المقالات

الربيع العربي.. الى أين

بقلم:أحمد جداد الكثيري

أسموه بالربيع العربي، وقدخصونا به تكرماً وتقديراً لا طلباً منا ، بمعنى أن الحكومات العربيه هي أولى، وهي فقط من تستحق هذا الربيع، الذي هو عاصف بموجاته حارق بمظاهراته قاتل بإعتصاماته.
هي الدول التي تستحق أن تثور عليها الشعوب، وتتوالا عليها المصائب والكروب، هي الدول التي تستحق أن يوحد الصوت بأن ( الشعب يريد إسقاط النظام).

هكذا أرادوها أو هكذا كانت، فهل كان هناك أفضل مما كان؟ وهل كان ذلك نتيجةً لضعفٍ حقيقي في تلك الحكومات، أو أن أصابها وهان حاصل في أنظمتها القديمه المتحجره، أم أن هناك شيئاً مريباً آخر خفي يزكيها ؟

هل حقيه أن الثورات هذه ناتجه عن إرادة شعوب وطموح شباب ونبذ حقبات الدكتاتوريات المصنوعه كما نسمع في الاخبار ، أم أن هناك ماهو أكبر وأعم خفي غامض لا نعلمه أو قد نعلمه يعمل على تنامي هذا الربيع وإنتقاله بين البلدان كعدوى الزكام .

عجيبٌ أمره هذا الربيع ، فإن قلنا بأن سببه الرئيسي هو الفقر، فنجاوب بوجود دول أكثر فقراً منا كبعض بلدان أفريقيا وأسيا وأوروبا، والتي لم يحصل لها لا ربيعاً ولاخريفاً يُساقط أوراقها ، وإذا إفترضنا بأن السبب الحقيقي قد يعود الى أنظمة الحكم في تلك البلدان ومابها من ظلم وجبروت، فلنا أمثله كثيره غير عربيه تمارس أشد أنواع الظلم والتسلط على شعوبها ورغم ذلك هي ناجيه من هذا الربيع العارم الغارم .

اذاً لماذا لم نرى ربيعاً اوروبياً غربياً الى الان ، ولا حتى على الاقل ربيعاً افريقياً أسمر رغم الفقر والجوع في تلك البلدان ، لماذا ؟

أعتقد بأن الجواب متنوع ومتشعب وقد يطول، لكن لابد من أن هناك أسباب كثيره تجمعت وتراكمت، تزايدت وتكاثرت بسرعه لتصل بنا الى ثورة الربيع العربي في بعض البلدان العربيه المتصدعه، ومن هذه الاسباب المهمه ولو انها كثيره….

*الفقر والجوع* بلدان فقيره لاتملك مايكفي لسد جوع مواطنيها وبالتالي البلاد تزداد ديناً والشعب جوعاً والتضخم ينال من عملتها فتصبح لا قيمةً لها، وينهار إقتصادها تدريجياً .

*الفساد* بسبب الفقر والجوع في البلاد، وقلت دخل الفرد والزاد ، يتنامى ويربو الفساد، فتكثر الرشاوي بين موظفيه وتنهار القيم الاجتماعيه وتضعف، وتتهاوى القوانين الرسميه ولا تنصف ، وتصبح اللغه السائده في البلاد هي للمال وهي سيدة الامر، هنا تبدأ مراحل الفساد الاداري والمالي بلا هواده، ويبدأ معها الانحدار الفكري والمالي والاخلاقي .

*الظلم* ينتشر فهو قرين الفساد وأحد نتائجه، فلن يحصل أحد على حقه بدون تكاليف، بالتالي أصبحت الحقوق تباع وتشترى نقداً وبأبخص الاسعار .

*القمع* وهو إستخدام القوه والشده ضد الشعب نظير كل قضاياه حتى البسيطه ، فلا صوت يعلو على صوت الحكومه ولا كيان يخطو صوب الحريه ولا دور يذكر لمؤسسات المجتمع المدني فالكل من القوةِ خائف .

*الطائفيه* أو المذهبيه وكذلك المناطقيه أو القبليه كلها تأتي لتمحو كيان الدوله وبالتالي الانتماء للدوله يقل ويكون عكسياً مع الانتماءات الاخرى المتصاعده.

*البطاله* هي داء الشعوب الفتاك ، وبها المؤامرات تكون وتحاك، فيها ينتشر وباء المال وتنتهي معها الامال، وبها تُستغل الانفس لتصبح كالقنابل الموقوته الموجهه للداخل .

*الفضاء الالكتروني* أصبح مفتوحاً ومتاحاً للجميع، فجمع في طياته الصالح مع الطالح، وإجمتع به كل عباد المصالح، وإستخدمه الخبيث لصالحه، وهيئه المتآمر لأهدافه، فيستغل ليكون منصة لإطلاق الاشاعات والاكاذيب الخبيثه.

*ثقافة المجتمع* بمعنى عندما تكون الثقافه السائده في البلاد هي سلبيه عنوانها التذمر والتململ وعدم الرضى من كل شيء، شعارها إنتهاز الفرص في سبيل النقد اللاذع والكيل بمكاييل عده تجاه الحكومه، هنا تكون السلبيه طاقيه وأكثر قوه في خلق خط متين من العداوه المقيته بن الشعب والحكومه .

*الحريه الخاطئه* التي فيها تتمادى الايادي ويضهر المُعادي علانيةً بدون غطاء ، بدون رادع أو مانع، يعمل الخطط والصنائع وذلك على نار هادئه من مرأى الجميع ، لتنتشر وتكبر فئة المتذمرين ويكثر معها دعاة الفتنه والحاقدين، فتوقض بهم عقولاً كانت هادئه .

*الطبقيه المجتمعيه* طبقه حاكمه لها كل الحقوق تمارس كل الصلاحيات تكون فوق القانون، وأخرى ثريه تتماشى مع الحاكمه لتشكل معها ثنائي قوي في إستنزاف موارد الدوله وبكل سهوله، وفي مقابل ذلك طبقه بسيطه سحيقه متلعوزه ومحيقه، تمارس عليها القوانين والانظمه على حقٍ أو بدونه.

*ظلم الحكومات* تجدها أغنى الحكومات وبها أفقر الشعوب، تجد هباتها وتبرعاتها تُمنح للخارج والمواطن يلتوي ويتمرغ في غياهيب الديون، تجد فيها إنتشار الاحتكار ونهب الثروات بحيث توزع المكارم للاقربون فالاقربون والاقربون، بها يتعطل القانون والنظام وينتشر في أرجاءها أولياء الحكومه الصالحون.

*تدخلات خارجيه* هنالك أيضاً أيادٍ سياسيه خارجيه، تعمل وتُعد في مطابخ غربيه وقد تكون عربيه ، الهدف منها تغيير الانظمه أو إثارة الشعوب وإستفزازها ، أهدافها سياسيه وقد تكون إقصاديه تخدم مصالح دول ومآرب خارجيه.

هكذا أرادوها وعملوا وهكذا كسبوا الرهان ، لُعبه وهي نفسها اللعبه، مفاتيحها لدينا وبأيدينا، ولكن فكرها لديهم وبأيديهم.. فهل نفهم أيها العرب ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى