المقالات

وأنتهت جولة من جولات الصراع مع العدو

بقلم:علي المعشني

في هذا اليوم الجمعة الموافق 21 من شهر مايو 2021م أنتهت جولة من جولات صراعنا العربي مع العدو الصهيوني المحتل لفلسطين ، وسبب توثيقي لهذا التاريخ المجيد هو انضمامه لسلسلة مواجهات مع العدو سابقة انتهت ولاحقة ستأتي وستنتهي بزواله وتحرير فلسطين من النهر الى البحر .
ماميز هذه الجولة عن سابقاتها ليس السلاح النوعي المستخدم من قبل فصائل المقاومة ولا الأهداف النوعية التي أستهدفت للعدو في قلب فلسطين المحتلة ولا المعلومات الاستخبارية الدقيقة التي توفرت لفصائل المقاومة من قلب فلسطين المحتلة ولا التعاطف الشعبي الفلسطيني والعربي والاسلامي والعالمي الواسع لنُصرة فلسطين ، ولا تخبط الكيان الغاصب قيادة وقطعان لهول ماحدث ، بل هو شمولية الانتفاضة لكامل جغرافية فلسطين من صفد شمالاً الى رفح جنوبًا تحت أمرة المقاومة وخروجًا على السُلطة وغطرسة الكيان .
لانحتاج الى تذكير المقاومين بأن الكيان الصهيوني لم يحقق أي أنتصار عسكري على العرب منذ معركة الكرامة مع الجيش العربي الأردني الباسل عام 1968م ولغاية هذه الملحمة الأخيرة ، ولكننا نحتاج الى تذكير المتخاذلين والخاملين والقدريين بأن تلك الملاحم لم يُقدر لها الاستثمار السياسي الحقيقي من قبل النظام الرسمي العربي لتحقيق مكاسب سياسية حقيقية في رصيد القضية . الفارق اليوم هو وجود كتلة مقاومة شكلت مع الأيام حكومة ظل عربية وازنة في مواجهة المحتل ، بقدرات قتالية عالية وتضحيات جسيمة ومقاتلين محترفين وسلاح نوعي وحاضن شعبي عربي يتسع كل يوم رغم الحرب الإعلامية المضادة ، ومؤازرة عالمية بحكم ثورة الاتصالات في العالم وسيطرة وهيمنة الإعلام الاجتماعي البديل والذي نحى الإعلام الرسمي جانبًا وجعله تابعًا له . مايُحسب للمقاومة اليوم هو تصالحها الى حد كبير مع النظام الرسمي العربي رغم منظومتها القوية الموازية له ، وتخندق النظام الرسمي العربي في خانة العداء لها الى حد كبير بدلًا من احتضانها ودعمها لاكتساب قوة تفاوضية قوية مع العدو وحلفائه ومخططاتهم الجهنمية للوطن العربي برمته والتي تتعدا فلسطين وجغرافيتها بمراحل وتستهدف الأمة العربية بجميع أقطارها وفي كل مفاصلها التاريخية والثقافية والحضارية وحاضرها ومستقبلها .
لاشك إن ملحمة حرب تموز عام 2006م أسقطت القناع تمامًا عن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر ، وأسقطت معها الصورة النمطية السلبية والانهزامية التي تشكلت في الوجدان والعقل العربي الجمعي وجعلته عقلًا متواكلًا وانهزاميًا وقدريًا الى أبعد الحدود ، ولكن بفضل ملحمة تموز المجيدة لم يعد الكيان يجرؤ على تخطي شبر من تراب لبنان وأصبح البديل هو تحريك العملاء بداخل لبنان وخارجه لتشويه صورة حزب الله ورفع درجة السخط الشعبي ضده وجعله شماعة لكل مصائب لبنان ، وبرغم كل تلك الجهود البائسة فقد عجزوا عن النيل من قوة الحزب ومكانته وحضوره ، وعن زعزعة صورة الحزب من قلوب الحاضن الشعبي اللبناني والعربي بل جعلوا من حزب الله يعادل لبنان في القوة والوجود بلا وعي منهم .
جميع الشعوب التي عانت من احتلالات عبر تاريخها لم تنتصر الا بالمقاومة التراكمية والتضحيات الجسام فحين ترتوي أرض الوطن من دماء الشهداء تزهر حرية وعزة وكرامة هكذا يعلمنا التاريخ ، فثورات الجزائر لم تنقطع ضد المحتل الفرنسي منذ بواكير الاحتلال عام 1830م ولغاية اعلان الاستقلال في 5 يوليو 1962م ، ولكن الراسخ في العقول هي الثورة الجزائرية الأخيرة وهي ثورة جبهة التحرير الوطني الجزائري (1 نوفمبر 1954م –18 مارس 1962م) والتي تحقق على يد مناضليها الاستقلال ودفعت في سبيل ذلك مليون ونصف مليون شهيد ، بينما دفعت الثورات التي سبقتها بـ ثمانية ملايين ونصف مليون شهيد ولم يذكرهم سوى أرشيف الثورة الجزائرية وبعض مصادر تاريخ الجزائر الحديث .
قد يتعجب البعض حين أقول بأن أقوى جولات المواجهة مع العدو الصهيوني بعد حرب تموز 2006م كانت جولة المواجهة عام 2012م ، لأن تلك الجولة كانت تاريخية ومفصلية وتحمل رسائل ودلالات هامة للغاية في حجمها وتوقيتها منها :
• اختبار جهوزية فصائل المقاومة في قطاع غزة في ظل انهماك الحاضن السوري في حرب ارهاب كونية غير مسبوقة
• اختبار جدية تنظيم الاخوان في تعهداتهم للراعي الأمريكي بحماية أمن الكيان في حال تمكينهم من السُلطة في الوطن العربي من خلال الربيع العبري المشؤوم
• اختبار جدية وإمكانية حل الدولتين بإقامة خلافة إسلامية كبديل للسلطة الفلسطينية مقابل إعلان دولة يهودية خالصة في أراضي عام 1948م مع تهجير جميع الفلسطينيين إلى دولة الخلافة لاحقًا
تبين للعدو الصهيوني ورعاته الدوليين وحلفائه الاقليميين من تلك الملحمة :
• إن غزة لم تعد حماس وحماس لم تعد غزة كالسابق
• وأن إشغال سورية في تلك الحرب العبثية لم يشغل حلف المقاومة للحظة عن فلسطين ومقاومتها وفصائلها
• وان الخلافة المزعومة كبديل لحل الدولتين من الأحلام الكبرى للصهاينة والمطبعين ولا يمكن تمريرها
• وأن الاخوان تنظيم دعوي/خيري/قيمي لا يمتلك مشروع سياسي للحكم ولا يمكنه تخطي المؤسسات العميقة والحرجة في الوطن العربي واختراقها وإعادة إنتاجها لتنفيذ وعوده بحماية أمن الكيان مقابل التمكين من السلطة .
في كل جولة مواجهة لنا مع العدو الصهيوني تخرس البنادق والمدافع وتستقر الصواريخ في راجماتها لتنطلق حروب أخرى غير مرئية وبلا ضجيج بداخل الكيان كالهجرة العكسية وفقدان الأمان والمستقبل معًا من قبل رعايا الكيان ، وتيقنهم من ضعف وعجز حكوماتهم وجيشهم عن تحقيق الأمن لهم وبقرب زوال كيانهم ، ومدى تعاظم قوة فصائل المقاومة بفعل قوة ومؤازرة الجوار الحيوي المقاوم لها كـ سورية وحزب الله وإيران ، سنترقب تقرير لجنة فينوغراد مجددًا لتضع النقاط على الحروف وكعادتها بعد كل جولة مواجهة مع فصائل المقاومة وانتكاسة لجيش العدو المتقهقر ، واليوم سيلهث الصهاينة وسيأتون حبيًا على الركب يتوسلون التسريع بحل الدولتين لمنح الكيان فرصة عمر افتراضي للبقاء وإن كابروا فزوالهم أقرب لنا من حبل الوريد والله غالب على أمره فهكذا كان مصير الطُغاة والأشقياء عبر التاريخ يُملي عليهم الله من القوة الوهمية ليكابروا وليأخذهم بغتة سبحانه .
قبل اللقاء :
تواضع الكيان الصهيوني مُكرهًا في تحقيق حُلمه القديم من الفرات الى النيل ليصبح كل همه اليوم كيف يحمي يافا والمسماة زورًا وبهتانًا بـ تل أبيب بفعل ضربات المقاومة الموجعة حيث لم يعد جيش العدو يخوض حروبًا “سياحية” خارج جغرافية فلسطين المحتلة كالسابق بل أصبح يختبئ خلق قبب حديدية وهمية لن تحميه طويلًا.
وبالشكر تدوم النعم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى