المقالات

للماء ألوان

بقلم:نعيمة المهرية

للوجدان فكر واختيار وحيرة، وللماء ألوان إذا كنا نكذب على أنفسنا وعلى أبصارنا أو إذا أكد لنا أحد بأن للماء ألوان من أناس مبصرين أكثر منا دقة وتفكر وانتباه ، فسنصدق من هو أقوى مشادة في الجدال وليس من هو أكثر إحترام للرأي. وقد لا نصدق مطلقاً، فالأمر يعود للفرد ولكن متى نصدق مجبرين على ذلك؟

في شهر رمضان المبارك قبل فترة بسيطة بليلة قمرية جميلة، انتصف الشهر مع وداع للجزء من ملامح القمر وشوق للايام التي ركضت وستمضي معها الايام لملاحقة لها من الشهر الفضيل، اتصلت بي حينها طالبة كفيفة ذات مواهب متعددة بعد أن التقينا في عدة محافل للمناسبات الاجتماعية والوطنية ومناشط ثقافية وكوني ثاني مره التقي بأخرى كفيفة من محافظة ظفار بعد أن التقيت بليلى الشحرية، التي اهتمت بتربية اخواتها الصغار بعد وفاة والدتها وكانت تلقي دروس دينية من تحفيظ القرآن الكريم لأطفال الحارة في القرية الجبلية التي تقطن فيها مع أسرتها البعيدة عن مدينة صلالة، ولم اراها بعد تلك المناسبة.

ولأن قد تكون الظروف أقوى من أن تجمع الصدف الأشخاص ببعضهم فذهبت بعد أن وجهت لي دعوة حضور من جمعية النور للمكفوفين بعد توصية من الإعلامية الكفيفة بيان النهدي التي كانت ترافقها خالتها في جميع المناسبات، فوجدت الناشطة الاجتماعية أ.وفاء النجار تقوم بدور الأهم متطوعة بتنظيم كل ما في الأمسية. والتي كانت أكثر من رائعة بحضور العنصر النسائي فقط، وبما أن رئيسة لجنة المرأة الكفيفة رشا تيسير اخبرتها بأنها المرة الأولى التي يكون لي فيها حضور نشاط المرأة الكفيفة، ومما تعجبت منه إجابتها بأن هذه اول فعالية للمرأة الكفيفة تقام وبانها بادِرة من رئيسة لجنة المرأة.

في حين كانت أكثر من رائعة وقدمت فيها قصص نجاح لسيدات رائدات في عدة مجالات والأمر المتميز بأن من قام بترويج الفعالية بكافة تكاليفها هي من المتطوعات انفسهن. ومع حديثي مع الكفيفة بيان ذات الخامسة عشر من عمرها والتي عشقت الإعلام الذي تراه فضائها الفسيح والامل الواسع معتمدة على قدراتها في تحقيق طموحاتها مغذية بالانشاد ودورها الإجتماعي البارز نحو اللامحدود لأحلامها بأن تكون إعلامية تحمل رسالة بأن لا عوائق للكفيف، طالما يؤمن بنفسه ويرضي طموحه.

وأخبرتني بأن لها موقف جميل عندما حققت امنيتها في الانشاد بدخولها استوديو متعمدة بأن تكرر اخطاء الكلمات لكي لا تخرج منه مبكرا. وايضا اخبرتني عن امنيتها التي تحققت وأصبحت مدربة الحاسب الآلي للكفيفات كما لها دور في المواقع التواصل الاجتماعي.

حينها قمت بِحث رئيسة لجنة أن تقدم المزيد من المبادرات في هذا النشاط، فضحكت بقولها إن لا احد من الكفيفات يشاركن الا هي والطالبة بيان.

فاستوقفت وتسائلت كيف المحافظة بأكملها لا عضوات فيها من الكفيفات إلا إثنتين ؟ فاستنتجت إن المرأة التي لم تسلم من الحرص الشديد الذي لا داعي له ، زاد الطين بله على ذوات الاحتياجات الخاصة اللواتي ارضخن على تتبع من يتفوه على الهواء بالعادات والتقاليد والبعض بالدين ، كما أن الاتصالات ببعض من الكفيفات لحضور هذه المناسبة فقد اشترط ذويهن بأن تتقدم الفعالية قبل موعدها وقت العصر لان المساء يجب أن يكن في بيوتهن .

نعم الإبداع ينخمد وتتلاشى الرغبة الحقيقية ويصبح الحلم بسيط ومستحيل ويزيد الاستحالة بمجرد الإدراك في هذه الحاله .

نتمنى من اللجان الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية أن تخصص في تشخيص كل فرد وليس لصاحب الضمان الاجتماعي فقط. فالنفوس تحتاج وعي وليس للمال. والمبدع يحتاج للهدء واختيار طريقه وليس بالرضوخ من أجل شخص اقوى منه. نشفق على ضئالة فكر بعض المحبطين وهذا هو ما جعلنا نتراجع للخلف اكثر كلما تقدمنا خطوة للأمام.

لليلة كنت فيها بقمة السعادة وانا ارى المرأة في المحافظة من الفئة الكفيفة قادرة على أن تشارك في تنمية المجتمع والوطن ليسود بي بعدها غصة في القلب بأن الذين قالوا لها بأن للماء ألوان لترتعب وتنجلي منها فرحة الحياة التي اعتقدت هي بكلامهم بان لا لون للحياة.

فلتنهض المرأة من سبات الحيرة ولتبدع في الحياة ولا تجعل لكل درب عثرة التحديات. شاركن لتفعمن بالمعنويات وتتالق بكن بنات افكاركن. فعندما يقود الاعمى بصيراً فليس بعد بصيرته نورا بسيط، بل نورا يشع ابداعاً وفكر نير يحمل السلام بين جنباته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى