المقالات

خليجنا واحد وشعبنا واحد هل أصبحت شعار فقط ؟؟

بقلم:جمال الكندي

عندما كنا صغار وفي كل قمة خليجية تعقد في بلدنا نخرج ونصطف على جانبي الطريق الذي يمر فيه موكب القادة الخليجيين، وهم في ضيافة سلطنة عمان نصفق وننشد هذه الكلمات خليجنا واحد وشعبنا واحد ونمسك بعلم الإمارات والسعودية والبحرين بيد واليد الأخرى نمسك بعلم سلطنة عمان والكويت وقطر، وكانوا يعلموننا منذ الصغر إننا ستة دول خليجية في كيان واحد ولا فرق بيننا، وكل بلد من البلدان الستة هي على قلب واحد هذا ما تم تعليمه إيانا ونحن صغار. ولكن الصغير يكبر ويكبر عقله معه، وعندما يكبر يغلب العقل على العاطفة أو بمعنى أصح يوازن بينهما.

الأزمة الخليجية تفاقمت وأصبحت خارج السيطرة الخليجية، وخرجت من المصطلح الخليجي المعروف حب الخشؤوم ينهي الخصوم ويطوي الزعل، ولكن الأزمة إلى المنحى التدويل إن صح التعبير، وعناد الفريقين واستقوائهما بالخارج عقد الأزمة وأوجد فيها أطراف تريد الولوج في البيت الخليجي. فهل تعيد هذه الأزمة الإصطفافات بين المحاور المتصارعة في سوريا واليمن وليبيا ونجد أنفسنا أمام خارطة جديد بعد هذه الأزمة، التي نرى نارها الدبلوماسية تشتعل بين الدول الخليجية الثلاثة وقطر، مع اشتغال المكينة الإعلامية بأقصى طاقاتها الاستيعابية عند كل الأطراف، ولا سيما الدول الخليجية الثلاثة وهذا طبعاً يؤسفنا كثيراً ويبعد الحل التوافقي السلمي في المدى القريب.

على المفرق الأخر نرى أن جهود سمو أمير الكويت صباح الأحمد الصباح مع سلطنة عمان مستمرة وسط هذا الكم الكبير من التراشق الإعلامي الغير مسبوق، فهذه الأزمة أصابت المواطن في هذه البلدان بالدرجة الأولى، ومحاصرة دولة قطر من قبل الدول الثلاثة لم تدع لها خيار سوى الانفتاح أكثر إلى إيران وتركيا والأولى هي عقدة البلدان الثلاثة المتنازعة مع قطر، وهذا بدوره يأزم في المسألة أكثر فأكثر.
وهنا نطرح سؤال مشروع هل مساعدة إيران لقطر سيغير من التحالفات في المنطقة لا سيما وأن التصريحات الأمريكية بشأن هذه الأزمة متناقضة وضبابي التوجه لذلك وجدنا وزير خارجية قطر في زيارة لروسيا والمعلن عنه هو التشاور بين البلدين في الأمور المشتركة، وكما هو معروف أن روسيا تتزعم حلف معادي لتوجهات أمريكا في بلدان الربيع العربي ولها حلفائها المعروفين وعلى رأسهم أيران.
قرار إرسال تركيا قوات عسكرية وفق اتفاقية بينها وبين قطر غير قليلاً من معادلة الأزمة الخليجية وخاصة أن تركيا حليف للسعودية في سوريا والعراق، ووجهات النظر بينهما متقاربة جداً في مسألة الحشد الشعبي في العراق ومستقبل الرئيس بشار الأسد، وهما في حلف واحد تحت القيادة الأمريكية، ولكن هذه الأزمة الخليجية غيرت التوجهات، ووقفت تركيا بقوةً مع دولة قطر، وإرسالها هذه القوى العسكرية التي يقال أنها تقدر بخمسة الأف جند من القوات التركية أجلت حسب كثر من المراقبين المرحلة الثالثة والتي بشرت بها جريد الرياض السعودية بأن انقلاب سادس وشيك سيحصل في قطر على ضوء الأزمة مع جيرانها من الدول الخليجية الثلاث . وقوف تركيا بهذا الزخم الكبير وإرسالها قوات عسكرية هي رسالة لحلفائها الخليجيين ولأمريكا أن الفكر الإخواني في قطر محمي تركياً وهذه كانت أكبر مشاكل قطر مع الدول الثلاثة ،فقطر كانت تمسك بخيوط عدة مع المحور الأمريكي في دول الربيع العربي فكانت حاضرة في ليبيا وسوريا ومصر واليمن، وساهمت في ما يسمى ثورات الربيع العربي وكانت تتقاطع مع حلفاء أمريكا في المنطقة على تغير الأنظمة في هذه الدول وفق الرؤية الإخوانية لأن المصلحة كانت حاضرة من أجل أسقاط الأنظمة السياسية في ليبيا وسوريا واليمن والذي تغير اليوم خسارة المحور المعادي لسوريا والعراق بقيادة أمريكا وحلفائها الخلجيين وتركيا .
تفاقم هذه الأزمة وعدم بروز أفاق للحل الخليجي والذي نحن الخليجيين نتمنى أن نراه قريباً سوف يغير من قواعد اللعبة، والتوجه القطري إلى إيران وروسيا وطلب العون العسكري من تركيا هي أكثر من رسالة قطرية للدول الثلاثة ولأمريكا، إنه إعلان قطري بتحصين سيادتها واستقلال قرارها السيادي وعدم رضوخها لإملاءات خليجية أو أمريكيا والتفاهم معها على أساس السيادة القطري على قراراتها، والجلوس على طاولة التفاهم ومحاولة تطمين الدول الثلاثة بخصوص تخوفاتهم من احتضان قطر للقيادات الإخوان المسلمين.
هذا السيناريو المحتمل لحل هذه الأزمة فقبل التدخل التركي كانت هنالك شروط لدول الثلاثة تطالب قطر بطرد القيادات الإخوانية وأمور أخرى ترها الدول الثلاثة أنها تسبب زعزعة لأنظمتها السياسة، وكانت قطر مستعدة لذلك، وقد باردات في إبعاد بعض قيادات حماس لكسب ود أمريكا وإخراج قطر من دائرة الدول الراعية للإرهاب. ولكن اليوم وبعد التوجه القطري الجديد إلى إيران وتركيا تغيرت المعادلة وللأسف خرجت من الدائرة الخليجية فهل سنظل نردد الشعار الذي حفظناه ونحن صغار” خليجنا واحد وشعبنا واحد ” ام يكون ذلك من الماضي الجميل الذي يبقى فقط في الذاكرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى