وهج الحروف

المواطن والزبون

الوطن ليس حدوداً جغرافية أو أهازيج واحتفالات، أو هوية وطنية، أو أعلام وصور تُعلق وترفرف على السيارات والبيوت والجبال.
الوطن يعطي ولا يأخذ، الوطن شعبٌ وحكومة، الوطن تاريخٌ وأمجاد، الوطن غيظ العدو، الوطن دفء وطمأنينة، الوطن تسامح وتعايش، الوطن ولاء وانتماء وتضحية.
المواطن هو: الفقير والغني و المتعلم والأمي والوزير والمدير والموظف.
لا فرق بينهم إلا في نقاء المواطنة.
المواطنة ليست بالتكليف الوظيفي وليست بالمصالح، المواطنة لا تُشترى وتُباع، المواطنة ليست جاه ومال وحال،!! تزيد بالمسؤولية وتنقص بدونها، أو بالمنح والعطايا والترقيات، المواطنة لا تتقاعد،
فهي لا ترتبط بالوظيفة أو بالرصيد وإنما إنتماء وولاء وتضحية حتى الموت.
‏ عندما يعامل الوطن والمواطن بقانون الربح والخسارة، كما هو الحال في الأنظمة المحاسبية والإقتصادية، فقد يتحول الوطن إلى شركة، المواطن زبون فيها، والمواطنة فائدة ومصلحة ومكاسب شخصية. والزبون دائماً يبحث عن مصلحته أينما وجدها،( وعلى ذلك تظهر الإعلانات والتنزيلات والإجراءات ) يسعى التاجر بكل ما يملك لكسب الزبون. وعلى التاجر أن يراجع سياساته النقدية والمالية والفكرية، اذا الزبون اختار التعامل مع شركة اخرى، إعلاناتها وأسعارها مغرية، تحفظ جيب الزبون وتوفر له سبل العيش و احتياجات أخرى.

هذا قبل….
أما بعد….

المتغيرات والأزمات الإقليمية والعالمية مشاهد حية، فهل من أُذنٍ صاغية؟! أو عقولٍ واعية؟! أو قلوب يفقهون بها؟!
لأن الخطر والتهديد الحقيقي، هو التنافس على كسب قلب وعقل الزبون (المواطن) بطرقٍ تجارية ذكية مختلفة، يدخل فيها الأبعاد الجغرافية والفكرية، ضمن حساب الفوائد والأهداف الإسترتيجية، وسياسة العولمة وقانون المواطنة العالمية، تقاطع وتبادل المصالح. انها سياسة التنافس بين رؤساء مجالس الشركات العالمية.
أيها القوم، حب الوطن عقيدة ورصيد لا ينضب، لذلك علينا ان نحافظ على هذا الكنز المعنوي والمادي، وأن نعطي المواطن ونأخذ منه، عليه واجبات وله حقوق. رصيده المعنوي والمادي صمام الأمان للوطن. ولكن جيبه ليس الحل لمشكلات المرحلة، الاستقطاعات قد تورث ردات أفعال كبيرة جدا وذات أبعاد ميكافيلية بحته.
مر العالم وسيمر بأزمات اقتصادية كبيرة جدا، وطبعا الأزمة تولد أزمات محلية واقليمية وعالمية.
النظام الرأسمالي أنانيٌ وجشع، وسلاح خبيث تستخدمه الشركات العالمية لحصد مكاسب سياسية واقتصادية وثقافية وأمنية.
الحل :
أولا : تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، في الزكاة، وليس الضريبة، فالزكاة ليست نظرية عالم أو دولة وإنما نظام شرعي رباني، من الكتاب والسنة والإجماع. فمثلا إنشاء هيئة وطنية لاستثمار جباية الزكاة والأوقاف.
ثانياً : تسهيل إشهار الجمعيات والفرق الخيرية، لأنها ستقوم بدور تكاملي مع الحكومة.
ثالثاً : السماح للائمة والخطباء والمصلحين في كل المحافظات، لغرس القيم الإسلامية في الجيل والنشء.
رابعاً : مراجعة قانون الاسكان الأخير.
خامساً : إعادة دعم الماء والكهرباء.
سادساً : البحث الجاد على احتواء الباحثين عن عمل.
سابعاً : محاسبة الفاسدين، فالباحث عن العمل ابن الوطن وولائه للوطن وسلطانه، والفاسد من عمان!! ولكنه فاسد واستباح وظيفته وموارد الوطن.
ثامناً : إلغاء أو تأجيل القيمة المضافة.
حينئذٍ لن يبقى الوطن رهيناً وأسيراً للقوى والبنوك العالمية، والأزمات الاقتصادية، وقبل ذلك العقول البراغماتية.

قال الفاروق رضي الله عنه:

” أوصِي الخليفة من بعدي بأهل الأمصار خيرًا فإنهم حياة المال، وغيظ العدو، وردء المسلمين، وأن يقسم بينهم فيئهم بالعدل، وألا يحمل من عندهم فضل إلا بطيب أنفسهم” .

‏والحكمة تقول:
” اجعل التاريخ مستشارك الحكيم”.

اللهم احفظ بلادنا وأهلها من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وارزق ولي امرنا البطانة الصالحة،التي تدله على الخير وتحذره من الشر. يارب العالمين.

ابوخالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى