المقالات

في حضرة معالي الفريق

بقلم:د.رجب العويسي

” ما لنا وطن غيره” تلك عُمان … قالها فسكت برهه… ، نظرتُ إليه وهو يعيش لحظة تأمل أعمق، ليقرأ التأريخ ويعيد رسم خريطته في ذهنه من جديد ، ولسان حال كل شيء في تلك اللحظة، يقف إجلالا لعمان ووفاء لها، وولاء وعرفانا لباني نهضتها ، أنفاسٌ تتأمل وخيالات تراقب الانجاز وتقارنه، وتقترب من الحاضر وتعيش نتاجه، وتذهب بعيدا حيث الماضي لترسم صورة محاكاة بين زمنين العمر الوقتي بينهما قصير ، بينما عمر الانجاز بينهما لا التقاء فيه؛ إلا ما كان من هويه إنسان هذا الوطن ومبادئه، وثقافة أبناء عمان الرصينة المعتدلة الراقية الواعية الضاربة في أعماق التأريخ الإنساني، علامات فارقة وشواهد حية تقرأ عمان لما قبل نهضة الثالث والعشرين من يوليو المجيد من عام 1970، وما بعده، سيكتب التأريخ حلقاتها ويرصد محطاتها بماء الذهب، وهي بذلك تضع أجيال النهضة أمام مسارات من الوعي والشعور بالمسؤولية ، وفطرة حماية الانجاز والمحافظة على المنجز، وتقرأ ما يعيشه وطننا الغالي من نعمة الأمن والأمان، والتقدم والازدهار، والاستقرار والرخاء، والتعايش والوئام… ليتسع التأمل فيقف على حال الأمة وواقعها المعاصر، ومصير المشردين والمشتتين واللاجئين، ومن ضاقت عليهم السبل، وانقطعت بهم الديار، وعاشوا بين القصف والدمار، وحر الصيف وصقيع الشتاء، يبحثون عن وطن يحتويهم، واستقرار يرتضيهم، ونعمة كانوا فيها فاكيهن، كيف ضاعت الأوطان وسُلبت منها الحياة، عندما يموت ضمير الإنسان، وتضيع الغيرة، وينعدم حس الوطن، ويفلس الإخلاص للأوطان ، فنظلمها بجرائرنا، ونسلبها حقوقها بأيدينا، ونتاجر بها حتى نفلس فلا نملك بعدها شيئا، حتى وإن بقيت معنا أموال الدنيا فهي أمام معيار الوطن هباءً منثورا، تلك هي الأوطان وذلك هو الوطن.
” ما لنا وطن غيره” كلمات كحبات اللؤلؤ، تحمل معاني الولاء والانتماء وصدق المواطنة وحب الوطن… أبكتني بصدق، عندما تيقنت قلة ما صنعته يدي لوطني، وضآلة ما قدمته لأجله، فوطن لا تقدّر إنجازه أو تعترف بعطائه، أو تحتضن مبادئه، لا تستحق العيش فيه… قالها: وهو يسرد منجزات مشهودة ، كانت بالأمس أحلاما ، في وطن بنى من الأحلام واقعا، وجعل من الأمنيات مبدأً تتنافس الأنفس الرضية لبلوغها في ممارسة راقية، فأصبح لها حضورا في الواقع، انعكست على منجزات وطني الشامخة ونهضته الأبيّة، حتى تغّير وجه الأرض، وأشرقت الأرض بنور ربها، وأنارت السماء كل بقاع عُمان، لقد كان الوطن وسيظل، تلك الروح التي تسري في النفس لتبقيها على قيد الحياة آمنة مطمئنة، مليئة بالحب والسعادة، تستمتع بعطاء الله، راضية مرضية بإذن ربها، ليهدأ كل شيء عندما تتحدث عن الأوطان، في صدق إنجاز، وإخلاص عمل، وسلامة نهج، وسلوك قيم، وقوة إرادة، وعزم واصرار على تحقيق أولويات الوطن ورسالته، فيبقى شغف النفس يبحث عن أيّ فرصة عطاء من أجل الوطن، والآذان صاغية بإنصات تسترق السمع، لتسرد حكايات الوطن في نجاحاته وتميزه ، وتجدده وانتاجه، وعمق التأمل في عظمة المنجز وقيمة الانجاز ، يسع الجميع صدقه، ويحتوى الكل هدفه، فهي أبلغ من كل كلمة، وأفصح من أي قول، وأصدق من كل حديث، حتى انعكست على الأرض خيرا كثيرا، ومنتجا عظيما، تعلو منابره روح المواطنة ونهجها الباعث إلى حب الله والوطن والسلطان، فتستريح الأنفس بالاستمتاع به، والتأمل فيه، ذلكم هو وطني الأبي الشامخ في أعالي الثريا، في تكامل بنيانه، ووحدة صف أبنائه، واستدامة تنميته، وأخلاقيات إنسانه، وعدالة حكمه، ودقة منهجه، وعظمة مشهده في الحياة وفخره بين العالمين.
” ما لنا وطن غيره” فوطني عمان، كيانُ السعادة، وسياج الأمن، ونور العلم، وطريق العمل، ما أجمل الحديث عنه، وهو يسّطّر من عمالقة العطاء وجهابذة التفوق، نماذج راقية تشدّ بها الإنسانية قوتها، وتعزز بها نهضتها، وتبني فيها فرص أمنها واستقرارها، يحتوى الجميع عدله، ويهنأ الكل عيشه، إذ كلهم أمام قانون الوطن سواء، وفي قاموسه متحابين متعاونين متآلفين، لتهمس مسامعنا كلماته، وتتناغم أفئدتنا مع حروفه، وتتعانق مع أنغامه هويته وتفرده، وتسري فينا أحلام الطفولة الجميلة التي كنّا نحلم أن نعيشها، فعاش أبناؤنا ترانيمها وجمالها ودلالها وجلالها وعظمتها ، لقد كان وعد القائد المفدى حفظه الله ورعاه حياة جديدة غيرت وجه الحياة في عمان ، وبلسما فاق عبير عطره أرض عمان وبحرها وجوها، واتسع لبقاع العالم ينثر ورود السلام ويحيى روح التعارف والتعاون والإخاء ، فرسم لوطني بذلك مسيرة دولة عصرية، تتناغم فيها موجهات التطوير، وتتعايش في ظلها معطيات العالم ومستجداته، لتتفاعل جميعها مع هوية الوطن وسياسة الدولة ورؤية الحكومة ، وأولوياتها في استراتيجيات التنمية الوطنية والخطط الخمسية، فالأمن والتعليم، والاعلام والثقافة، والاقتصاد والتنمية ، والسياحة والهوية، والقيم والمهارات، والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والقانون والقضاء، والأعمال والمال، والعدالة والعدل، والتطوير والتجديد، مفاهيم ومنطلقات عايشت عمان الوطن” الدولة والإنسان والتنمية”، أدارتها بحكمة، قيادة معطاءة مخلصة ، سخرت كل طاقاتها من أجل عمان، فكانت لها الصحة والسعادة والهناء ،- بأبي أنت وأمي مولاي حضرة صاحب الجلالة – فاستراح لأجلها، وبنى في ظلها مبادئ الدولة، وقدرات الانسان، وصناعة التنمية في أفضل أحوالها وأنصع أدواتها، وأدق مساراتها، فهو خير من يرعى شؤونها، ويتابع انجازها، ويفخر بعطائها، ويبرز احتياجاتها، لنتعلم من حكمة جلالته أعزه الله كيف تُدار الأوطان، وتُستثمر الفرص من أجل الإنسان، ليعيش الناس في وطنهم متحابين متعاونين كالجسد الواحد، يربطهم مشترك الوطن، ووحدة ترابه، والانتماء لأرضه، والولاء لسلطانه المفدى حفظه الله ورعاه ، لقد شارك العالم أهدافه الراقية الساعية نحو وحدة بلدانه، وحق تقرير المصير لشعوبه، فغرّد وطني داخل السرب، لأنه يحمل مبادئ وقيم الإنسانية والسلام والحوار، لتتكامل الجهود من أجل كلمة سواء في مواجهة حالات التحجيم للقيم والاخلاق، والازدواجية في التعامل مع المواثيق والقوانين والاعراف الدولية، واحتواء النزاعات بين دول العالم حقنا للدماء، وتفرغا للتنمية، وتأكيدا لحسن الجوار، وأهمية الحوار في حل النزاعات بين شعوب العالم ودوله، وهو يغرد خارج السرب، لأنه لا يرغب أن تكون عمان شريكا في غير التنمية والسلام، فلن تكون عُمان متواطئة في حرب الانسان بدون مبرر، أو التدخل في شؤون الغير، او الاعتداء على حرية تقرير المصير ، بل فتحت للسلام أبوابها، ومدت للحوار أكف راحتها، وأوجدت مساحات ود وصدق وثقة بين الشركاء والاصدقاء، فهي خارج السرب، عندما يكون السّرب خارج الأعراف والقوانين والأخلاق الانسانية النبيلة، أو يوجه للنيل من كرامة الإنسان، لقد وازنت عمان في نظرتها كل أحداث العالم، وقرأتها قراءة متأنية فاحصة، مستوعبة دروس الماضي وأحداثه ، وحضارة عمان بما حملته في كل عصورها من أسباب القوة والعظمة، أو مسببات الفرقة والضعف، فكان ذلك كله مقاييس للأداء، ومعايير انطلقت منها لرسم خريطة المستقبل، وهي تنظر في الانسان القيمة المضافة التي تحرك مسارات التنمية، وترسم مسارات الإنجاز، فقد أثمر ذلك عن تقدير العالم أجمع لعمان وسياستها الخارجية، واحترام لكل ما اتخذته من بدائل في معالجة الملفات الدولية ، في ظل وقوفها مع الإنسان في الداخل والخارج، وشمولية تعاطيها مع التنمية والتطوير، ملتزمة مبدأ الاتساع والتكامل، فأرض عمان واحدة، وعطاؤها يجب أن يشارك في صناعته كل أبناء عمان.
لقد وصلت كلماتكم سيدي معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك، فاستوعبها العقل والقلب ، وامتلأ بها الفكر والوجدان، ورددها القلم واللسان، حتى ثبتت في النفس ورسخت في العمل، وامتدت لتنسج خيوط الولاء والانتماء، والصدق والأمانة، لترسم خريطتها في صدق الممارسة، ومنهج العطاء، وقوة الإرادة، وتحدي الانجاز ، عطاءً غير مجذوذ، كما رسمتموه أنتم سيدي، في عطاء ممدود وانجاز مشهود ، وقراءة تُبقي مسار المسؤولية، جسرا يستوعب الجميع عطاؤه، حسُّه ونبضه، مشاركته ومبادرته ، حتى تمكّن إنجازكم ممثلا بشرطة عمان السلطانية، من تحقيق الأحلام، ومسايرة التوقعات، فاقترب الفعل من الأمنيات، وانتقلت الأفكار إلى واقع، سطرتها قلاع الآمن وحصونه، والعين الساهرة على حماية منجزات الوطن وإسعاد المواطن، فكان عملكم مبرورا، وسعيكم مشكورا ، فاستحققتم بذلك شرف خدمة الوطن، وارتسمت على محيا المواطن والمقيم ابتسامة الفرح، وعبارات الشكر والتقدير، اعترافا بجميل ما صنعتم من أجل عمان، لتصبح واحة الأمان، وبوابة التقدم، ووجهة التسامح والسلام.
حفظ الله مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وأمد في عمره إنه قريب مجيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى