المقالات

إلى سيادة القانون..

بقلم:المحامية ميمونة السليمانية

تحية طيبة وبعد،،

أكتب إليك لأن لا مناص إلا أن أحاورك.. فقد رافقتني في أغلب المشاهد اليومية.. وبين تناسيكي ومعاودتكي للظهور في تحليل كل هذه المشاهد بصغرها وكبرها.. انتهيت إلى أن أخاطبك مباشرة..

فمنذ بداية اليوم ترافقينني عندما أدير سيارتي وأستمع للقنوات المتعددة ..بين محتوى جاد وآخر فارغ..لا يهم فلكل صوت جمهور ما يعنيني تساؤل عن مهنية الإعلام..وكيف انتهى المآل بنا قبول هذه الأصوات دون حيلة منا سوى تغيير الموجة الاذاعية! فإن نجونا من المحتوى أطاح بصبرنا دعاية مصطنعة لاتمت لنا بصلة ولاتعبر عن منتج مدروس!

أنتبه للشارع أمامي.. فأغير الأثير لموسيقى كلاسيكية تسافر بي بعيدا مع مقطوعة موزارت بعيدا عن الأنانيين اليوميين في تقاطع الإشارات الذين يغيرون مساراتهم كل يووووم.. دون رادع ..لايضيرهم حتى ما تتكبده جيوبهم من مبالغ المخالفات المرورية التي يدفعونها بممنونية دون اعتراض بينما نحن على موعد مع تباكيهم الموعود عند مطلع كل شهر ،وبكل تناقض، على سعر البنزين الشهري مع إن مبالغ المخالفات تتجاوز بأضعاف مايدفعه هؤلاء لارتفاع سعر البنزين!

بعد بضعة مئات من المترات..اتذكر الخطوط الصفراء الأنيقة على جانب الطرقات في بلادي ما أجمل نظامها ورقي تصميمها.. لا أنفك أتذكر أول وظيفة لي في حياتي كباحث قانوني في وزارة البلديات الاقليمية ومع قلة خبرتي آنذاك كان شغفي للتفاصيل ملازما لي.. أتذكر مناقصة تخطيط الشوارع وكم كانت تكلفتها السنوية على الدولة..وتساءلت هل نعي فعلا تكلفة هذه الخطوط التي نتجاوزها يوميا باستهتار نحو مزيد من تكاليف إعادة تخطيطها.. فيعلو صوتي الداخلي معاتبا لي على تدقيقي على كل هذه التفاصيل.. وينصحني.. التغاضي ..التغاضي..!

أقف على أعتاب أحد بوابات المدارس الخاصة ..كالعادة مكتظة البوابة بسيارات فارهة من أحدث الأصناف.. يقودها وافد لقبه.. “سائق الأسرة المبجل”.. هذا الذي إذا نجا من رادار قانون المرور..لاينج من رادار قانون الطفل الصادر في ٢٠١٤ الذي يكرس أن للطفل حقوقا وكرامة وكيان.. لايعيها هذا الوافد غير المتعلم الذي يعلو صراخه على أطفال المعزب المتفاخر بثقته بسائقه الخارق! ألا ليت سيادة القانون تأتين لتلقي عليه تهم انتهاك حقوق الطفل..! وما خفي عن الطفولة أعظم..

لاعليك.. أكمل خطابي هذا لك بأنني مللت سكناك في أفكاري.. حتى وأنا أنهي معاملة حكومية .. وجدت العديد ممن تحسنت عقلياتهم ويحاولون جاهدين خدمة المراجعين.. وبالمقابل وجدت عددا لايستهان به تعلوه علامات الكبر .. ففي حواره المتعالي مع زملائه بصوت مسموع لنا كمراجعين يقول ” هذولا دايما كذاك بس يشتكوا وما عاجبهم شي”! وكأنه قادم من كوكب آخر.. أليس هو من استمات بكل أنواع الواسطات ليشغل هذه الوظيفة! سبحان مغير حالك..لوتركتها لمستحقها لربما كان أكثر إخلاصا منك !

الوقت يداهمني فأنا على موعد مع مقابلة وظيفية في شركة تابعة لشركات أخرى..آآه تذكرت ياسيادة القانون المبجلة.. إنها ذكورية بحتة وبما أن الوظيفة قانونية وحساسة وتتقدم فيها أنثى وحيدة متخصصة في القانون.. فقد سأل المسؤول الذكوري كافة زملائه في الصالة الرياضية عني! وكأنه على وشك الدخول في مشروع زواج! كما نشر في غمرة صولاته الليلية في المقاهي مع الربع عن سري الصغير البرئ لتقدمي في وظيفة متاحة بالتساوي للجميع وليس عبر الواسطة والالتفافات المعتادة..فعلم القاصي والداني عنها.. قبل حضوري مقابلتها!

لعلي أواصل المقابلة أدبا لا أكثر.. أم ما هي نصيحتك لي يا سيادة القانون المبجلة؟!

أرى أن اكتفي بهموم الانسان الصغيرة..اشارة يتم تجاوزها يوميا..! هدرنا المال العام بإطارات سياراتنا التي تذهب لإعادة تخطيط الشوارع ! والتغاضي اليومي عن السائق الوافد المؤتمن على مستقبل عمان..الطفولة! تكفيني هذه الهموم البسيطة للنهار!

سأكمل لك في رسالة مستقبلية ربما مشاهد المقابلة ذات السيطرة الذكورية أو مشاهد حياتية أخرى !

أحييك أيتها المبجلة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى