المقالات

محاولة قلب مقررات مؤتمر أستانة وجنيف بذريعة كيماوي خان شيخون

بقلم:جمال الكندي

الإستثمار السياسي والإعلامي والعمل على القاعدة الميكيافلية ” الغاية تبرر الوسيلة دأبت على العمل به المعارضة السورية، وبالتنسيق مع مشغليها في الخارج، وفبركة الأكاذيب ذات البعد الإنساني عملية سهلة تقوم بها المعارضة ولا يهمها أعداد المدنيين القتلى واستعراضهم بطريقة مهينة للآدمية الإنسانية المهم تحقيق الغاية السياسية والإعلامية التي تدين الحكومة السورية أمام المجتمع الدولي .
وهنا نحن اليوم أمام واحدة من هذه السيناريوهات الميكيافلية إن صح التعبير، وهذه المرة المسرحية تخرج من خان شيخون في الريف الشمالي لمدينة حماه السورية ، فهي محاولة أخرى من محاولات المعارضة السورية لاتهام الحكومة السورية بإستخدام السلاح الكيماوي، وذلك بإتهام الجيش السوري بقصف مدينة خان شيخون بقذائف كيميائية ومحاولة إعادة مشهد غوطة دمشق عام 2013 عندما اتهمت المعارضة السورية قوات الجيش العربي السوري باستخدام السلاح الكيماوي ضد مسلحي الغوطة الشرقية لجر أمريكا إلى معركة مباشرة مع الحكومة السورية والصدام مع حلفاء سوريا في المنطقة .
أرادت المعارضة السورية من قضية كميائي خان شيخون هو خلق صدام مسلح بين مشغليها الغربيين وعلى رأسهم أمريكا، والحكومة السورية وحلفائها كما حدث قبل ذلك بافتعال كذبة كيماوي الغوطة الشرقية والذي أريد منه نسف خطوط أمريكا الحمراء في ذلك الوقت حسب تصريح الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما، وقوله بأن إستخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري هو خط أمريكي أحمر يستوجب رد قاصي منها، وطبعاً إستغلت المعارضة السورية ذلك وكانت كذبة كيماوي الغوطة الشرقية والتي أدت إلى إستنفار روسي أمريكي في المنطقة وكان الصدام العسكري متوقع في أي وقت بينهما لولا تدخل العقلاء والذين يعلمون أن المنطقة ستشتعل بأكملها في حالة تم التدخل العسكري الأمريكي المباشر لذلك تم إبرام صفقة تسليم جميع مخزون الحكومة السورية من هذا السلاح الإستراتيجي وتدميره، ولولا ذلك لكنا اليوم أمام مشهد أكثر سواداً في سوريا مما نراه الآن .
اليوم وكما قلنا يتكرر المشهد نفسه في منطقة أخرى ولكن المعطيات في الميدان السورية تغيرت وأهم تغير فيها هو الوجود الروسي القوي في سوريا ، وقبل الحديث عن المعطيات المتغير في الميدان السوري نسال هذه الأسئلة لنرى هل إستخدام السلاح الكيميائي هي ضرورة إستراتيجية لا تستطيع الأسلحة التقليدية الأخرى تحقيقه في الميدان السوري، وبمعنى آخر هل هذا السلاح سوف ينهي الصراع في سوريا لصالح الجيش العربي السوري.
من هنا نسأل من هو المستفيد الأول في إستخدام الجيش السوري لهذا السلاح ؟ ثانياً: من هو المتأزم مؤخراً سياسياً بسبب التصريحات الأمريكية الجديدة بشان الرئيس السوري بشار الأسد ؟ ثالثاً من هو المهزوم ميدانيا في ريف دمشق وريف حماه ؟ طبعاً الجواب معروف لمن يتابع تطورات الأزمة السورية ، إنها المعارضة السورية بشقيها القاعدي والإخواني المرتبطة بتركيا وبعض الدول العربية ، وفي المقلب الآخر هل الحكومة السورية وحلفائها في المنطقة بهذا الغباء العسكري والسياسي ليعطوا أعدائهم الفرصة في تكرار المشهد الكيماوي مرة أخرى ؟ ولماذا يستخدم هذا السلاح والتقدم السوري في الميدان مستمر وبوتيرة متسارعة أقلقت مشغلي الجماعات المسلحة، فكان لابد من إسترجاع مشهد عام 2103 ،وإيجاد بيئة توتر بين الرئيس الروسي والأمريكي خاصة بعد التقارب بينهما في وجهات النظر في الشأن السوري، وقيام الرئيس الأمريكي بإجراء إتصال هاتفي للرئيس بوتين يعزيه في ضحايا التفجيرات الأخير التي حصلت في متر مدينة سان بطرس سبورغ الروسية ، وهذا التقارب النوعي لا يعجب مشغلي الجماعات المسلحة الإقليمين ، لذا كان لابد من عمل يذكر العالم بقضية الكيماوي مرة أخرى، مع العلم بأن الأمم المتحدة قد ذكرت قبل ذلك بأن الحكومة السورية قد سلمت كامل مخزونها من السلاح الكيماوي.
في الطرف الآخر نجد مجلس الأمن يتساهل في قضية إستخدام المسلحين للسلاح الكيماوي، حيث لم يجتمع بذات السرعة الغريبة والعجيبة عندما قصفت خان العسل بقذائف غاز الكلور من قبل المسلحين مثل التي إجتماع فيها من أجل إدانة الحكومة السورية مع وجود أدلة ملموسة على الأرض بإستخدام المسلحين الكيماوي في مدينة خان العسل .
ما قامت به المعارضة السورية من محاولة إستثمار قضية الكيماوي سيرتد عليها سواءً كان التفجير بفعلها ، أو بسبب بقصف الجيش السوري لمخازن للأسلحة كانت تحوي هذا السلاح، وهو يعتبر إفلاساً سياسياً وعسكرياً للمعارضة السورية، فمن لا يدخل في حرب من أجل عيونها عام 2013، وبارجاته الحربية ترسوا قبالة المتوسط، وأقصد هنا الأمريكي لن يفعلها اليوم والروسي يتواجد عسكرياً وبقوى في الجغرافيا السورية، وستبقى هذه القضية في إطار التهويل الإعلامي والسياسي فقط ولن تتعدى ذلك.
إنها محاولة بائسة من المعارضة السورية لقلب أوراق مؤتمر أستانه وجنيف والتملص من مقرراتها والهروب إلى الأمام لعدم تطبيق شي منها، ولو كان ذلك على حساب أروح برئية يتم إستغلالها إعلامياً بهذه الطريقة المهينة والمشينة والتي رأينها في وسائل الأعلام .
التقارب الروسي الأمريكي في الشأن السوري لن يتأثر بحداثة الكيماوي الأخيرة لمعرفة الأخيرة بأن المعطيات على الأرض هي التي لا تعطي أي مبرر للحكومة السورية في إستعمال السلاح الكيماوي، ومدينة خان شيخون ليست من ستحقق التحرير الكامل للجيش السوري، فهي بالعرف العسكري ليست العلامة الفارقة التي من خلالها سوف يهزم جميع المسلحين في سوريا، وهذا الأمر تدركه جيداً الإدارة الأمريكية وما تقوم به هو فقط لأرضاء حلفائها الإقليميين وبعض العرب ، فتفاهم الروسي الأمريكي مازال قائماً وسوف يترجم أكثر خلال الزيارة القادم التي سيقوم بها وزير الخارجية الأمريكي الجديد إلى روسيا ، فهي زيارة مرتقبة ستضع حد كبير للأحلام المعارضة السورية المسلحة، وسيترجم هذا اللقاء بتعاون روسي أمريكي أكبر في القضاء على داعش والذي سيكون رأس حربته الجيش العربي السوري وقوات سوريا الديمقراطية وهذا ما ستكشفه نتائج هذه الزيارة في المستقبل القريب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى