المقالات

المخاطر القادمه قاداتها إلكترونيه

بقلم: أحمد جداد الكثيري

كان سابقاً في قديم الزمان حتى الى الماضي القريب إعتماد الدول والمنظمات العالميه على ضرورة تهيئة وتمكين جيوشها وقواتها المسلحه بالعتاد الجيد والاسلحه الحديثه المتطوره ، حيث أنه كلما كان السلاح نادر ومدمر كلما كانت تلك الدول قويه توضع في الحسبان ويشار إليها بالبنان ، وتكون رائده ثقيله في ميزان القوى العالميه ، حيث أن أهم معيار لقياس القوه المستخدم في ذلك الوقت هو حساب العده والعتاد الكم والكيف للجيوش أي بمعنى آخر عدد أفراد الجيش ونوعية السلاح الذي تملكه الدوله فهو المعيار الحقيقي الذي يرجح الكفه ويثقلها .

كان ذلك في الماضي ، أما اليوم فقد نضيف لهما قوتان آخرتان لا يستهان بهما وقد تكون أكثر ضرراً وفتكاً من مقياسي الجيش والسلاح ، قوه تكاد تكون ناعمه جداً تدمريه الى أقصى حد وبهدوء ، هما سلاحان مهمان جداً سوف يتم الاعتماد عليهما بشكل كبير مستقبلاً وهما ( الاقتصاد و الفضاء الالكتروني ) الاقتصاد مهم ورأينا له عدة إستخدامات في وقتنا الحاضر للضغط على الدول وتغيير مواقفها وإنتماءاتها ، وهو ليس محور حديثنا اليوم .

اليوم سنتحدث عن مايسمى بالجيش الالكتروني المنظم أو قد تختلف التسميه في بعض الاماكن والاوقات الى مسميات آخرى كاللجان الالكترونيه أو قد نعطيه صِبغة حديثه كالذباب الالكتروني المنتشر حالياً .

المهم ، الاسم ليس مغزانا بقدر أهمية هذا المكون الدخيل والجديد علينا ، حيث رأينا مايشكله من مخاطر وعبث منظم ومقصود في المنصات الالكترونيه الداخليه للدول ، حيث أصبح فتاكاً مؤثراً يسوق ويجر معه فئات مجتمعيه كبيره وكثيره لمبتغاه المظلم ، يُستخدم كثيراً من قبل دول ومنظمات دوليه ، قد يديرها أيضاً تجار أو أفراد أو كيانات معاديه … الخ

إذاً ، كيف تعمل تلك الحسابات ، ومن أصحابها ، وماهي طريقة توجيهها ، كيف نكتشفها، وماهي أفضل وسيلة صحيحه للتعامل معها … ؟

طبعاً أكثر هذه الحسابات إنتشاراً اليوم هي الحسابات الوهميه التي تُخلق خارجياً من أجل هدف معين مخطط له وتعمل على تحقيقه ، هذه الحسابات تكون حديثة الإنشاء يستخدم فيها غالباً أسماء معروفه تَسرِق صور أشخاص من ذلك المجتمع لأجل أن يضفوا عليه صبغه واقعيه مقنعه لتصديق التغريدات المنشوره من قبلهم ، وهذه الفئه دائماً سهل إكتشافها وبدون عناء كبير أو جهد وذلك عن طريق الدخول في تلك الحساب حيث سوف يضهر لك أن عدد المتابعين قليل جداً وكذلك التغريدات الموجهه تكون جديده وذات طابع واحد تقريباً وأن التغريده نفسها تعاد لدى معظم هذه الحسابات الوهميه .

أما الفئه المستخدمه الاخرى وهي حقيقيه والاكثر صعوبه من الاولى وهي دائماً الاهم لدى المنظمين حيث أنها هي المطيه التي سوف توصلهم لأهدافهم ، وهي فئة أصحاب الحسابات المتشائمه السلبيه في كل بلد ، وهم مواطنون عاديون غير أنهم لا يحملون للوطن أي أهميه أو إنتماء ولا إعتبار ، هذه الفئه أنانيه محبه للذات كثيراً فيها نوع من صفات الكسل والجهل ، قد يكون أعضائها عاطلين عن العمل أو منحرفين أخلاقياً أو من الفاشلين والمتحطمين نفسياً وأيضاً فيهم الملحدين دينياً أو المتشددين مجتمعياً أو المجرمين .

هذه المجموعه تلفت الانتباه ويتم التركيز عليهم لعملية التجنيد وبشكل هادئ قد لا يشعر به المجند أساساً ، حيث يتم إستغلال نقاط ضعفه والتركيز عليها وعلى إنحرافه الفكري وتغذيته بالافكار الهدامه التي تناسب وضعه النفسي ، وبعد ذلك يبدأ العمل الجدي لإستهداف الداخل للأوطان وبأقل التكاليف وتوجيه الشعوب توجيهاً جباراً لتأكل نفسها ولتهدم وتخريب منجزات أوطانها بسرعه فائقه .

يتم حين البدء في العمل الجدي بإنشاء أنواع من الهاشتاغات السلبيه في مواقع التواصل الاجتماعي حيث تكون موجهه لوضع معين قد يستهدف أمن البلاد أو سلمه الاجتماعي أوقد يكون في بعض الاحيان له أهداف اقتصاديه معينه أو لنشر الفوضى وإنتشار سمعه سلبيه مدروسه ، حيث يستخدم في ذلك كل الاوتار الحساسه الخلافيه سواء كانت اجتماعيه أو دينيه أو غيرها لإذكاء الفتنه .

هنا يأتي التمكين المخطط في عملية الاصطياد في الماء العكر ، تشارك فئات المجتمع في ذلك الهاشتاغات ، تدخل الجنود الالكترونيه الوهميه الخارجيه لتضع الزيت على النار ، تُثار المجموعه الاخرى السلبيه في المجتمع لتشعل الوضع وتزيده أهميه وصعوبه ، بعد ذلك لا تتأخر لتصل الى مرحلة الازمه وتحقق هدف الايادي الخارجيه المخربه .

رأينا تلك السيناريوهات في خضم الربيعات المتواليه على الدول العربيه ، رأينا كل ذلك في إدخال الفتن بين شعوب الدول الشقيقه المتجاوره ، رأينا أنه حتى حكومات معروفه عملت على تفعيل قادات إلكترونيه تستخدمها للتأثير على المجتمعات الداخليه أوالخارجيه ، رأينا الهجمات الشرسه التي تشن من قبل دول على دول آخرى تضعها في قائمة العداء .

هنا ليس لنا بد إلا أن نفكر .. كيف ننأى بأنفسنا عن كل ذلك الصخب أو كيف نتعامل مع متغيرات هذا التطور الجديد ، وكيف نعمل على محاربة كل هذه التأثيرات التي لن نسلم منها وسوف تصلنا لا محاله ، الوقت معنا والادوات أيضاً ولكن يتطلب منا الامر أن نعمل ونعمل لصد مايمكن صده من هذه التنظيمات والاعمال التخريبيه ، يجب أن نعمل لرفع مستوى المفهوم الحسي لكل افراد المجتمع ، التوعيه يجب أن تنشط كثيراً وأن تصل لكل فرد في مكانه ، أيضاً تواجد الجهات المختصه الحكوميه في المنصات الالكترونيه أصبح ضروره ملحه لايمكن التغافل عنها وذلك لدرء المخاطر والتصدي للإشاعات المحيطه بنا ، وأيضاً لابد لنا من أن نتفاعل مع قضايا وهموم المجتمع وإيجاد الحلول المناسبه لها ، أصبح كل ذلك مطلباً مهماً للمرحله القادمه .
نتمنى أن لا نتغافل عن ذلك وأن تعي الجهات المختصه وتدرك مكامن الخطوره في هذا الامر وأن لا تُجعل المساحه فاضيه ومفتوحه يأتيها من يأتي ليملؤها بفكره وميوله وأهدافه الضاله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى