المواطن والحكومات

بقلم : مسلم بن أحمد العوائد
الحكومة جهة سياسية، واقتصادية، وثقافية، واجتماعية، وأمنية، وعسكرية، وتشريعية، وتنفيذية، يتم اختيار أعضائها من قبل السلطة العليا في الدول، بناء على الكفاءات أو الولاءات. وتُكلف بإدارة وحدات الدولة المختلفة، والهدف الأسمى المُعلن هو توفير الخدمات التي تضمن للمواطن حياة كريمة، مع تكافؤ الفرص، والعدالة، وحسن معاملة المواطن، تبدأ بالنصح، وتنتهي بالإجراءات القانونية دون تعسف أو انتقام.
هذا قبل…
أما بعد…
تتنافس الحكومات في العالم في إعداد الخطط والاستراتيجيات الوطنية، لحماية المواطن من الفقر، والظلم، والخوف، والمرض، والقهر؛ عبر اختيار أفضل الكفاءات الوطنية، الذين ينظرون إلى المواطن والوطن بعين البصيرة والرحمة، لا بعين العصبية أو المناطقية أو المصالح التجارية. كذلك تحفظ هذه الحكومات حقوق المواطن الثقافية والتاريخية، وتحترم عاداته، وعقيدته، وخصوصيتة الجغرافية، بعض هذه الحكومات اليوم تقود العالم في مختلف المجالات، بعد ان عاملت المواطن بإخلاص وصدق واحترام، وبدوره أعطاها الولاء والانتماء.
أخيرا…
هناك حكومات اختارت الولاء على الكفاءة، والمحسوبية على الأمانة، فصار المواطن في نظر المسؤول زبونا حينًا، وخصمًا حينا آخر. لا خدمات راقية، ولا عدالة اجتماعية، بل تضييقٌ في مختلف مناحي الحياة. ومع كل هذا، يطلب من المواطن ان ينفق على الخدمات الضرورية كما يُنفق على أبنائه! ويتم تحميله اخفاقات المسؤولين.
ختاما…
علّمتنا نهاية الدولة العباسية، وسقوط حضارة الأندلس، وتهاوي حكومات كانت في ذروة قوتها، ان من أعظم أسباب هذا الانهيار: فساد النخب، وضعف القيادات، وظلم المواطن، والعصبية، وغياب الرقابة والمحاسبة.
وهكذا تحوّلت تلك الحكومات إلى دول هشة، تخلّت عن مواطنيها، فتخلوا عنها.
اصدر احد رؤساء الحكومات قرارا يقضي بمنع الموظفين والمسؤولين من تصوير مهامهم اليومية التي كُلِّفوا بها، من زيارات أو اجتماعات، واقتصار التوثيق على المناسبات الوطنية والدينية فقط.
وقال مقولته الشهيرة: “الوطن والمواطن لا يريدان قولا وصورا، بل فعلا وأثرا.” وشمل القرار أيضًا تشكيل لجان مستقلة للتقييم والمتابعة، تقوم برصد الأداء الفعلي للمسؤولين، ومقارنة الأقوال بالأفعال، دون محاباة.
ويقال ان عددا غير قليل من المسؤولين في تلك الحكومة قرروا الاستقالة أو التقاعد، بعدما كشفت لجان التقييم حجم التباين بين ما يُنشر في حسابات وحداتهم، وما يُنجز في الواقع.
وقد كان لهذا القرار أثرٌ بالغ في إعادة الثقة بين المواطن و رئيس الحكومة وهيبة الوطن.
يقال ان القرار كان وجوبيا: ” قبل أن ينفرط العقد، كما تقول العرب”.




