المقالات

انتخابات الريالات والزيت والطحين

بقلم: منى المعولي

معادلة بسيطة سنبين فيها حجم اللا إنصاف الذي يقترفه المرء اتجاه نفسه في حالة التصويت في الانتخابات البرلمانية (البلدي والشورى) إلى غير استحقاق، وليس افتراءاً أو إدعاءاً نقترفه، كما إنه ليس بالغريب على كل واحد فينا حين نقول إن هناك تصويت يحدث بداعي القبيلة وانتخاب يحدث بداعي المادة والدفع، وهناك اختيار يحدث بعد هدنة واختيار وتجاذب وتنازلات يقدمها طرف ليصل طرف آخر إلى نصاب الأصوات، بل إن هناك قبائل بكاملها تجري اجتماعات وتعلن الطواريء لتثني هذا عن الترشح وتدفع بهذا ليترشح، وفق اعتبارات قبلية ونفوذ، وحين يتم الاختيار حتى على المستوى القبلي للأجدر، فلا بأس، ولكن المعضلة تكمن حين يتم الترشح والاختيار وفقا للجاه والنفوذ لا الكفاءة.

لننصدم ونحن نطالع بعدها جلسات ومقابلات مجلس الشورى تشوبها الركاكة والضحالة والسطحية؛ فإذا بنا نضحك ونحن نبكي على مداخلات البعض وتأتأته ونتعجب كيف تجاوز هذا منافذ التصويت ووصل إلى منصة الترشح وأصبح يمثل ولاية بأكملها، آما فيهم من رشيد؟

نحن حين نمارس حقاً مدنياً أصيلاً بداعي الديمقراطية علينا أن نعي إننا أيضا في الوقت ذاته نخسر جزءاً من حقوقنا طواعية وبكامل إرادتنا، وعلينا أن نفكر في سوء خياراتنا، فكما ستنتخب سبولى عليك وبالتالي فإن قوة وصول مطالبك ولفت النظر إلى حقوقك وجدية قضيتك سيكون مرهوناً بمن انتخبت بملء إرادتك ولا يلام غيرك في هذا الحال.

ولعلها همسة أفضي بها إلى أولئك الذين ما زالوا يساومون على حقوقهم ويرتضون أن يرشحون أحدهم بمقابل مادي وحفنة من الريالات التي قد تذهب في شراء طحين أو زيت أو أرز أو كماليات معينة وتنتهي وفي المقابل سيرى من رشحه في مصاف كبار القوم، وبلقب بصاحب السعادة، والسيارة الضخمة والفارهة وقد يعطيه جزء من وقته ويلتفت إليه، أو يجده مشغولا بالهالة التي صنعها منصبه الجديد بفضل صوته هو وبسبب خطأه هو حين لم يحسم صوته للإجدر؛ فعليه ألا يتحسر، لأن من سعى للمنصب بالمادة ودفع في سبيل الوصول للقب، لن يبدي اتجاهه أي اهتمام، وسيصبح أقصى اهتمامه قدم رسالة وضعها في صندوق وسنتابع مطالبك.

أو تعذر الوصول إلى الرقم المطلوب، لأن من كان بالأمس يحاصره بالاتصال والتواصل ويقتحم عليه المجالس والديار ليطلب خدمة الوقوق معه وانتخابه قد أصبح في عالم آخر مشغولا بالجلوس والنقاش مع قوم آخرين يتحدثون عن المشاريع وخدمات أخرى يستطيع أن يكتسبها منتهزا فرصة وجوده في مجلس رقابي وسيط بين السلطة والشعب.

وبالتأكيد إن هناك الأنقياء والمخلصين الذين يؤدون الأمانات ويبرون بالقسم وبحق المواطن الذي رشحهم، غير إننا نتحدث هنا عن فئة غير مستحقة للثقة من الأساس وسعوا إلى نيلها ببذل المال وإطلاق وعود الوهم وشراء الذمم في الظلام؛ لتكن حقا أصواتنا أمانة، لأننا نجرم في حق أنفسنا والوطن كلما كنا سيئي الاختيار والقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى