عُمان عهدٌ متجدّد .. ملحمةٌ وطنية في يومها المجيد

بقلم :حميد صالح المجيني
مع إشراقة العشرين من نوفمبر، يهلّ علينا اليوم الوطني العُماني، يومٌ عزيزٌ على قلوبنا جميعًا كعُمانيين، نفاخر ونعتزّ به أمام الأمم؛ فهو ليس مجرد تاريخٍ نحتفل به، بل حكايةُ وطنٍ تتجدّد، ومناسبةٌ نستحضر فيها أمجاد التأسيس، ونستعرض إنجازات النهضة، ونرسم ملامح المستقبل بثقةٍ واعتزاز.
وبينما كنتَ ممسكًا بالقلم أدوّن بعض خواطري عن هذا اليوم المجيد، وأسترجع صورًا من تاريخ الوطن ومشاهد من حاضره الزاهر، إذ برسالةٍ تصلني من أحد الإخوة الأعزاء، تحمل بين طيّاتها عملًا وطنيًا مميزًا من صحيفة وهج الخليج الإلكترونية، من كلمات الشاعر العماني سالم بن بخيت المعشني (أبو قيس)، الذي اعتدنا أن يطلّ علينا في كل مناسبة وطنية،ليأخذنا عبر كلماته إلى آفاقٍ بعيدة، نتأمل فيها صور التلاحم العُماني بين الشعب وقيادته، ونشعر بصدق الانتماء وحرارة الفخر.
على امتداد ٢٨١ عامًا من المجد، تمضي سلطنة عُمان بثبات تحت راية الدولة البوسعيدية، في مسيرةٍ تاريخيةٍ صنعت أمجاد الأمة العُمانية، وواقعٌ يُكتب بثبات العزيمة،، ومستقبلٍ يرسمه قائدٌ بحجم الوطن؛ قائدٌ يحمل في رؤيته ملامح النهضة، وفي خطواته بصمة العز والتمكين.
ومن هذا الامتداد الزمني المهيب، يطلّ علينا يوم التأسيس العُماني، حاملاً معه عبق الحضارة الضاربة في عمق الزمن، ومجدًا يتجدّد في ذاكرة كل عُماني، حيث نستحضر فيه مسيرة وطنٍ استطاع عبر القرون أن يصنع لنفسه مكانة راسخة بين الأمم، بقيادة حكماء، وهمم رجال ونساء قدّموا للوطن الكثير.
وإذا كان التاريخ قد وثّق أمجاد التأسيس، فإن الحاضر يشهد على من يواصلون حمل الأمانة، وفي مقدمتهم صُنّاع الوعي من معلمين ومعلمات، وأخصائيين وأخصائيات، الذين يزرعون في نفوس الطلبة حبّ الوطن، ويغرسون فيهم قيم الهوية العُمانية الأصيلة؛ لتكون درعًا يحمي المكتسبات، وأساسًا لصناعة مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
ويتكامل هذا الدور التربوي مع رسالة المنابر، حيث يضطلع خطباء الجوامع بمسؤولية عظيمة في ترسيخ القيم الدينية والوطنية، مؤكدين في خطبهم على أهمية المحافظة على الوطن، وتعزيز روح الانتماء، في تآلفٍ جميل بين الإيمان والولاء، يبعث في النفس الفرح والسكينة، ونحن نعيش هذه الأيام النوفمبرية المبهجة بكل ما تحمله من رمزية واعتزاز.
وحينما نتأمل مظاهر الاحتفاء باليوم الوطني، لا تقتصر مشاعرنا على الكلمات والشعارات، بل تمتد إلى الذكريات الحية التي نُعايشها في ربوع عُمان، من جبالها إلى سواحلها، ومن قراها إلى مدنها. رحلاتنا إلى معالمها التراثية ليست مجرد تنقل، بل لحظات نستشعر فيها عبق الماضي وروح الأصالة، فتتجلّى النفس بمشاعر الحب والاعتزاز بهذا الوطن الشامخ.
ويتواصل هذا الشعور حين نرى أبناءنا وبناتنا يجهّزون ملابسهم العُمانية، ويرفعون الأعلام، ويُعدّون فقرات الاحتفال في مدارسهم، بفرحٍ غامر، وبهجةٍ صادقة، تعكس عمق الانتماء وصدق الولاء، وتُجسّد كيف تنتقل الهوية الوطنية من جيلٍ إلى جيل.
كلُّ تلك المشاهد والمشاعر نعيشها اليوم، في ٢٠ نوفمبر؛ يومٌ نسطّر فيه مشاعرنا، ونُجدّد فيه العهد، ونُعبّر عن ولائنا وانتمائنا، ونُعلن فيه أن عُمان ليست مجرد وطنٍ نعيش فيه، بل روحٌ تسكننا، ومجدٌ يتجدّد مع كل إشراقة شمس.
وفي ختام هذه الملحمة الوطنية، نرفع أكفّ الدعاء، ونُجدّد الولاء والعرفان للقائد الهمام، جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، سائلين الله أن يُمدّه بالصحة والعافية، وأن يُبارك في قيادته الحكيمة، لتظلّ عُمان شامخة، مزدهرة، وملهمة في محيطها الإقليمي والدولي.



