أخبار محلية

ثورة نون النسوة

بقلم: عبدالله بن حمدان الفارسي

سيدي أعلم أن لديك جنون الرغبة باحتوائي، وإنك تمارس الطقوس على كافة الأصعدة لامتلاكي، وأعرف أنك تتحرق شوقا لأجل اقتحام أسوار مشاعري المحظورة، ولأنني أنثى لا تعترف بالمكان ولا بالزمان، أرفض التقوقع في مكان واحد، والبقاء على طريق الاستقرار، ليس حبا في التمرد، ولا انتماءً لفوضوية الزمان، بل لأنني امرأة توشحت بسواد الأمكنة وتقاليدها، وعاصرت أزمنة كل اتجاهاتها مسوّرة بلاءات الغباء، ولكن اعلم أيها السيد المتسيد أن بداخلي شلالات شاسعة تتدفق حبا وغراما، ولست واديا كل ما به حجارة صماء، كل الأنسجة فيني محاكة بروايات ألف ليلة وليلة، ومغامرات روميو وجولييت، وغراميات مرتوية بمزامير فيروز، أنا يا سيدي رومانسية الإحساس، ولكن مقيدة الأنفاس، يفوح من عيناي عبق المشاعر المعتقة بعطر العشاق، أحتوي على براكين مخبأة بين أضلعي، ثورتها صخب وضجيج وآهات وصراخ الشطآن، أخاف عليك مني، ومن صولجان رهبان الكنائس، ومن أقنعة الراهبات الكاذبة، ومن حراس المعبد المتصدع بالأساطير، نحن يا سيدي في زمن التناقضات المتوافقة، الحكم فيها على الأشياء ليس له علاقة بالسلوك السوي، الحكم فيها لمن يمضغ السلطة بازدراء ودون مبالاة، ويتخذ من النرجسية أداة لاجتثاث الجمال وتجريده، وخدش ملامحه، رغبتي لاحتوائك لي تفوق مهارات التخفي والنكران، أعترف لك بأن نظراتي لم تعد تمتلك مقاومة الثوار الأحرار، ولم تعد نبضات قلبي تتجاوز كلماتك دون أن تصاب بداء الحياء، وبالرغم من أغلال التعسف الذكوري التي تطوّق المكان والزمان، وبنادق التردد والانطوائية مصوّبة نحو مشاعري، إلا أن نداء الثورة فيني قد تهيأ للعصيان، أعلنها صمتا لن أتخلى عن حريتي منسية خلف القضبان، سأستجمع قواي، وسأتمرد على الأعراف تمرد الزهاد، سأمتطي رياح الشوق إليك باحتشام، وأحتسي كؤوس الوداد حتى الثمالة دون اختلال، وما بين الانتشاء والإفاقة أكمن أنا، لأني ما زلت امرأة شرقية مكبلة بالتقاليد، فكل من حولي لا يعترف بكياني الفكري، بقدر اعترافه بمكوناتي المظهرية، أعرف يا سيدي أن كأس الصبر بدأ يفرغ عندك، وأن سياط الطاعة تجلد عقلك وقلبك، تحثك على رفض الاستئناس والمكوث للانتظار في الزوايا المظلمة، وأعلم أنك تقاوم لأجل الوصول إلى نقطة الالتقاء والارتقاء، وإلى احتلال المساحة التي تكمن بداخلي، ولكن ذلك يحتاج لجلادة وقدرة على الصمود لترويض قلب امرأة فاقدة لهوية انتمائها، أنثى ترغب فيك، وفي ذاتها سجان منها وإليها يأبى الإفراج عنها، أنا يا سيدي ممزوجة الأمزجة أنا كل ما فيني يحتاجك ويرفضك، أنا إحساس يحتويك وآخر يمقتك، تضاد أوجدته فيني عنجهية الأزمنة والأمكنة التي اختارتني رغما عني واستعبدتني، وبلا ذنب أرهقتك معي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى