المقالات

عمان بأعين الرجال

بقلم: منى المعولي

المتفحص في الظروف التي تحدث سيدرك الكثير مما يمكن ادراكه؛ لكن هناك القليل من يستطيع قراءة ما لا يدرك، لا يخفى على أحد أن عمان تعيش نفس الظروف التي تعيشها دول الجوار، ربما الفرق الذي لا أستطيع التصفيق له ولا حتى ظلمه أو نسفه أن غيرنا يمتلك “بولش” تلك المادة التي تستطيع تحويل النحاس إلى ذهب في أعين الناس، ولست هنا لتقييم الأدوات الإعلامية ولا الكيل بمكيال التقصير او توزيع لسان الانتقاد، فأنا التي أعجز كثيراً عن تقييم نفسي؛ فكيف بي أن أقيم الغير!

غير أن هناك ما هو أكبر وما هو مربك وما أستطيع القول إنه بعيد كل البعد عن الانتقاد المتعقل، ولا يزايد أحد على وطنية أحد، فكل يحب وطنه بطريقته ولا أحد يكيد لعمان؛ ولكن الذات الإنسانية يعتريها القصور وتتصدر فيها الأنا ويشوبها الارتياب والشك والتشكيك وكذلك (النسيان) مجمل ما يحدث أن هناك تحزب سواء كان تحزب لفكرة أو شخص أو جماعة أو بلد معين، فيكثر الهرج وتتصارع الأضداد، ولعل هذا يبدو وضعاً بديهياً بين الأقليات والجماعات والشعوب ولعلها الفطرة الإنسانية التي تغلبها العاطفة، لكن المتتبع للسخط العام يتفاجأ أن البعض ينقاد خلف بروباغندا إعلامية سياسية تم تنفيذها في دولة ما من أجل التغطية على ممارسات وأحداث وحقائق لا تطفو على سطح العالم ولكنها تُقبر بأسلوب اعلامي مضاد، تماما كتحويل القزم إلى مارد والبندقية إلى مدفع وكالمثل العماني الخالد الذي يقول ” يسو من الفار بهار” هذا تماما ما يحدث وما يصنعه الإعلام في دول ليست جغرافيا بالبعيد، ربما لأن شعوبهم مغلوب على أمرها ولأن مصير كل من يلمح بالانتقاد أو يحاول مغالطة تلك الإعلانات الكاذبة هو الخلود خلف القضبان.

ليس ذلك الموجع، فنحن كما نقول أو نزعم إننا لا نتدخل في شؤون الغير ولا نرضى أن يتدخل الغير في شؤوننا، لكن الحقيقة تقول عكس ذلك؛ نحن لا نتدخل في شؤون الغير ولكننا نسرب الغير إلى شؤوننا بمنتهى السذاجة!

حين تجلد نفسك، حين تشعر بالدونية، حين تسقط كل ما يحدث جانباً على وطنك، حين تتضمخ بالمقارنات، وتتطوح بين طرقات مواقع التواصل ساكباً كل سيئة على واقعك، مزيحا كل واقع عن أوهامك، حين تتهم غيرك بالتقصي، حين يحدث كل ذلك فأنت سمحت لغيرك أن يقودك ويتدخل في أحكامك وحكمك، ويتسلل إلى ضميرك، فيكون هو عينك ومرآتك على وطنك، حين يأتي إعلامهم ليقود الرأي العام لهم فإذا به يظلل الرأي العام لدينا، هذا يلفت الانتباه إلى ضعف أدوات النقد الواقعي عندنا، وكثرة المجموعات البكائية، التي تظهر بمظهر المهزوم والمغلوب والمضطهد، ثم يقول لا توزع صكوك الوطنية علي وغيرتي على عمان أكثر عنك.

الحقيقة ومع اعتذاري عمان يغار عليها الرجال الحقيقيون والنساء الحقيقيات، يغار عليها المفكرون الواعون الذين يحللون ويقرأون ثم يطلقون أحكامهم وفق قناعة شخصية سواء كان بالاتفاق مع المنشور أو بالاختلاف، ليس مطلوب منا ارتداء نظارة لنلون عين الواقع، وليس المطلوب منا صب دواوين المدح، المطلوب منا فقط أن نكون كبارا مترفعين عن وحل المقارنات الكاذبة وأن ننتبه أننا نسقط في فخ الاصطياد ونقع في وحل السقوط وجلد الذات، ومن يقلل من شأنه وشأن وطنه ” لن يرتفع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى