المقالات

إذا نشرنا محتوى عن فلسطين.. هل سنحررها؟

بقلم: عهود المعمري

كثيرٌ من الناس يسأل هذا السؤال عندما يرى أصدقاءه قد تعاطفوا مع القضية الفلسطينية ونشروا عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي مختلف المنشورات المؤيدة للقضية؛ فتعاظمت رغبتي في تعريف الناس عن أهمية الإعلام الرقمي في حشد الرأي العام حول قضية ما، وأتناول هنا خصوصًا القضية الفلسطينية.

هناك دلائل تُشير إلى أن كثيرًا من الناس في مشارق الأرض ومغاربها تعرفوا إلى القضية الفلسطينية من خلال المحتوى الذي تم تداوله ووصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار تعاطفهم مع القضية وخلق التساؤلات حول السبب الذي يدعو المجتمع الدولي إلى صرف النظر عن هذه القضية الإنسانية والسكوت عن اعتداءات قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

وهذا التأثير لم يطل فقط الأفراد العاديين الذين لا يملكون سوى الوقوف وقفات تضامنية مع هذا الشعب المسلوبة أرضه قسرًا والذي أُجبر على الخروج من عقر داره ظلمًا وعدوانًا، بل امتد هذا التأثير ليشمل قيادات وأعضاء بارزين في المجتمعات. وأذكر هُنا على سبيل المثال وليس الحصر: ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إن صفقة السلاح التي أقرها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن لصالح الكيان الصهيوني والتي تبلغ 735 مليون دولار تتلقى الآن اعتراضًا من أعضاء الحزب الديموقراطي في الكونغرس الأمريكي، حيثُ أدان عدد من النواب اعتداءات قوات الاحتلال بحق الفلسطينين، مخالفين بذلك موقف الإدارة الأمريكية الحالية التي تنتمي إلى حزبهم .

إن قوة الإعلام اليوم -لاسيما الإعلام التفاعلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي- هي سلطة بحد ذاتها ، وهي قادرة على حشد الرأي العام الذي بدوره يساعد في الضغط على الحكومات للالتفات والنظر بعين الاعتبار للقضايا التي تهمهم.

وقد استخدمت قوات الاحتلال هذه الوسيلة منذ زمن بعيد وأوهمت العامة طوال هذه السنوات أنهم الشعب المظلوم والباحث عن السلم والأمان، وأنهم لا يريدون سوى العيش باطمئنان في أرض أجدادهم التي سلبها العرب منهم منذ القدم. وحسب ادعاءاتهم فإن الشعب الفلسطيني شعب عنصري لا يسمح لهم بالتعايش ولا يقبلون بهم في ديارهم وأنهم معادون للسامية.

لذا يجب علينا التسلح بالمعرفة ونشرها في العالم أجمع من أجل دحض ادعاءاتهم، إذ لن يقبل من يحمل الإنسانية في قلبه ما يحدث في فلسطين من عدوان وسلب للممتلكات والأوطان والحريات.

لقد تابعنا بثًّا مباشرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ما حدث في غزة، وبكت قلوبنا قبل أن تغرق بالدمع عيوننا، وكذا تابع كثير من سكان هذا العالم من مختلف الجنسيات والشعوب والديانات. لقد أصبحت فلسطين وما يحدث فيها الحدث الأبرز على الساحة، فثار مَن له ضمير حي وتجمعت الحشود أمام السفارات وفي الميادين؛ ليخبروا حكوماتهم ثم العالَم أنهم لا يقبلون ما يقع من ظلم على شعب فلسطين الأبي، فما كان من هذه الحكومات سوى التحرك والالتفات لهذه القضية وعقد المؤتمرات ونشر البيانات، كما شكلت وسيلة للضغط على الكيان المغتصب لوقف العدوان، ولا أدحضُ في ذلك جهود المقاومة الباسلة الشريفة التي أمطرت العدو بالخزي والهوان، وكانت العامل الرئيس للنصر المحقق بعد عون الله وإرادته.

التفاعل بكلمة أو بصورة أو بوقفة تضامنية أو بنشر للمعرفة هو تضامن مع فلسطين لن يحررها، ولكنه قد يساعدها على التحرر وهذا أضعف الإيمان. ناهيكم أني لم أتطرق بعد لمقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني والتي تُعد ضربة أشد قسوة لمن يساعدون هذا الكيان المغتصب ويدعمونه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى