المقالات

ناتو عربي خليجي لمحاربة عدو جديد

بقلم:جمال الكندي

صفحة داعش في العراق وسوريا قاربت على أن تطوى وتنتهي، فوظيفة داعش في العراق وسوريا انتهت صلاحيتها وللأسف الشديد أريد من هذا الكيان الداعشي أن يعيش في العراق وسوريا لسنوات طويلة حسب المخطط المرسوم لها من قبل دوائر الاستخبارات الغربية ليكون أداه وظيفية بيدها تسيرها حسب المصلحة الاستعمارية الجديدة.
صلاحية داعش الوظيفية والتي يجد فيها الأمريكي وغيره أداة استثمار تدر له المكاسب السياسية والاقتصادية شارفت على الانتهاء، وهذا بسبب السواعد العراقية والسورية الشريفة والتي أدركت حجم المؤمرة الكبرى في زرع الداعشية في العراق وسوريا من أجل إدارة الصراع في المنطقة حسب الأجندة الاستعمارية القديمة بثوب جديد عنوانه محاربة الإرهاب.
داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة في العراق وسوريا، ولو عدنا إلى الوراء قليلاً وبالتحديد في فترة رئاسة أوباما لأدركنا حجم الإنجاز الكبير الذي تحقق اليوم في محاربة داعش، حيث كانت الإدارة الأمريكية السابقة تذكر أن القضاء على داعش في العراق يتطلب عشر سنوات أو أكثر وهذا ما تكذبه الوقائع على الأرض العراقية والسورية.
صلاحية داعش كما قلنا انتهت، وانتهاءها يعني انتهاء الدور الأمريكي في المنطقة، وهذا يعني خلو المكان لأهل المكان، طبعاً هذا الأمر لا تريده الدولة العميقة في أمريكا لاعتقادها أن الساحة ستملأ بأصحاب أجندة مخالفة لا تتناغم مع السياسة الغربية تجاه إسرائيل والمنطقة وتقوية للجيوش الوطنية في البلدان العربية.

من هنا تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج وإسرائيل من أجل إيجاد هذا الحلف الجديد الغير معلن، والذي يحاول الرئيس ترامب من خلاله إيجاد قوة في المنطقة مؤلفة من دول تتشارك العداء معه ضد هذا العدو الجديد، وإسرائيل ستكون حاضرةً ولكن من وراء الكواليس، فيجتمع بذلك العداء الأيدلوجي مع الخوف الوجودي في تكوين هذا الحلف.
الأمريكان فشلوا في إدارة الصراع مع داعش ، حيث كان المراد استثمار الوجود الداعشي في منطقتنا العربية لسنوات طويلة، وليس القضاء المبرم عليها، وذلك لكي تعطي لنفسها شرعية دولية في البقاء في المنطقة، وتوجد لها حلفاء يقاتلون صنيعتها داعش حسب الرؤية الغربية باسم محاربة الإرهاب، فيبقى لهم صوت سواءً في الحكومة العراقية أو السورية يتناغم مع توجهاتهم الاقتصادية والسياسية، وهذا طبعاً أفشله الجيش العراقي والسوري والحشد الشعبي وحلفائهم بسبب انتصاراتهم الحاسمة على داعش.
من أجل هذا الفشل في استثمار داعش يبرز خيار جديد قديم في الاستراتيجية الأمريكي يسمى محاربة إيران، فهذه الدولة ومنذ نجاح ثورتها الشعبية التي أطاحت بحليف أمريكا القوي في الخليج شاه إيران، واعلنها مناصرتها العلنية للقضية الفلسطينية، ودعم حركات المقاومة الإسلامية والوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان، وتسليم السفارة الإسرائيلية في إيران للدولة الفلسطينية وهي في العقل السياسي الأمريكي العدو الأول في منطقة الشرق الأوسط. لذلك نرى الحرب في سوريا مشتعلة وما زالت بسبب مواقف سوريا المعلنة في تبنيها خيار المقاومة ضد العدو الصهيوني ومساعدة واحتضان القوى التي تقاتل هذا الكيان الغاصب .
في المقابل فإن آفاق نجاح هذا الحلف والذي يراد أن يكون بين قوسين القوة السنية التي تجابه المد الشيعي إن صح التعبير غير قابلة للنجاح بسبب وجود دول سواءً في الخليج أو في العالم الإسلامية والعربية لا تعتقد بوجود الخلاف الأيدلوجي والوجودي مع إيران، ولكنها تعتقد بأنها خلافات سياسية في فهم وتفسير قضايا المنطقة ولا تصبغها بالصبغة المذهبية، وتذكر بأن إيران تجمعنا معها مصالح مشتركة، وأي خلاف معها يحل سياسياً ولا وجود لنظرة المذهبية في الأمر، أي بمعنى صراع سني شيعي والذي تحاول أمريكا الولوج من خلالها واستنزاف مقدرات بعض الدول العربية التي تؤمن بذلك لصرف النظر عن العدو الحقيقي الجاثم في صدورنا نحن العرب منذ أكثر من نصف قرن.
طبعاً المستفيد الأول من إيجاد العدو الجديد بعد انتهاء الوجود الداعشي في المنطقة هي إسرائيل ، فهي يؤرقها تعاظم قوة إيران الصاروخية وتماسك شارعها مع حكومتها المقاومة للوجود الإسرائيلي في فلسطين ولبنان ودعمها المادي والمعنوي لقوى المقاومة ضد الصهيونية في المنطقة، فكانت دوماً رافضةً لإخراج إيران من دائرة العقوبات الاقتصادية والسياسية فهي تعارض ومازالت توقيع إيران مع مجموعة خمسة زائداً واحد على اتفاق لوزان النووي والذي بموجبه يعطي الأحقية لإيران بدخول النادي النووي السلمي وإخراجها من العقوبات المفروضة عليها.
زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى الخليج هي محاولة لتقوية محور معادي لسياسة إيران في المنطقة، وتكريس الحرب ضدها بالوكالة في سوريا والعراق واليمن لقطع التواصل الجغرافي لخط المقاومة الذي يرعب إسرائيل.
هي صفحة جديدة أخرى من صفحات الابتزاز الأمريكي لمقدرات الشعوب العربية عبر التوقيع على صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات والحجة هي إيران وعبارة المد الإيراني في المنطقة وخطرها المذهبي، ولو كانت إيران هي إيران الشاه اليوم لوجدنا الحال غير الحال ولكن المواقف تتغير مع تغير التوجهات وحينما تغيرات التوجهات الإيرانية بعد ثورتها تغيرت المحبة إلى عداء وهذه هي مشكلة إيران عند أمريكا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى