المقالات

عمان تجني ثمار سياستها الخارجية

بقلم:جمال الكندي

بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج العربي تفجرت أزمة قديمة جديدة بين دول الخليج، وأقصد هنا الأزمة المشتعلة حالياً في وسائل الأعلام الخليجية المحسوبة على السعودية والإمارات والبحرين وفي الطرف الآخر الإعلام المحسوب على دولة قطر، هذه الأزمة مبنية على أساس التصريحات الأخيرة المنسوبة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة، وإن كان الجانب القطري ينفي هذه التصريحات، والتي تقول على لسان أميرها “أن ما تتعرض له قطر من حملة ظالمة تزامنت مع زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة، وتستهدف ربطها بالإرهاب، وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار معروفة الأسباب والدوافع، وسنلاحق القائمين عليها من دول ومنظمات، حماية للدور الرائد لقطر إقليمياً ودولياً، وبما يحفظ كرامتها وكرامة شعبها

وقال الشيخ تميم كذلك “إن الخطر الحقيقي هو سلوك بعض الحكومات التي سببت الإرهاب بتبنيها لنسخة متطرفة من الإسلام لا تمثل حقيقته السمحة، ولم تستطع مواجهته سوى بإصدار تصنيفات تجرم كل نشاط عادل
وأضاف: “لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله”، وطالب مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين إلى “مراجعة موقفهم المناهض لقطر”، ووقف “سيل الحملات والاتهامات المتكررة التي لا تخدم العلاقات والمصالح المشتركة، مؤكداً أن قطر لا تتدخل بشؤون أي دولة، مهما حرمت شعبها من حريته وحقوقه.
انتهى الكلام المنسوب لأمير قطر وأقول منسوب لأن وكالة الأنباء القطرية نفت هذا التصريح وقالت أن الوكالة اخترقت، وأن هذا الكلام لم يصدر من أمير قطر، ولكن إعلام الدول الخليجية الثالثة مع مصر مستمر في ردود الأفعال المناهضة والمستنكرة لهذه التصريحات، وحتى بعد صدور النفي القطري استمرت التصريحات الإعلامية التي تهاجم دور قطر في المنطقة.
هنالك دلالات على هذا التصعيد المستمر من قبل الإعلام الخليجي المستنكر لتصريحات أمير قطر، كون أن دولة قطر كانت لها سابقة في تفجير أزمة بينها وبين دول الخليج الثلاثة الإمارات والسعودية والبحرين على خلفية دعمها للإخوان المسلمين في المنطقة وإيجاد ملاذ أمن لقيادتها، والتي على إثرها سحبت الدول الثلاث سفرائها من قطر، وبعد فترة تم الصلح وتعهدت قطر بالتزامات معينة أرجعتها إلى الحضن الخليجي.
أنا هنا في هذه المقالة لا أريد أن أدخل في أسباب هذا التصعيد ضد قطر من قبل أشقاء لها في دول مجلس التعاون، ولا أريد كذلك أن أحلل الكلام المنسوب لأمير قطر فأكذبه أو أصدقه، لذلك نقلته حرفياً كما ورد في وسائل الإعلام، ولكني سأقف وقفت فخار وعزة، وأمشي واثق الخطى ورأسي مرفوعاً عالياً علو السماء لسياسة بلادي سلطنة عمان التي أرسى دعائمها قائد نهضتها المجيدة السلطان قابوس بن سعيد. من هذه الكلمات سأدخل إلى عنوان المقالة “عمان تجني ثمار سياساتها الخارجية” فهذه السياسة عنوانها كلمة ذهبية قالها قائد عمان ” نحن في عمان لا نتدخل في شؤون الأخرين، ولا نرضى أن يتدخل أحداً في شؤوننا الداخلية “.
هذه السياسة لم تكن حبراً على ورق، ولكنها تمثلت واقعاً حقيقياً على الأرض وترجمتها نراها اليوم واضحةً في عدم ذكر عمان في أي خلاف مع دول المنطقة ، فهي في الأزمة السورية لم تتدخل التدخل السلبي في دعم فئة على حساب فئة أخرى، ولكنها كانت دوماً إيجابية المنحى، تدعو إلى الحل السلمي في سوريا وإلى دعم خيارات الشعب السوري في اختيار من يمثله ، فعمان هي الدولة الخليجية الوحيدة، التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية بالحكومة السورية، فسفارتها مفتوحة في سوريا والسفارة السورية مفتوحة كذلك في عمان واستقبلت على أرضها موفد الحكومة السورية وموفد المعارضة السورية.
وفي الجانب اليمني عمان تعتبر حمامة سلام وسط ركام الحرب والخراب في اليمن، فهي الدولة الخليجية الوحيدة كذلك التي لم تشارك في حرب اليمن مع أي طرف من أطراف أزمتها، وكانت ومازالت تقف إلى جانب تغليب الحل السلمي في اليمن عبر التحاور الجاد بين فرقاء أزمتها، وجهودها في ذلك معروفة لكل الأطراف.
بسبب هذه المواقف وغيرها تبرز سلطنة عمان دائماً بأنها مفتاح حل الأزمات السياسة في المنطقة، وهذا طبعاً كما قلنا مرده للقاعدة الذهبية العمانية تجاه الآخر، فتجني عمان ثمار ذلك مزيداً من الاحترام والتقدير عندما يذكر أسمها أو يقول أي إنسان أنا عماني. عندما أذكر هذا الأمر عن السياسة العمانية لا أريد بذلك الدعاية لسلطنة عمان، فهذا الأمر بات من المسلمات المعروفة عن سلطنة عمان يعرفها القاصي والداني، وتتحدث عنها الأقلام الغير عمانية أكثر من العمانية، ولكنها جاءت على خلفية الأزمة الخليجية الجديدة، وتدخلات بعض الدول في الشأن الداخلي للدول التي أصابتها لوثة الربيع العربي المشؤوم.
عمان كما كانت وستبقى دوماً حاملة رسائل السلام في المنطقة، فهي الصوت المقبول لدى جميع الأطراف المتنازعة في البيت الخليجي والعربي، وإذا تفاقمت هذه الأزمة بين الأشقاء الخليجيين فإنهم يعرفون من أين يأتي مفتاح الحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى