المقالات

ما هو مفهوم العملة، وماذا يعني أن الريال العماني مرتبط بالدولار الأمريكي؟

بقلم:طلال الحراصي

قبل الإجابة على هذا السؤال، دعونا نعود بالزمن إلى الوقت الذي كان الناس فيه يبيعون ويشترون بالذهب والفضة. معنى ذلك أن الذهب والفضة هي العملات المستخدمة. على سبيل المثال، قد تشتري منزلا بكذا قطعة من الذهب.
ومع تقدم المجتمعات وظهور البنوك المركزية والتجارية والإحتياطيات الفدرالية، لم يعد هناك حاجة إلى أن تحمل ذهبا أو فضة في جيبك، فالبنوك المركزية أصبحت هي التي تحتفظ بإحتياطيات الذهب مقابل إعطائك أوراقا مطبوعا تسمى العملات. وهذه الأوراق لها قيمة تساوي جميعها قيمة ما هو موجود في البنك من إحتياطي الذهب.
وفي عام 1944 للميلاد إجتمع زعماء دول العالم في الولايات المتحدة وتم إقرار الدولار الأمريكي أن يكون “الإحتياطي النقدي العالمي”. ولا توجد عملة أخرى في العالم إلى اليوم تحمل هذه الصفة.
وبالتالي تطورت الإحتياطيات فلم تعد ذهبا فقط بل تعداها مثلا إلى الإحتياطي النفطي ويقصد به ما هي كمية النفط المستخرجة والمباعة. كما أن هناك دولا يعتبر إحتياطيها عبارة عن إنتاجها الصناعي. وسواءا كان ذهبا أو نفطا مباعا أو صناعات مصدرة، فكل هذه تباع وتشترى عالميا بالدولار وتقوم الدولة بحفظ الدولار في حساباتها. وبالتالي يمكن القول أن إحتياطي الدول يكون عبارة عن مخزونها من الذهب أو الدولارات.
وعلى سبيل المثال، فإن جميع الريالات العمانية الموجودة سواء في البنوك أو المتداولة أو الموجودة في جيبك الان، يجب أن تكون قيمتها جميعا قيمة الذهب أو الدولارات الموجودة في حسابات الحكومة.
ولقد سهل وجود عملة مركزية عالمية موحدة في عمليات التجارة العالمية وإستبدال العملات. حيث أن كل عملة في العالم يجب أن يكون لها مقابل من الدولا الأمريكي.

إذا كيف يتم تحديد قيمة العملة؟
يتم تحديدها بكمية الإحتياطي من الذهب والدولارات. بمعنى تخيل أن هنك دولة قيمة إحتياطيها الموجود مليون دولار وأصدرت عملة واحدة وسمتها الدينار. يكون قيمة هذا الدينار مليون دولار. أما إن وجد هناك دينارين، فيكون قيمة كل دينار نصف مليون دولار وهكذا بحسبب عدد ما تطبعه الدولة من دنانير.
وهذا ما يحد الدول من طباعة العملات. فرغم أن كل دولة لها حرية أن تطبع عملاتها بقدر ما تشاء دون قيود عالمية، إلا أنه لا يمكنها ذلك منطقيا لان كل ورقة نقدية يجب أن يكون لها قدر مساوي من الذهب أو الدولارات.
ولتقريب الفهم، تخيل أنك سافرت إلى المملكة المتحدة وأخذت معك ريالات عمانية وقمت بإستبدالها هناك بالجنية الإسترليني. تقوم بعدها المؤسسة المصرفية بجلب الريال العماني إلى السلطنة وتطلب منها إن تعطيها بدلا منه دولارات. وهذا يعني أنه يجب أن يكون في الدولة من الدولارت ما يكفي لإستبدال أي ورقة نقدية عمانية. ولذلك لا ترغب الحكومة بطباعة أي عدد من الأوراق النقدية دون أساس إحتياطي.
ماذا يعني إرتباط الريال بالدولار وتثبيت قيمته ب 2.6 دولارا؟
بما أن السلطنة ومعظم شقيقاتها من دول الخليج العربي تبيع النفط كأهم مصادر الدخل، وبما أن النفط يباع في العالم بالدولار الأمريكي، فوجب ربط الريال بالدولار لتحقيق الإستقرار للريال. بالإضافة إلى ذلك، فإن ربط الريال بالدولار يعطي أريحية للمستثمر الأجنبي الذي يتحوط لمخاطر تقلب سعر العملة وكذلك بالنسبة للسواح.
وهناك قرابة ال 66 دولة في العالم عملاتها مرتبطة بسعر ثابت مقابل الدولار. بينما هناك بعض الدول مثل دول اليورو واليابان والمملكة المتحدة والصين والتي لا تكون عملاتها ثابتة بقيمة واحدة مقابل الدولار وإنما تبقى العملة عائمة ترتفع قيمتها وتنقص حسب العرض والطلب. هناك دولا أيضا ترتبط قيمة عملاتها بمتوسط سعر سلة من العملات.
وكما هو معلوم أن سعر الريال مثبت ب 2.6 دولار تقريبا. معنى ذلك أن أي من الذين يملكون ريالا عمانيا تتعهد الدولة أنه بإمكانها إستبداله له ب 2.6 دولارا تقريبا.
وهذا يعود بنا إلى النقطة السابقة والمتعلقة بطباعة النقود، فكل ريال يطبع، يجب أن يكون مقابله 2.6 دولار تقريبا في حسابات الدولة.
والسياسة النقدية في كل دولة تعتبر عاملا هاما في الإستقرار المالي وجلب الإستثمارات الأجنبية والتحكم في مستويات التضخم ومستويات الأجور وغيرها.
وتحتاج الدول من وقت إلى أخر إلى إدخال بعض التغييرات في السياسات النقدية لديها لتتكيف مع الأوضاع المالية والإقتصادية لتوفير أفضل السبل بحيث تضمن الدولة إلحاق أقل تأثير سلبي وضمان إستمرار تدفق العملة بالقيمة وبالشكل الذي يضمن تحقيق النمو الإقتصادي والإزدهار المعيشي.
وبالتالي فإن تنويع مصادر الدخل والتصدير إلى الخارج وجلب الإستثمارات وما ينفقه السواح يعني تدفق مزيدا من الدولارات إلى الدولة مما يزيد من كمية إحتياطي الدولار والذي يساهم في تقليل الضغط على العملة المحلية، فلا تحتاج الدولة إلى خفض قيمتها الإسمية مقابل الدولار.
والكل مدعوا للمساهمة في تنويع مصادر الدخل وبخاصة القطاع الخاص من حيث ضرورة صناعة المنتج المحلي، والمواطن والمقيم من حيث أن يكون المنتج المحلي إختياره الأول. وكل ذلك يعني إستيراد أقل وبالتالي المحافظة على الإحتياطي النقدي، بالإضافة إلى ذلك فيجب أيضا المساهمة في صناعة منتجات يتم تصديرها إلى الخارج وبالتالي جلب مزيدا من الإحتياطي النقدي العالمي.
كما أن توطين الوظائف ضروري جدا خاصة في الأوضاع الإقتصادية التي تحتم ضرورة تكاتف الجهود من أجل الإبقاء على الإحتياطي النقدي الأجنبي وتقليل الضغط على العملة المحلية بحيث يتم تجنب تحويل الأموال إلى خارج الدولة من خلال الرواتب الممنوحة للعمالة الغير محلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى