للديمقراطيات في بلادهم، فهذا أيضا كلام غير منطقي ولا يمكن ان يقبله العقل او يصدقه الا الجهلاء والبسطاء…
فلو نظرنا الى أي من الدول التي تعاني من الحصار والعقوبات الأمريكية حاليا، بدئا من كوبا وفنزويلا، مرورا بكوريا الشمالية وايران، وصولا الى سوريا ولبنان وغيرها، وبغض النظر عن رأينا بسياسة النظام الحاكم في هذه الدول، فمن المؤكد أن الرئيس او الحاكم هناك لن ينام جائعا او عطشا، ولن يصيبه الارق والقلق بسبب قلة الطعام والدواء لعائلته وابنائه كبقية الناس…
وفي الماضي القريب شهدنا التجربة المريرة في كل من العراق وليبيا، فمن كان يعاني فعليا من تطبيق الحصار والعقوبات هو المواطن العادي البسيط، خاصة من النساء والأطفال والمرضى، بغض النظر عن الانتماء الحزبي او التوجه السياسي لهم، وكانوا بمثابة الضحية الاولى والأخيرة لهذا العمل الجائر والاجراءات اللاانسانية المفروضة على الشعب و مؤسسات الدولة…
وهنا يأتي السؤال، إذا كانت هذه هي سياسة الولايات المتحدة الارهابية المبنية على الغطرسة والبلطجة السياسية والأرهاب الاقتصادي، لماذا تقوم الدول الأوروبية “المتحضرة” بدعمها والسير في ركبها بصمت لتنفيذ مثل هذه الجرائم؟..
واذا كانت اوروبا متواطئة معها بسبب مصالحها مع امريكا والتي لا تعرف الانسان ولا الانسانية عندما يتعلق الامر بمصالحها الذاتية، فماذا نقول عن تأييد ومشاركة الانظمة العربية التي تسارع في تطبيق هذه الإجراءات اللااخلاقية؟..لا يوجد هناك سوى إحتمالين، الأول إما لانهم من البسطاء الجهلاء الذين يرون بامريكا “الرب الذي يذل من يشاء”، وإما لأنهم عملاء لامريكا ومستعدون دائما للسير في جرائم معاقبة الشعوب باسم الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، من أجل ابقائم على الكراسي…
والسؤال الأخير لماذا لا نسمع ابدا عن عقوبات امريكية او اوروبية على “مستعمرة اسرائيل” إن بسبب برنامجها النووي او بسبب خرقها للقانون الدولي او لعدم تطبيقها قرارات مجلس الامن و..و…؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى