وهج الحروف

ياوارث من يرثك

كان يا ما كان في حوادث الزمان أن طاعوناً (جائحة) أصاب مصر الكنانة وماتوا حوالي ١٠٠ ألف شخص، منهم أم السلطان.

حتى أن القُضاة لم يستطيعوا أن يوزعوا التركة على الورثة، لأنهم يموتون تِباعا.
المصريون حينها أطلقوا هذه الحكمة أو المثل ( يا وارث من يرثك) .
‏(المؤرخ ابن إياس)

‏يقول ابن كثير، سنة 478هـ:
‏” كثرت الأمراض بالعراق والحجاز والشام، وماتت الوحوش في البراري، ثم تلاها موت البهائم، وهاجت ريح سوداء، وتساقطت الأشجار، ووقعت الصواعق.

ثم أمر الخليفة: المقتدي بأمر الله بتجديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكسر آلات الملاهي، ثم انجلى ذلك.”

القاسم المشترك والحل الإلهي والنبوي الذي دعى إليه أهل العلم والعلماء في كل حوادث الزمان وخاصة ( الجوائح ) هو الرجوع إلى الله، والتضرع لرفع هذا البلاء عن الأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وردُ المظالم إلى أهلها و التآخى و الدعوة إلى الأخلاق الإسلامية السمحة، ومحاربة الفساد والفاسدين والمفسدين.

هذا قبل…
أما بعد..

حوادث الزمان والتاريخ عبر ودروس، تدل العاقل الواعي على فهم الأسباب التى أدت إلى انهيار الحضارات والدول والمجتمعات، حتى يتجنب المٱلات الكارثية.

الحقيقة الثابتة هي أن سوء الأخلاق تؤدي إلى كل جائحة من جهلٍ وفيروسات و ظُلم ثم انهيار الحضارات والدول.

قد يقول قائل، فما بال الذي يقودُ العالم اليوم، وأخلاقهم كلها تدور حول القوة والمصلحة والهيمنة!؟.

الجواب من وجهة نظري:
لأنهم اعتمدوا التعليم المتجدد بقوانينه ومناهجه ومعلميه ومؤسساته المختلفة، واعتماد برامج رعاية المواهب وتمويل ابداعاتهم، بل واستقطاب العقول المهاجرة، وتخصيص موازنات كبيرة جداً سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة حرصاً على ديمومة تطويره. ومكافحة الفساد، والدعوة إلى تطوير وتيسير قوانين القطاع الثالث ( العمل التطوعي) ، وغرس قيمة الولاء للوطن وتاريخه، من خلال الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، واحترام حرية العقائد والشعائر الفكرية والدينية دون أية عوائق تذكر.

ومع ذلك هذه الحضارات لها عمر محدود، انهار بعضها أخلاقياً وبعضها يبدو أنها في بداية النهاية.

‏لأن منظومة الأخلاق والسلوكيات المخالفة للفطرة الانسانية والتشرد والتفكك الأسري والاجتماعي والدعوة الى الإلحاد.
لاشك ولا ريب ستكون سبباً في انهيارها عاجلاً أم ٱجلاً!.والأيام دول.

الحضارة الإسلامية ستبقى وإن مرضت وإن ضعفت، بأخلاقها السمحة، لأنها منهج حياة، تستوعب الفرد والعائلة والمجتمع والحضارات.

أخيراً …

اجمل المؤرخ والفيلسوف البريطاني توينبي صاحب نظرية “ *التحدي والاستجابة”الأسباب التي تربط بين سقوط الحضارات وتحول الاقلية المبدعة إلى فئات مستبدة وعاجزة، *في ثلاثة أمور :
١) فشل العقول المبدعة الخلاقة في الاستجابة للتحديات، بسبب إهمالها من قبل النظام.
٢) فتور الإيمان وضعف الهمة لدى الشباب والمجتمع بسبب سياسات الإقصاء.
٣) ضياع الوحدة الاجتماعية بسبب انهيار منظومة الاخلاق.

ختاما…

قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين

” يَجِبُ الحذرُ من أن يكونَ الإنسانُ من الحثالةِ التي كحثالةِ الشعير أو التمرِ و أن يحرصَ على أمرِ اللهِ حتى لو كان الناسُ قد هلكوا فإنهم إن أصيبوا بالعذابِ العامِّ ، فإنه يُبعثُ كلُّ إنسانٍ على نيَّتِه يَوْمَ القيامة” .

قال تعالى:
﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

حفظ الله عمان وسلطانها وشبابها من الفتن وأهل الفساد والمفسدين المخذولين.
اللهم أعز عبدك السلطان هيثم – حفظه الله ورعاه – بطاعتك واكفي عنه البطانة السيئة، وارزقه البطانة الصالحة التي تعينه على أمور الدين والدنيا، يارب العالمين.

(ابوخالد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى