المقالات

في ظل الرئيس

بقلم:جمال الكندي

هناك مثل مصري يقول “ظل راجل ولا ظل حيطه” هذا المثل يعبر عن أهمية الرجل في حياة المرأة، ولكن هل كل رجل ينفع ان نتكئ عليه ويكون سنداً لنا؟! هنا تبدأ القضية وقضيتنا ربما تتشابه مع هذا المثل ولو بنسبة معينة، وسوف نستبدل كلمة ظل راجل إلى ظل الرئيس، فمن هو الرئيس الذي تغيرنا حينما جاء؟ من هو الرئيس الذي وجدنا ضالتنا التوسعية فيه ؟ من هو الرئيس الذي جاء ليستنزف مواردنا المالية ويغير بوصلة العداء العربي للكيان الصهيوني ويستبدلها بمحاربة “إيران” وحركات المقاومة الإسلامية ؟
أظن أننا عرفنا من هو صاحب الظل الذي تستند إليه بعض أنظمتنا العربية، وتحصل من خلاله عن طريق المال مكاسب ومواقف سياسية، في ظل هذا الرئيس المستحيل سياسياً أصبح ممكنا طالما هنالك ماكينة مالية تدفع وترضي الرئيس. فمنذ مجيء هذا الرئيس إلى سدة الحكم، وعرفت عقليته ذات الطابع التجارية، وظفت السياسة من باب التجارة، فكلما دفع له أكثر عن طريق صفقات سلاح وغيرها تتغير مواقفه، وخير دليل على ذلك هو الأزمة الخليجية التي تراوح مكانها ويستنزف أركانها من قبل الرئيس، فتارةً موقف مع هذه الدولة وتارةً ضدها والأمور تمشي مادامت هنالك جيوب تدفع لسيدي الرئيس.
في ظل الرئيس تتوسع الأطماع وتشتغل الأنا والعظمة على حساب الدم العربي في اليمن وسوريا ولبنان والعراق.
في ظل الرئيس تتغير البوصلة العربية تجاه قضيتها المحورية فلسطين، بل في ظله، ومن أجل إرضائه تعدم القدس وتستبدل “بأبو ديس ”
في ظل الرئيس لا يوجد حق للعودة إلى أرض الوطن، ويبقى أصحاب الحق عقبة كأداء في وجه السلام بين الفلسطينيين وبين من سلب أرضهم.
في ظل الرئيس يجوع الشعب اليمني، ويشرد الشعب اليمني ،ويقتل الشعب اليمني .
في ظل الرئيس، وهنا لا أقصد هذا الرئيس فقط، ولكن الذين كانوا قبله كذلك، تطبق نظرية وزيرة الخارجية الأميركية “كونداليزا رايس ” التي أعلنت عنها مطلع عام 2005 في حديث صحفي مع جريدة “واشنطن بوست الأميركية” حيث قالت عن نية الولايات المتحدة نشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدأ بتشكيل ما يعرف ب “الشرق الأوسط الجديد ” كل ذلك عبر نشر ” الفوضى الخلاقة ” في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركي .وما نراه اليوم في دول الشرق الأوسط دليل ما يفعله ظل نظام الرئيس، وما كشفه مؤخراً رئيس وزراء قطر ” حمد بن جاسم في وسائل الأعلام الغربية خير دليل حيث قال عبر قناة “بي بي سي” البريطانية “ان بلاده قدمت الدعم للجماعات المسلحة في سوريا عبر تركيا بالتنسيق مع القوات الأمريكية” وقال أيظاً “أن سوريا فلتت من فخ كان يخطط لها منذ عام 2007م ،أي بعد هزيمة إسرائيل في حرب عام 2006م .
وقد أشار كذلك أن ما أنفق على الحرب في سوريا تجاوز 137 مليار دولار أمريكي” طبعاً كل هذه الأمور وأكثر منها من أجل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي لا ينجح إلا بتفتيت سوريا إلى دويلات متناحرة عبر ما يسمى الربيع العربي ، الذي كان وسيلة وذريعة لتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة في المنطقة.
في ظل الرئيس تتغير المفاهيم والحقائق التاريخية، ويتطاول على الدول الغارقة في عمق التاريخ، صاحبة المكانة الزمانية فتحاك ضدها المؤامرات من أجل سلب قرارها الوطني السيادي المستقل ليوافق رأي هذا وذاك.

في ظل الرئيس نقرأ تغريدة عجيبة وغريبة، فبعد حذف محافظة مسندم من خريطة عمان في معرض اللوفر بأبوظبي، وتهريب دفاتر إلى الداخل العماني بها خارطة عمان ناقصة من وجود محافظة مسندم، تأتينا تغريدة تقول: إن مسندم محتلة وسوف ترجع إلى الوطن الأم وتسمى رؤوس الجبال، وأتمنى أن تكون هذه التغريدة كما يقال أنها من حسابات وهمية، وتريد ضرب السلم السياسي والإجتماعي بين الجار وجاره، ولكن المعطيات التي سبقتها تجعل الشارع العماني يصدق مثل هذه التغريدات.
إن محاولة شيطنة سلطنة عمان ، وجرها إلى ساحة التجاذبات الإعلامية والسياسية هي محاولة فاشلة ، وفشلها يعود إلى الثقة الكاملة في أبناء شعبها، وفي حكومتها الواعية الحكيمة، التي لا تنجر لكلام مراهقي السياسة، ومحافظة مسندم عمانية التراب شاء من شاء وأبى من أبى.

مثل هذه التغريدات إن صحت، أقل ما نقول عنها إنها غريبة وتصدر من عقل ضحل المعلومة السياسية، وستسبب، في تغير مناخ الأخوة والمحبة بين الجيران ، ولا أدري الذي يطلق مثل هذه التغريدات وأكرر “إن صحت” لا يفكر في نتائج كلماته في الداخل والخارج، وهل ستلاقي صدى في المنطقة والأهم من ذلك ماذا سيجني ؟ وماذا سيستفيد؟..
إن خسارة الجيران هي المصيبة، فهم السند الحقيقي والاستقرار الأمني بحكم التقارب الجغرافي والاجتماعي، وأما الرئيس الذي تتقوون به اليوم معكم، وغداً يأتي غيره وتتغير السياسات ولكن هل ستزول العداوات ؟؟؟.
إن هذا الظل الذي بسببه تدمر بلداننا العربية سيأتي الوقت الذي يزول فيه هذا الظل ، وتنكشف فيه العورات ولن تبقى بعدها إلا الحسرات من ضياع الأموال في المجهول، فهل من رجل رشيد يدرك ذلك قبل فوات الآوان؟ والأهم من ذلك أن ندرك سياسة نظام ظل الرئيس، فقد يزول ظله وتبقى سياسات نظامه كما هي بظل رئيس جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى