المقالات

القيادة… وتأثير الفراشة

بقلم: نعيمة البيماني

هل تصدق بأن رفرفة جناح فراشة في الصين قد تتسبب في احداث اعاصير في البرازيل؟!

في كثير من الأحيان تكون للقرارات الصغيرة في حياتنا اثر كبير في احداث تغييرات كبيرة. ثمة كلمات نطلقها يوميًا لمن حولنا سواء بقصد او بالصدفة قد تحدث تغييرات كبيرة بعد فترة من الزمن على سلوكياتهم ومعتقداتهم! فهل خطر ببالك ان تلك الكلمات هي من حولت مجرى حياتهم؟

مصطلح “تأثير الفراشة”، وهي نظرية فلسفية فيزيائية، ابتكرها العالم الامريكي ادوارد لورنز، عالم رياضيات وارصاد جوية و أحد رواد “نظرية الفوضى”، عندما كان يدخل بيانات الطقس في حاسوبه الخاص بطريقة تقريبية مستبعدًا الاجزاء العشرية، ثم لاحظ كيف ان تلك الارقام العشرية المستبعدة-رغم صغرها- أدت الى حدوث تغيير كبير في النتيجة عند عملية تشغيل البيانات!

نظرية الفوضى تقوم على مبدأ ان كثيرًا من الظواهر اذا تغيرت فيها الشروط الاولية فانها تحدث تغييرًا كبيرًا فيما بعد في مكان آخر. وتنص نظرية تأثير الفراشة على ان رفرفة جناح اي فراشة في الصين قد تتسبب في حدوث إعصار في البرازيل بعد فترة من الزمن.

فتأثير الفراشة هو الاعتماد الحساس جداً على تلك الظروف الاولية والتي يمكن ان يؤدي اي تغيير طفيف فيها في مكان ما بالعالم الى احداث اختلافات كبيرة لاحقًا في مكان آخر وقد استخدمت بكثرة للتنبؤ بالطقس ومسار الاعاصير. الا انه فيما بعد اصبح المصطلح يستعار لاستخدامه في جميع نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وبتطبيق نظرية تأثير الفراشة على حياتنا الشخصية، فإن اي قرار بسيط او تغيير صغير نحدثه في حياتنا يؤثر في مستقبلنا بشكل غير مباشر.

وعلى مر التاريخ هناك شواهد تحكي تأثير الفراشة على ظواهر واحداث سطرها التاريخ. على سبيل المثال فان سبب الحرب العالمية الاولى كان اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فيرديناند. وان سبب ثورة الربيع العربي ٢٠١١ كانت صفعةَ الشرطيةِ التونسيةِ فادية كامل للشابِ محمّد بو عزيزي مما دفعه الى إضرام النار بجسده حتى الموت، ثم قامت بعدها مظاهرات في بلدان اخرى. وان سبب انتشار فايروس كورونا المستجد هو حدث صغير في احدى مدن الصين.

ولكن، كيف يرتبط هذا بالادارة في المنظمات؟

ترتبط الادارة بالمواقف المختلفة للافراد في المنظمة. فمواقف وسلوكيات الافراد سواء كانت جيدة ام سلبية تؤثر على اداء المنظمة بشكل كبير. غالبا ما يفكر القادة في تغيير او توجيه مواقف الافراد في مؤسساتهم بما يحقق الاداء المنشود.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ماهو موقف القادة من نظرية تأثير الفراشة؟

في حين انه من الصعب على القادة التنبؤ بالمستقبل وبرؤية النتائج النهائية لقراراتهم بدقة تامة، الا انه يمكنهم تقليل الغموض والعواقب الغير مقصودة من خلال اكتساب تأييد ومشاركة موظفيهم في عمليات التغيير وصنع القرار.

وبما ان القائد في قمة هرم المنظمة فانه بذلك لابد ان يتخذ اجراءات وتدابير تساعده في تنظيم الاعمال والتأثير على الموظفين. ويمكن لموقف القائد ان يغير الاتجاه التنظيمي بشكل ديناميكي وكبير بمرور الوقت. احدى المهام الاساسية لاي قائد هي التأثير في الآخرين واطلاق العنان لامكاناتهم. فمثلا بعض السلوكيات والايماءات القيادية الصغيرة قد يكون لها تأثير كبير على من حولهم؛ مثل الشكر و الثناء على الموظف، الترحيب بالموظفين، تذكر الاسماء والمواقف، قضاء اوقات معهم، وغيرها.

واخيرا، يمكن للقادة من خلال حقيقة انهم في موقع القوة والمسؤولية ان يكون لهم تأثير كبير على الاشخاص من حولهم، كما ينبغي على القادة الاذكياء استخدام هذا التأثير بشكل مدروس وانتقائي.

NaemaAlbimani@

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى