المقالات

حظوظ الدبلوماسية العمانية في عهد بايدن

بقلم:محاد الجنيبي

(@mahadjunaibi)

تتمتع السلطنة بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بدء من العام 1833م بتوقيع المعاهدة العمانية الأمريكية والتي استبدلت لاحقا في العام 1958م بمعاهدة أخرى للصداقة والعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية وحتى يومنا هذا.
غير أن هذه العلاقات ليست مبنية على الممارسات السياسية فقط كما هو الحال بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة وإنما هناك مقومات عدة تجعل من السلطنة حليفا استراتيجيا للإدارة الأمريكية والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
1. الموقع الجيوسياسي للسلطنة.
2. الموقع الجيواقتصادي للسلطنة.
3. الحياد العماني الإيجابي التي اكتسب الثقة الإقليمية والدولية.
4. العمق التاريخي للسلطنة وعراقة الأسرة الحاكمة.
5. المبادرات العمانية في حلحلة الملفات الساخنة وخفض التوتر الإقليمي.
هذه العلاقات بدورها تتمايل بين مد وجزر نتيجة تغير الإدارات الأمريكية في البيت الأبيض، فالإدارات المحافظة تختلف في ممارساتها السياسية عن الإدارات الديموقراطية، حتى وإن كانت الاستراتيجية الأمريكية ثابتة في بسط الهيمنة على العالم حفاظا على الأمن القومي الأمريكي ،إلا أن التكتيكات المتبعة من قبل إدارة وأخرى في البيت الأبيض هي التي قد تختلف لتحقيق هذه الاستراتيجية، الأمر الذي قد ينعكس سلبا أو إيجابا على علاقات الولايات المتحدة بالدول الأخرى، و على الرغم من ذلك نجد أن السمة الغالبة على العلاقات العمانية الأمريكية هي الاتزان، لاسيما في ظل قدرة القيادة السياسية في السلطنة على إدارة التحديات التي تطال هذه العلاقات من وقت لآخر.
ورغم الاتزان الواضح في العلاقات العمانية الأمريكية بشكل عام، إلا أننا نجد أن هذه العلاقات تكون أكثر عمقا وفاعلية مع الإدارات الديموقراطية التي تؤمن بالأمن الجماعي و حقوق الإنسان ،بخلاف الإدارات المحافظة التي تجعل من المصلحة الأداة الرئيسية في علاقاتها الدولية، أيا كانت الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق هذه المصلحة، و لعل أصدق برهان على التناغم العماني مع الإدارات الديموقراطية هو ملف الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، والذي هو في ذات الوقت برهان أيضا على كيفية تعاطي الإدارات الأمريكية المحافظة في مثل هذه الملفات، فإدارة ترامب المحافظة لم ترى في الملف النووي الإيراني أي مصلحة، ولذلك تخلت عنه.
والآن في ظل الإدارة الديموقراطية في البيت الأبيض فإن فرص الدبلوماسية العمانية في تعميق علاقاتها بالولايات المتحدة تبدو أكثر حظا، لا سيما وأن السلطنة تقع في منطقة تعيش اضطرابا سياسيا وأمنيا وتعج بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولا شك أنه وفي مثل هذه المناخ المضطرب ستتقارب الرؤية العمانية المحبة للسلام مع الرؤية الأمريكية الديموقراطية المؤمنة بالأمن الجماعي، لا سيما في ظل تعدد الملفات الساخنة على الساحة الإقليمية والدولية مثل الأزمة اليمنية والملف النووي الإيراني.
علاوة على ذلك فإنه من الجيد أن يأخذ التقارب السياسي في العلاقات مع الولايات المتحدة طابعا اقتصاديا، فلا تبدو هناك إستفادة اقتصادية واضحة من هذه العلاقات بقدر ماهي سياسية وعسكرية وأمنية، وعليه نرى أنه من الأصلح للسلطنة أن تسعى لعمق اقتصادي أكبر مع الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن الديموقراطية، التي تمثل مناخا معتدلا أكثر لتطوير العلاقات العمانية الأمريكية في شتى المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى