المقالات

مابين الفكر والعمر

بقلم : نورة الجساسي

إن لأيام العمر محطات يبنى فيها فكرا ، وتتوسع فيها رؤى ، ، وتتباين فيها المشاعر بين غبطة و غصة وفرح وترح وهنا تتبلور شخصية جديده بحسب التجربة ومعطياتها وتفاعلاتها فتبدو نتيجة ذلك إما نفسا صلبة قاسية أو رخوة لينة ثم قد يعود المرء إلى نقطة البدايه مرة أخرى . هذا من الناحية النفسيه ، أما من الناحية الفكريه فالعكس تماما فالمعرفة توقظ الفكر ، والتجربة تصقله ، والانكسارات تجعله أكثر مرونه لتقبل مختلف النتائج أو بالأحرى تجعله استباقا يقلبها في مختلف الاتجاهات ويتوقع نتيجة كل منها وردة فعله المتوقعه .
و هذا يحتاج إلى زمن ينقضي حتى يتعلم الفرد منا ذلك كله .
وقد تختلف نسبة التعلم ومقداره وسرعته من شخص لآخر بحسب محيطه مكنوناته ومكوناته .
و تتحدد الاستجابة وردة الفعل بالمعرفه ، وهنا تتشكل السلوكيات فكريا وممارسه.
صلابة تبنى ، وأخرى تزول .
وان التاريخ ليحدثنا بأن العظماء لم يولدوا كذلك من فراغ ، وإنما بالصقل والمهارة والتي أتتهم بعد المرارة .
ذكر لنا القرآن الكريم ذلك حين حدد أن سن الأربعين هو سن النضج الفكري والروحي وتفاعلات الجسد كذاك مع مختلف الظروف .
قال الله تعالى في سورة الأحقاف:
” حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)”
صدق الله العظيم .”

دليل على أنه سن استيفاء كمال العقل والفهم ، وذروة تمام نعمة الله على الإنسان في كمال القوى التي منحه الله إياها ، وهي مرحلة زائدة على بلوغ الأشد الذي يتم ببلوغ الحلم .
ولذلك فإن الأنبياء ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد بعث بالنبوة في سن الأربعين .
كما أن الكثير من السير الذاتية للشخصيات النهضوية والتاريخية والتحريرية كانت بسن مابعد الأربعين في قمة عطاءها وحكمتها ومسيرتها الإنتاجية والانسانيه .
فالعمر مجرد رقم مقابل مرونة الفكر رحمته ورشده. ومخطىء من يربط مقدار العمر بمرونة الفكر .
فهناك معادله في الغالب وهي أن الإنجاز النهضوي يحتاج إلى الفكر
وأن الإنجاز العملي الانتاجي العضلي يحتاج إلى الجسد الصغير العمر ، ولكن هذا الجسد القوي الصغير لن يحقق إنجازا بدون مرونة فكرية توجهه وتخطط له : وقد صدق ثوماس جيفرسون حين قال: ” لا أحد يستطيع إيقاف رجل لديه العقلية الصحيحة ولا أحد يستطيع مساعدة رجل لديه العقلية الخاطئة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى