المقالات

دورنا في تطبيق ١٨٥ قانونا نافذا في عمان

بقلم: المحامية ميمونة السليمانية

احتفل العمانيون هذا الأسبوع بمناسبة غالية من تاريخ سلطنة عمان الحديث وهي يوم النهضة المباركة الموافق ل 23 يوليو 1970.
هذا التاريخ الذي أشرق فيه السلطان العماني الشاب قابوس بن سعيد فوعد الشعب العماني بأن يجعلهم سعداء.

ومع مضي 47 عاما على هذا الوعد.. فإن التشريعات العمانية أخذت نصيبها من البناء والتنمية فشكلت بنية تحتية هامة حالها في ذلك حال باقي أركان الدولة العمانية من بنية تحتية خرسانية ومباني وثروة بشرية لها طموحات وأحلام ومنشآت راقية وطرق ممتدة جعلت من سلطنة عمان ضمن العشر الأوائل في جودة الطرق.
إلا أن هناك طرق من نوع آخر حرص القائد المستنير على إنشائها ..إنها طرق العدالة ..طرق سيادة القانون.
من واجبي المهني وحق بلادي الغالية سلطنة عمان أن أشارككم حقائق هامة ومنجزات تشريعية وقانونية احتفالا بيوم النهضة العمانية.

فخلال 47 عاما تم تشريع ما جملته ١٨٥قانونا صادرا بمراسيم سلطانية سامية حتى تاريخه. حفظ فيها السلطان حقوق الأفراد والمؤسسات وتم مراعاة تنوع هذه القوانين لتلبي متطلبات التنمية والحفاظ على المكتسبات الإنسانية. ولعل على رأس قمة هذه التشريعات في أي دولة هو النظام الأساسي أو مايسمى في أنظمة سياسية أخرى بالدستور أو الكتاب الأبيض. ويعد النظام الأساسي العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (١٩٩٦/١٠١) تتويجا لبناء عمان منذ ١٩٩٧٠ وحتى تاريخ صدوره فكرس نظام الدولة وسلطاتها الثلاث والفصل بين السلطات الثلاث لضمان الحياد والنزاهة والعدالة ألا وهي: ١) السلطة التشريعية والرقابية، و٢) السلطة التنفيذية، و ٣) السلطة القضائية بينما يبقى التكامل بين هذه السلطات قائما لما فيه مصلحة الشعب وصلاح البلاد. كما أن النظام الأساسي العماني أرسى المبادئ الخمسة الرئيسية للدولة وهي المبادئ السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية ، والأمنية.

وتأتي مهمة صياغة التشريعات بآليتين دستوريتين هما: قيام السلطة التنفيذية المتمثلة بالوزارات والوحدات الحكومية الأخرى بتقديم مقترحاتها لمجلس الوزراء لتباحثها ومن ثم اتخاذ مايلزم بشأنها حيث أن أغلب التشريعات في سلطنة عمان ، تاريخيا على الأقل، تصدر بهذه الآلية. غير أن هناك آلية تشريعية لاتقل أهمية عن هذه الآلية ومن صميم الشعب العماني ألا وهي قيام مجلس الشورى المنتخب مباشرة من الشعب بإقتراح التشريعات لأجل مناقشتها والتوصل إلى إجراءات يرى فيها التشريع النور. ورغم أن التجارب وفق هذه الآلية محدودة منذ إقرار هذا الإختصاص لمجلس الشورى إلا أنه من الصحي التكامل لأجل تطبيق الشراكة الفعلية للسلطة التشريعية والرقابية في إرساء القوانين وتعديل ما يلزم لما فيه المصلحة العامة. ويتطلب هذا الأمر ليس فقط مناخا متاحا ومناسبا لابل يتطلب مهارات هامة تبنتها دول عريقة وممارسات فضلى لاتكلفنا شيئا لتبنيها وأهمها هنا هو “مبدأ المشاورة العامة”. حيث وبموجب هذه الآلية يتكفل كلا الطرفين سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية بإستحداث “مبدأ المشاورة العامة” قبل صدور أي تشريع. ومن مسمى هذا المبدأ فإنه يعتمد على إشراك كافة الشرائح في المجتمع، ليس بأسلوب إنتقائي يعتمد على أهواء أو آراء فئة محتكرة، لابل يفتح المجال بشفافية وعدالة للجميع لإبداء رأيه وفق آلية ومدد زمنية وضعت بإحترافية وشفافية في نفس الوقت.يتيح ذلك بسهولة وجود التقنية الحالية. وجدير بالذكر هنا بأن هناك جهات متخصصة في سلطنة عمان لها ريادة في مجال المشاورات العامة أهمها هيئة تنظيم الإتصالات التي تبنت هذا المبدأ منذ عام ٢٠٠٨ لحقتها بعد ذلك قطاع التعليم العالي الذي لديه محاولات متقطعة في تبني المشاورة العامة في بعض تشريعاتها أوسياساتها المستقبلية. ويتخلل المشاورات العامة عادة جلسات مشاورة وعصف ذهني يتم على ضوئها إعتماد توصيات بالتصويت عليها لضمان شمولية هذه الآراء وجدية الأخذ بها. لذا نلاحظ في مناخات أخرى كالمملكة المتحدة مثلا تبني أوراق تعطى ألوان محددة وفق تدرجها في المشاورة من الورقة الزرقاء، للورقة الخضراء، منتهية ب البيضاء قبل مناقشتها في قبة البرلمان.
وفي الختام طرحي هذا يأتي متماشيا مع الفكر السلطاني السامي الذي اقتبس منه مايلي:
“لقد وضعت قوانينُ لهذه الدولة بموجب مراسيمَ سلطانيةٍ صدرت بشأنها، وتصدر من حين لآخر، وذلك للمحافظة على مصالح الشعب ، فعليكم أن تدرسوا هذه القوانين، كلٌّ في مجال اختصاصه دراسة وافية ، وألا تتجاوزوا في المعاملات أيَّ نصٍّ لتلك القوانينِ ، بل يجبُ التقيدُ بها واتباعُ ما جاء في نصوصها ” .
من أقوال السلطان قابوس.

مستقبلنا في الإبتعاد عن الغرف المغلقة في التشريع واستبدالها بمنهج التشاور والتباحث والطرح التشاوري والتخصصي لنكمل مسيرة البنية التحتية التشريعية بكافة تدرجاتها من القانون إلى اللوائح التنفيذية والقرارات الوزارية إلى أنظمة داخلية متماشية مع المنظومة بأكملها.
كل عام والتشريعات القانونية في أسمى مراحل سيادة القانون لخدمة مصالح الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى