المقالات

قصة الديك عبرة لمن اعتبر

بقلم: إبراهيم عطا

من منا لم يسمع قصة الديك الذي توقف عن صياحه اليومي خوفا من ان يقوموا بنتف ريشه، وبعدها وافق على طلبهم بان يقاقي كالدجاجة حتى يحافظ على ريشه الجميل، الا انه ندم ندما كبيرا عندما طلبوا منه ان يبيض وتمنى لو انهم نتفوا ريشه ولم يتنازل عن صياحه اليومي…وبرغم بساطة هذه القصة الا انها تحمل اكبر العبر والدروس خاصة لمن يتازلون عن مبادئهم حتى يحافظوا على مراكزهم ومناصبهم العابرة…
وهذه العبرة الدرس تنطبق على العديد من دولنا وانظمتنا وحكامنا الذين لا يتعظون، او الذين يتحججون بمصطلحات مثل “المرونة والمراوغة والتكتيك والبراغماتية”، او يدعون “الانحناء امام العاصفة”، وهناك الكثير من الامثلة والنماذج التي وصلت الى مرحلة النتف او تعدتها و وصلت الى وضع البيض، مثل العراق وفلسطين وليبيا والسودان وغيرها…
ولو اخذنا السودان ونظام عمر حسن البشير على سبيل المثال وهو المثال الراهن، فاننا سنرى ان هذه الدولة الكبيرة بمساحتها وبامكانياتها ومواردها الطبيعية والفقيرة بقدرتها الاقتصادية وبمستوى المعيشة لديها، قد حكمت من قبل نظام البشير لثلاثة عقود دون ان تطأ اقدامها بر التطور والتقدم، وقد بدأ حكمه بالتشدد وانتهى بالتخبط والتراجع عن كل مبادئه لينتهي بالسقوط الى الهاوية…
والمتابع لساسة النظام يعرف انه مر بمراحل عديدة لا مجال لذكرها الان بالتفصيل، ولكن نتذكر مثلا بداياته الاسلامية المتشددة ومواقفه الثورية المناهضة للغرب والمعادية للصهيونية والداعمة للمقاومة في فلسطين، واستضافته لشخصيات مثيرة مثل بن لادن وكارلوس، ومن ثم دخوله بمراحل من التراجع او التهدئة والمفاوضات لوقف الحرب الاهلية ادت الى اقتطاع دولة “جنوب السودان” الموالية لاسرائيل، وكذلك مرحلة قطع العلاقات مع ايران والذهاب باتجاهات مغايرة…وانتهاء بمرحلة الصداقة والتحالف مع المملكة والذي ادى الى ارسال ابنائه الى حرب اليمن والتضحية بهم مقابل المال…الخ
وبين هذا وذاك مر بمراحل تفاوضية مع الولايات المتحدة كي تقوم الادارة الامريكية بازالته من قائمة الارهاب العالمية، وفي المراحل الاخيرة زار دمشق وموسكو وكان على استعداد لاقامة علاقات مع الصهاينة…ولكن كل هذا لم يشفع له ولم يخلصه من نتف ريشه بعد ان ضحى بالكثير من مبادئه ومواقفه…
اما عن فلسطين فباستطاعتنا ان نقول ان السلطة الفلسطينية وصلت بعد سلسلة التنازلات الى مرحلة وضع البيض وهي منتوفة الريش فلا تستطيع ان تضع بيضا ولم يعد لها ريشا ليتم تهديدها بنتفه..
تحية لكل ديك ما زال يصيح عاليا ويقاوم التهديدات والضغوطات الامريكوصهيونية ويتحمل النتف من ريشه والمعاناة الكبيرة دون ان يخفض صوته او يتنازل لانه لا يريد ان يصل الى مرحلة وضع البيض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى