في الأمن الفكري
بقلم: مسلم بن أحمد العوائد
تتسابق الدول والمجتمعات الراقية لتحقيق ما يُعرف بالأمن الفكري.
فما هو الأمن الفكري؟
هو حالة من الطمأنينة والاستقرار والازدهار، نتيجة قناعات وعقيدة راسخة تقوم على الوسطية والاعتدال، لحفظ الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، ثم المال. وهذا في المجمل يعني حفظ الدين والوطن، إذ لا يمكن تحقيق أهداف الخطط والاستراتيجيات الوطنية إلا بتحقيق الأمن، والأمن لا يتحقق إلا بفهم عميق للوسطية والاعتدال، المبني على طاعة الله ورسوله وطاعة ولي الأمر كما أمر الله تعالى، فعن أنس رضي الله عنه قال: نَهانا كبراؤنا من أصحاب محمد، قالوا: قال رسول الله : لا تَسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب”.
هذا قبل…
أما بعد…
قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾
مكة كانت بلدا مهجورا لا زرع فيه ولا ماء ولا تجارة، ومع ذلك دعا له أبونا إبراهيم عليه السلام بالأمن أولاً، ثم بالثمرات والماء والتجارة.
وفي نفس السياق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا.”
أي بنعمة الأمن اولا ثم بالصحة وما يكفي من الطعام في اليوم او حتى وجبة واحدة فقط، ولكن في أمن واستقرار وطمأنينة، فكأنه مَلِك الدنيا. فمثلا..هناك دول غنية بثرواتها ومواردها الطبيعية، لكن اهملت مفهوم الأمن الفكري فاصبحت من الدول الفاشلة، وفي المقابل هناك دول فقيرة في مواردها الطبيعية، لكن حققت مفهوم الامن الفكري، وعليه اصبحت من اقوى الاقتصاديات في العالم، وقس على ذلك الاشخاص الاغنياء والفقراء والكبار والشباب. والشواهد حية في الغرب والشرق.
كيف نعزز الأمن الفكري؟
بالعدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين مختلف مكونات المجتمع، والاستعانة بأهل الكفاءة في المناصب الرسمية.
وكذلك بتفعيل دور المسجد والمؤسسات التربوية والثقافية، للتوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي، والمنصات الإلحادية، والجماعات المتطرفة المأجورة التي تدعو الى الخروج على ولي الامر. بالإضافة إلى إنشاء منصات رسمية لتقييم الخدمات التي تقدمها الجهات الرسمية، وتشكيل لجان لتقييم أداء المسؤولين، واتخاذ القرارات المناسبة حيال أي تقصير من أي جهة أو مسؤول.
ختاماً…
من ألد أعداء الأمن الفكري:
نشوة السلطة، ونشر الإشاعات، وتداول الأخبار الكاذبة، والفساد الإداري والمالي، والتعامل بمعايير مزدوجة، والاتهامات المعلّبة، ومخالفة الانظمة والقوانين بقوة السلطة، وعدم مراجعة وتقييم الخطط والقرارات لتعديلها او إلغائها.