المقالات

ولي العهد والأمن الوطني

بقلم: منى المعولي

في خضم عالم مجنون وغير مستقر سياسيا ، وفي سياقات الجدل المستمر والتوتر المستفيض بالتربصات الداخلية والمطامع الخارجية؛ أصبح وضوح بعض الملامح السيادية على الخارطة المحلية الدولية مهم جدا؛ بل هو قرار مصيري، يرسم ملامح القادم ويوضح نهجه واساسه وطريقه.

ولقد جاء نظام الحكم الأساسي الجديد للدولة بتاريخ 12 من يناير/ كانون الثاني من العام الحالي والذي ينص على أن ” ولاية الحكم تنتقل من السلطان إلى أكبر أبنائه سناً” ليضع النقاط على الحروف وينير خطوات المسير على الخطوط المستقيمة لذلك الطريقة.

ولاية العهد منذ القديم …

ولا تعد ولاية العهد قرارا أو نظاما مستجدا ، لا على السلطنة ولا على أنظمة الحكم الملكية العريقة، حيث إنه نظام تنص عليه دساتير وعروش الممالك والامبروطريات التي يعين فيها ولي للعهد بنظام الوراثة من أجل الحفاظ على قوتها واستتباب أمنها وقرارها واستقرارها.

وقد كان السلطان قابوس طيب الله ثراه ولي عهد والده الراحل سعيد بن تيمور رحمه الله، وهكذا كان جده أيضا، الأمر الذي اختلف مع السلطان قابوس للأسباب التي تعلمونها.

و لا نستطيع أن ننكر اليوم أن عدم وجود ولي عهد مسمى كان يشكل هاجسا وفراغا في دواخلنا كعمانيين ، فحالة عدم اليقين والترجيح؛ كانت تتسيد المشهد السياسي طيلة ٥٠ عام مضت من تاريخ السلطنة الحديثة.
ونحن الذين جايلنا تلك المرحلة قد واكبنا الشعور بذلك الفراغ وبالتساؤلات التي كانت تداهمنا بين الفينة والأخرى المضمخة بالقلق الفطري الذي ينتاب كل مخلوق حول تحديد المستقبل و المصير.

أهمية تعيين ولي للعهد ..

وبموجب النظام الأساسي الجديد الذي نص على تعيين ولي للعهد نكون وصلنا إلى اليقين الذي يفضي إلى احتمالية قلق واضطراب سياسي أقل، وثبات داخلي أشمل وأكثر رسوخا للوطن والمواطن معا، فولاية العهد تعد بمثابة ميثاق وثقة دولية وعالمية للمؤسسة السلطانية، وتدعم وجودها وقرارتها حيث استطاعت عمان بموجب نظام الحكم هذا أن تقطع الطريق أمام كل متغرض ومنتهز من أن تسول له نفسه بضعضعة أمن البلاد وحكمها، لكي تبقى السلطنة العريقة بنظام سلطاني مستمر لا فراغ فيه ولا طريق لأي منظمة متطرفة داخلية أو خارجية دينية أو سياسية تحاول شق الأسباب تحت أي عذر أو وازع أو حجة للوصول إلى العرش السلطاني وبالتالي درء القلاقل والتهديدات السياسية على الأمن الوطني، و انخفاض معدل الخطورة المترتبة على هذا الفراغ حيث ستبقى عمان عصية على كل خائن أو ناقم من أن ينال من استقرارها وثبات نهجهها واعتدال حكمها ووسطيتها.

….
ولي عهد اليوم سلطان عمان المستقبل.

نعلم أن ولاية العهد هي مرحلة اعداد وتهيئة واستعداد لدور محوري مفصلي فاصل وهي مرحلة اعداد سلطان المستقبل اعدادا ملما إلماما تاما بشؤون البلاد وتفاصيلها وسبر مكامن الحكم فيها، ودهاليزه وأغواره.

ولعلنا نستطيع أن نلخص مدى أهمية وجود ولي العهد وتدريبه وإعداده في الحادثة المروية عن أحد الملوك المخضرمين الذي تعرض لأكثر من محاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة ومع ذلك لم يرف له جفنا ولم يأبه، ولكن حين تعرض ولي عهده (ابنه) لحادث عارض؛ أصيب بالذعر والهلع، وكانت ملامح وجهه تشي بخوفه الشديد يومها، وقد مازحه بعدها أحد مستشاريه قائلا لقد بدى عليك قلق الوالد وطغت عاطفة الأبوة؛ ليرد عليه أنه لم يصدق الحدس هذه المرة وإنها ليست بعاطفة الأبوة بمقدار ما هي قلق على خسران ثلاثين عام من الإعداد والتدريب على مهام الملك ستضيع ومعها مستقبل البلد.

لذلك يعد وجود ولي للعهد بمهام محددة ومعلنة، بمثابة اعداد للقيادات الشابة لتتصدر زمام الأمور
بحيث تعكس التطلعات والرغبات الحقيقية للمجتمع العماني الفتي، مما يتوجب عليه إلتفافنا جميعا حوله ومساندته، حيث إن المرحلة القادمة هي مرحلة تحديد وابراز لمستقبل الدولة ومرحلة توضيح مفاصل كيانها الاجتماعي والسياسي القادم .

لذا فإن اتحاد الحاضر بين العمانيين كافة من شمال الوطن والجنوب ومن الشرق وحتى شموخ الغروب هو انتصار في القادم، وستبقى وحدة عمان هي وحدة المصير، وسيتأتى نجاح القيادة من تآزر وتعاضد الجميع في كنف عاهل البلاد وولي العهد الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى