أخبار العالم

تحليل سياسي : ما المنتظر في محادثات إيران وأمريكا؟

وهج الخليج – وكالات

في منطقة مشهورة بتقلبات الأحداث التي لا يمكن التكهن بها ، يعد الاستئناف المحتمل للمفاوضات الإيرانية الأمريكية الأحدث في الصراع الملحمي بين الدولتين المتنافستين. وفي غضون أكثر من أسبوعين مضيا ، تبادلت هاتان الدولتان ضربات غير مسبوقة وسط حرب اوسع نطاقا بين إسرائيل إيران تسببت في سقوط الآلاف بين قتيل وجريح.
وقال الكسندر لانجلوا وهو محللٌ للسياسة الخارجية وزميلٌ مساهمٌ في مؤسسة أولويات الدفاع الأمريكية، ويحمل درجة الماجستير في الشؤون الدولية من الجامعة الأمريكية” إن مثل هذه التحولات السريعة تثير سؤالا مهما ولكنه اساسي : هل المسؤولون في طهران وواشنطن يرغبون في التوصل إلى اتفاق ،وهل يمكنهم التوصل إلى أتفاق ؟ وأضاف لانجلوا ، في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس (والمعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، أنه يمكن إلتماس العذر للشخص في إعرابه عن التفاؤل أو التهكم ، مع مراعاة المدى الواسع للنتائج المحتملة . وكما كان متوقعا ، عززت ما تعرف بحرب الأثني عشر يوما الصقور في إسرائيل وإيران والولايات المتحدة .حتى وسط دعوات أمريكية لإجراء محادثات ، لا تزال إيران تنتابها الشكوك. وتفضل إسرائيل الصراع وتغيير النظام . وبينما لا تعتبر نتيجة تلك الحرب أمرا مفروغا منه ، فإنها ربما لا تكون أكثر من مجرد فترة توقف. وفي هذا السياق ،يعد قرار إيران بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثاني من الشهر الجاري أمرا جوهريا. و يبدو كما هو متوقع أن طهران تستخدم هذه الخطوة كإشارة إلى الانسحاب من معاهدة منع الانتشار.
ومن منظورها ،لم تتلق الجمهورية الإسلامية الضمانات التي تم تقديمها لدول ذات سيادة جراء تعاونها مع المعايير العالمية الخاصة بمنع الانتشار فيما يتعلق ببرنامجها النووي. ولم يحقق ذلك التفكير للبلاد أي مكاسب ،حيث يكثف القادة الأوروبيون تحذيراتهم بعودة عقوبات الأمم المتحدة بموجب الاتفاق النووي الإيراني – الأمريكي السابق ، المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015.
ويبدى ترامب استعدادا لاستخدام القوة لإظهار القوة فيما يمكن وصفه بشكل من أشكال صنع الصفقات القسري، ومن المرجح أنه وكبار المسؤولين الأمريكيين ، الذين يميلون لضبط النفس ، يعتبرون أن جولات جديدة من القتال مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنطوي على مخاطر وغير مفيدة. ولا يعني ذلك أنه لن أو لا يمكن استخدام القوة مرة أخرى. ويشكل هذا النهج شعار ” السلام من خلال القوة” الذي أشار إليه ترامب ونتنياهو في خطابهما العام. وبالتالي. يعد هذا الموقف استمرارا للوضع الراهن ، ولكن مع مزيد من الرغبة في استخدام العنف وسط حالة من عدم اليقين الشديد فيما يتعلق بالكيفية التي سوف ترد بها هذه الأطراف على تصرفات كل منهم الآخر.
ويمكن أن تفسر تلك الديناميكية نهج إيران : “الغموض النووي”. ومن خلال وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بينما تعرض استئناف التنسيق بموجب الشروط المناسبة ، تقدم إيران مخرجا بشأن أمكانية إبرام اتفاق . ومن خلال تجنب إلغاء التصديق على معاهدة منع الانتشار ، توفر إيران أرضية للتصعيد كنتيجة لأي تجدد للقتال.ووراء لغة الخطاب شديدة اللهجة ، من المرجح ألا يشعر قادة البلاد بثقة كبيرة في أي من المسارين على أمل كسب الوقت على أقل تقدير .
ومع إثارة تساؤلات حقيقة تتعلق بنجاح الهجمات الجوية الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية في شهر يونيو الماضي، فإن المخاطر المصاحبة لحرب أخرى كثيرة.
وفي هذا السياق ، أدى الهجوم الأمريكي الإسرائيلي على إيران في الشهر الماضي إلى زيادة الوحدة الوطنية في الجمهورية الإسلامية. وكنتيجة لذلك، تميل طهران لاستخدام الرسائل العامة بطرق لم تستخدمها في الماضي، ورغم أن البلاد تتخذ بدون تردد وبشكل مباشر إجراءات قمعية ضد المتسللين المفترضين ، اعتبر الكثير من الإيرانيين الهجوم على بلادهم اعتداء على كل إيران ، وليس فقط على رجال الدين الذين لا يحظون بشعبية ، مما يجعل شن هجمات إضافية بهدف الضغط على البلاد نهجا غير واقعي.
وفي حال انهارت المحادثات الأمريكية الإيرانية بسبب رفض طهران المستمر للتخلي عن التخصيب في برنامجها النووي، وهذا احتمال حقيقي للغاية في ضوء الديناميكيات الداخلية للبلاد ، سوف يضغط نتنياهو على واشنطن لشن المزيد من الهجمات . وفي ظل عدم استعداد ترامب الواضح لمنع ذلك الهجوم المفاجئ وتفضيله للأكراه كوسيلة لإبرام اتفاقيات ، من المرجح أن يعقب ذلك تجدد الصراع.
وبدورها ، سوف تتعرض إيران لمزيد من الضغط للإسراع في انتاج سلاح نووي . وكحد أدنى، سوف تنفذ إيران تهديداتها بشأن معاهدة منع الانتشار ، مما يضر بشكل أكبر الشفافية بشأن البرنامج النووي الإيراني ، وشن هجمات أقوى على المواقع الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. ويعتبر أمر غير مسؤول افتراض أنه سوف يتم تصميم تلك الهجمات على غرار الهجمات الإيرانية على القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم )في الدوحة بقطر في نهاية حرب الأيام الاثنى عشر.
وبالمثل ، من غير المسؤول الافتراض بأن الهجمات الأمريكية والإسرائيلية يمكن أن تغير السلوك الإيراني. وقبول شن هجوم عسكري واسع النطاق على إيران والحملة لتغيير النظام التي سوف تنجم عنه ، إذا اندفعت طهران لانتاج قنبلة ، تعد نتيجة سياسية غير مقبولة.
وبينما تعتبر المخاطر المصاحبة لهذا السيناريو غير مضمونة ، فإنها يجب أن تستبعد أي مسعى لتجدد القتال. ولدى واشنطن وطهران مصلحة مشتركة في التوصل لاتفاق ويجب أن ترفضا المصالح الإسرائيلية المتناقضة في اندلاع مزيد من العنف.
واختتم لانجلوا تحليله السياسي بالقول إنه في نهاية المطاف ، يعد أفضل طريق لمنع انتاج سلاح نووي إيراني هو التوصل إلى اتفاق عبر التفاوض . ويتولى ترامب زمام الأمور ولديه فرص لإثبات مؤهلاته لصنع السلام التي يزعم أنه يملكها . وحاليا ، لم يتم التحقق من هذه المؤهلات. على حد قوله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى