المقالات

اتحاد كرة القدم ونقطة على السطر

وهج الخليج – بقلم الدكتور سالم الشكيلي

ليست المرة الأولى التي يُعبّر فيها الجمهور العماني الوفيّ عن عدم رضاه على أداء الاتحاد العماني لكرة القدم ، وكذلك الفريق الفني للمنتخب الأول ؛ بسبب الإخفاقات المتتالية في البطولات الإقليمية والدولية .
وفي كل مرة يتجاهل الاتحاد مشاعر ومطالبات الجمهور ، بل ويتعمد استفزازه ، ليُخرج من قاموسه القديم تلك الأعذار المتهالكة الواهية التي لا يمكن أن تقنع أي عارف بألِف باء كرة القدم ، وهي اسطوانة مشروخة يبدو أنها جاهزة لتبرير الفشل .
أما الجهاز الفني فقد استمرأ هو الآخر استفزاز هذا الجمهور المحب لوطنه والمتعطش لطعم الفوز ليس في مباراة واحدة ، وإنما لاعتلاء المنتخب منصات التتويج أسوة بنظرائه من المنتخبات .

ومع اقتراب كل مشاركة خارجية ، يتصاعد الطموح لدى الجماهير بتحقيق إنجاز للكرة العمانية ، خاصة مع الضجيج والصخب الإعلامي الذي يتسابق فيه القائمون على شؤون اللعبة ، بالتصريح بأن المنتخب سيكون الحصان الأسود للبطولة ، يبالغون في رفع السقف المتوقع في النتائج من ، َمّا يجعل الجماهير تزحف وراء المنتخب ، لكنها تتفاجأ بخيبة أمل تضاف إلى خيبات أمل سابقة . عندئذ يصمت الجميع وكأنّ شيئاً لم يحدث وفي انتظار بطولة جديدة يرتفع بها سقف التوقعات ، وهكذا بنفس الرتابة المستفزة .

ومما لا شك فيه ، إنّ بطولة آسيا تمثل فرصة غاية في الأهمية للوقوف على تقدم وتطور المنتخبات المشاركة فيها وتمثيلها لبلدانها بصورة مشرفة ، فعالم كرة القدم أصبح يجتمع حوله الملايين من عشاق الكرة المستديرة ، ولهذا فإن كل الدول تعد العدة وترفع من حاهزيتها لكي تثبت وجودها ، وتحقق طموحات وتطلعات شعوبها في منافسة شريفة ، ليس للمشاركة من أجل المشاركة ، وهي مقولة عفى عليها عليها الزمن ، ولكن يبدو أننا ملتزمون بها لا نحيد عنها ، حتى أننا تعوّدنا العودة بخفي حُنين في مشاركاتنا المتكررة ، واكتفينا بتسجيل حضور رمزي حصاده نقطة او نقطتين بالإضافة إلى بعض عبارات جبر الخواطر .

ولأنّ وقت الأعذار لم يعد مقبولاً لدى الكثيرين من المتابعين لأنهم تعبوا منها ومن المبررات التي يسمعونها من أعضاء الاتحاد ، فقد جاء سخطهم وغضبهم هذه المرة أكثر من أي مرة سابقة ، وهذا ما دفع البعض إلى التصريح علناً والطلب من مجلس إدارة الاتحاد بالاستقالة وتغيير الجهاز الفني ، بل ذهب البعض الآخر إلى الطلب من الجهات الرسمية التدخل وإقالة المجلس وتعيين أشخاص حددوها بالاسم .

ومع قناعتنا بأن هذه الاستقالة يجب أن تصدر من مجلس إدارة الاتحاد من تلقاء نفسه ، او تقوم الجمعية العمومية بسحب الثقة منه ، إذْ لا سبيل إلى ذلك إلا من خلال هذين الخيارين ، ذلك أن الاتحادات المحلية لكرة القدم محميّة بأنظمة وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم ، وهذه القوانين لا تسمح للدول بالتدخل في شؤون الاتحادات ، سواءً في اختيار أعضاء المجالس أو التدخل في شؤون اللعبة بما يخالف تلك القوانين ، وإلا تعرض اتحاد الدولة إلى وقف مشاركته في الاستحقاقات الإقليمية والدولية ، وهذا ما حصل فعلاً لبعضها ، وأقرب مثال ما حصل للاتحاد الكويتي عام ٢٠١٥م ، بسبب صدور قانون محلي يخالف قوانين الاتحاد الدولي ، ولم يتم رفع الإيقاف إلا بعد تسوية الأمر وإزالة المخالفات .

ونحن هنا لا نحاكم أشخاص الاتحاد ، فلهم منا كل الاحترام والتقدير ، ولكن نتحدث عن أدائهم العملي وممارستهم المهنية في شؤون اللعبة ، الذي لم يكن موفقاً وأعاد مستوى المنتخب الأول بالذات إلى الوراء ، ولم يعد لديهم ما يقدمونه خلال المرحلة القادمة ، لهذا فقد بات عليهم أن يدركوا مسؤوليتهم الوطنية وتغليب الصالح العام والإقدام بشجاعة الفرسان وتقديم استقالاتهم من الاتحاد ، وبالتالي يتيحوا المجال لغيرهم ؛ فتغليب المصلحة العامة لا يُعد هزيمة أو انكساراً ، وإنما انتصارٌ لها ، ولعلهم بهذا العمل الشجاع يجبرون شيئًا من الخواطر المكسورة لدى الجماهير .

والخطاب أبضاً مُوجهٌ إلى أعضاء الجمعية العمومية ، الذين عليهم عند اختيار أعضاء الاتحاد ، بأن تكون اختياراتهم مبنية على تغليب عناصر الكفاءة والخبرة والدراية بشؤون اللعبة بعيداً عن المجاملات والمصالح الضيقة .

تُرى هل سنرى إقدامًا من مجلس اتحاد كرة القدم يحسب له ويسجله التاريخ له كونه انتصر للصالح العام ، أم أنه سيتمسّك بالبقاء وإكمال عضويته متسلحاً بقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم التي توفر له الحماية القانونية للتشبث بأكتاف ومساند الكراسي التي يشغلونها ؟

الأيام القادمة كفيلة بالإجابة الشافية الواضحة ويملكها حصراً مجلس إدارة اتحاد كرة القدم ، ونقطة على السطر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى