عمانيات

المرأة العُمانية في الفضاء الرقمي: حضور يصنع الوعي لا الضجيج

استطلاع: سالمة بنت مرهون الفارسية

في زمن تتسابق فيه مقاطع الترفيه للسيطرة على الفضاءالرقمي، تبرز مجموعة من الشابات العمانيات اللواتي قررنأن يكون حضورهن مختلفا؛ حضورا يحمل فكرا ورسالة قبلالصورة. في يوم المرأة العمانية نسلط الضوء على نماذجآمنت بأن صناعة المحتوى ليس مجرد ظهور، بل مسؤوليةتُسهم في بناء الوعي. بين الكلمة المؤثرة و الفكرة العميقةفي هذا الإستطلاع نلتقي بعدد من صانعات المحتوىالرقمي لتروين لنا رحلتهن في تقديم محتوى هادف، واقعي، ومؤثر.

من الفكرة إلى الرسالة: دوافع صناعةالمحتوى الهادف

تروي نجد المقبالية، خريجة قانون بجامعة صحار، شابة طموحةتملك خبرة تمتد لعشر سنوات  في صناعة المحتوى ، كما ترى فيالكلمة مسؤولية و في الصورة رسالة وتعتبر الإبداع وسيلة لتكوينهوية الفرد، أما عن إجابتها عن السؤال الأول فمنذ البداية لم تكننجد تنظر إلى صناعة المحتوى بصورة دقيقة كما هي عليه الآنلكنها بدأت من فكرة أن كل ما ينتجه الإنسان يترك أثرا في وعيالناس ومن هنا كانت الإنطلاقة فمتى ما كان المحتوى صادقافإنه يعد فعلا بناء وليس مجرد فعل عابر. تعتقد نجد بأن التسليةوحدها لا تكفي لجعل الإنسان كائن افضل يعيش على وجهالأرض، وعلى الرغم من أن التسلية ضرورة حياتية ولكنها ليستما يجعل الإنسان كائن افضل. نعيش في زمن يتسابق فيهالكثيرون للظهور إلا أن نجد اختارت ان تبحث عن العمق خلفالضوء. فتقولالإنسان عبارة عن فكرة وهذه الأفكار هي منتشكل الإنسان وهو امتداد لها ومن هنا تشكلت لدي الرغبة فيتقديم محتوى يعبر عن أفكاري وليس انعكاسا لموجة معينة“، فالمحتوى هو مساحة للتعلم والتأمل وتعريف كل ما هو موجود منمنظور إنساني مواكب ومعاصر.

تقول منيرة البلوشية،أكاديمية وباحثة في العلاقاتالدولية،وصانعة محتوى في المجال السياسي أننا نقضي وقتاطويلا في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن من المؤسف أننا لانغذي عقولنا بمعلومات مفيدة حيث أصبحنا نفتقر للمحتوىالاصيل الذي يجعلنا مرتبطين بالواقع ومن هنا أنا منيرة أحببتحقيقة أن اخلق محتوى يستمر أثره. خصيصا من ملاحظتي انمنطقة الشرق الأوسط بدأت تشهد أحداث سياسية هامة تمسنانحن جميعا، فوجدت أنه من الضروري أن يخرج شخص منالمجتمع يوضح الأمور الغير واضحة، كما أرى أن المحتوىالهادف هو من يبقى ويستمر حتى وإن كان الاقبال عليه ضعيف.

تضيف حور علي، طالبة بتخصص التسويق الرقمي وبناءالهويات بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، صانعة محتوى مؤثر، ومحبة للتجربة ومشاركتها، أن الدافع الذي وجهها لصناعةالمحتوى كان نابعا من كونها فتاة محبة للتنوع وهذا ما تحتاجهالساحة اليوم فإن رغبتها بمشاركة تجربتها لكي تلهم من يفكرونمرتين قبل أن يخطون الخطوة. تقول حورفي زخم المحتوى الذيتعج به شبكات التواصل الاجتماعي نحتاج إلى رفع جودةالمحتوى المقدم للجمهور لاسيما الفئات الصغيرة منهم” .

تذكر رقية السيفية، منسقة لوجستية و صانعة محتوى علىمنصتي انستغرام ولينكد إن، بأنها بدأت صناعة المحتوى  منفكرة وجود فراغ فيما يخص المحتوى اللوجستي فكان لا بد منوجود شخص يقود هذا القطاع على منصات التواصلالاجتماعي فالمسؤولية المجتمعية كانت السبب الرئيس والدافعالذي جعلها تتجه لصناعة محتوى لوجستي، وبما ان الكثير يتجهالى المحتوى الترفيهي سريع الإنتشار قررت رقية الإتجاه إلىالمحتوى الهادف الذي بدوره يأخذ وقتا طويلا في الوصول الىالاخرين.

المحتوى الهادفبذرة تصنع التغيير

ترى نجد أن التغير لا يأتي مرة واحدة من صخب كبير، بل مناثر صغير يتكرر بصدق، كما تشبه نجد المحتوى بكونه بذرةصغيرة يزرعها الإنسان فقد تثمر اليوم أو  لا تثمر ولكنها وبكلالأحوال سيأتي يوما ما وستغير هذه البذرة شكل الحقل فيمابعد، فالإنسان عندما يقرأ، يسمع، أو يرى فكرة صادقة تشبههتبدأ عملية التغيير عنده ولكن لابد للإشارة بأن عملية التغييروالتحسين هي عملية تراكمية لا تأتي ساعة واحدة فهنا تكمنالقوة الحقيقية في صناعة المحتوى لأنه يحدث أثرا دون ان يرفعصوته وبكل الاحوال فإن المحتوى الهادف بشتى انواعه يسيرنحو اتجاه واحد وهو تشكيل وعي في عقول الناس.

تصف منيرة المحتوى الهادف بكونه المحتوى الذي يغير المجتمعويترك أثرا، ومن حقيقة بأن الناس في وقت الأزمات يبحثون عنصاحب المحتوى الهادف الذي يوضح لهم ما حقيقة الشىء ولايبحثون عن المحتوى الترفيهي وهو الذي يذهب مع غيره منالمحتويات الكثيرة التي أصبحنا منغمسين فيها.فالمحتوى الهادفيخلق وعي وهذا الوعي يتحول لسلوك وهذا السلوك يتحول لأثريكبر ويمتد ويكون علم مستدام تنتفع منه الاجيال.

تؤمن رقية بأن التغيير يبدأ من الخطوات الصغيرة وليس منالخطوات الكبيرة والمفاجئة ومن ثم فإن هذه الخطوات البسيطةتصنع فارقا في حياة الآخرين. تشير رقية إلى أن مشاهدةالآخرين يقدمون على التغيير هي الخطوة التي تدفع الآخرينللتغيير ايضا وأن التمكين الحقيقي يأتي من خلال إلهام الشبابوإكسابهم المهارات اللازمة والخطوات الاولى لإكمال المسيربشكل واضح بما يناسب الوضع الراهن في سلطنة عمان، فنقلالمعرفة وحده ليس كافيا ولكن توظيف هذه المهارات هو ما يحفزالآخرين على البدء الفعلي.

تضيف حور، يمكن للمحتوى ان يكون صانعا للتغيير اذا ما كانمحتوى حقيقيا بالدرجة الاولى فهو نابع من التجربة قبل كلشيء، ولذلك اعتقد ان المحتوى الصادق الذي أقدمه هو ما يجعلالناس يعتقدون بأنه مؤثر.  

حضور المرأة العمانية في الفضاء الرقمي

تعتقد نجد بأن حضور المرأة العمانية في صناعة المحتوى هوحضور متوازن و طبيعي، وليست هناك حاجة للمقارنة والتضخيمفي هذا الجانب، والمرأة بطبيعة الحال قادرة على الإبداع فيشتى المجالات وعلى تقديم ذاتها بصدق وان تترجم فكرها بلغةجميلة و مؤثرة. فمن يمتلك رؤية واضحة بغض النظر عن المجالسيصل في نهاية المطاف.

تقول حور يشهد حضور المرأة العمانية تقدما في الفترة الاخيرةوغالبا ما نرى أن محتوى الشابات العمانيات في شبكاتالتواصل الاجتماعي محتوى هادف ذا معنى يحمل رسالة وفكرلتغيير جزء من المجتمع.

تقول رقية من الواضح في الفترة الاخيرة ان المرأة العمانية لم تكنمجرد متابعة للمشهد من بعيد ولكن مشاركة في صناعة هذاالمشهد، فأصبحت المرأة تقدم مختلف أنواع المحتوى فوجودهاملهم و ذو نتيجة.

تؤكد منيرة على أن المرأة العمانية تميزت في صناعة المحتوى وهوالأمر الذي يجعلنا نحن كعمانيين نفخر بوجودها اليوم علىالساحة، فهناك الكثير من صانعات المحتوى الذين أفخربتواجدهم اليوم في منصات مثل الانستجرام ويمثلن قيم المواطنةوقيم المواطن لصالح مثل الهنوف الفارسيةآمنة عبد الرحمنشوق عبدالعزيز. جميعهن يمتلكن شخصية العماني المتفردبابداعه والمواكب للحداثة لكن دون أن يتخلى عن قيمه ومبادئه.

رسالة إلى الجيل الجديد

ترد منيرة برسالتها وهي أنكن تمثلن هوية بلد بأكمله فكن خير منيمثل هذا الوطن، عمان بحاجة لصانعات محتوى تفاخر بهن فيكل مكان ، فكن صناع الأثر الذين لا يركضون خلف الأرقام وممنتمسكن بالأخلاق الحميدة.

تقول نجد لا تبحثي عن الكمال ولكن ابحثي عن الصدق، ولاتنتظري اللحظة المثالية وابدئي فمتى ما بدأتي هان كل شيءفالبداية هي الخطوة الاولى، لا يوجد ضوء أخضر ولكن الضوءالحقيقي يبدأ من داخل الإنسان نفسه، والمحتوى المؤثر هو مايوقظ وعي، شعور أو فكرة معينة في ذهن الآخرين.

توضح حور، قبل كل شيء لا بد أن يكون هناك هدف في البدايةوسؤالا قائما على نوع هذا الهدف والتغيير الذي تريدين تشكيله، حيث يجب البحث والتمعن في النواقص الموجودة على الساحةاليوم وعليها يتم ملء هذه النواقص. ولا يشترط ان يكون المحتوىمثاليا بالضرورة ولكن محتوى صادق يحتاجه المجتمع.

تشير رقية إلى التمسك بالمبادئ والقيم وعدم التركيز علىالمشاهدات وإنما عدد الناس الذين يتأثرون إيجابيا. والعدد فيحد ذاته ليس مهما، وبأن كل كلمة نحن مسؤولون عنها لأننااصوات تمثل بلدنا.  

صناعة المحتوى في وجه التحديات

تقول نجد بأن صناعة المحتوى في حد ذاتها لا تشكل اي تحديولكن الإستمرار، وللأسف فإن العالم الآن يكافئ السرعةوالسطحية من الناحية التقنية، ولكن لابد للإنسان ان يبقي العمقحيا في محتواه، وذلك لأن العمق مهم جدا وسط بحر مناللاشيء، ومن الجدير بالذكر بأن سلطنة عمان اليوم تحتضنهذا النوع من الأصوات فهناك جيل يبدع بالمعنى لا بالمظهر.

تشدد منيرة على أن المنصات اليوم تدعم المحتوى الترفيهي ربماأكثر من المحتوى الهادف ، وطبيعة الجمهور الذي يعتبر المنصاتكمتنفس له وبالتالي اجد ان عقلية الجمهور يجب أن تتغير منفكرة أن المنصات منصات ترفيهية إلى أن المنصات هذه صممتلتغيير العقول فيجيب أن نستهلك المحتوى بوعي، ولا نتخدر أونتعاطى مع المحتوى الترفيهي هكذا، كما ويجب أن ندعم بعضناالبعض كعمانيين وأن نساهم في رفعة صناع المحتوى منأصحاب المحتوى الهادف لانهم هم من ينقلون للعالم من هوالعماني ويرفعون و يشرفون اسم البلد.

تلفت رقية الإنتباه إلى أن المحتوى المفيد هو عكس المحتوىالترفيهي فالمحتوى المفيد يعد بطيء الانتشار، كما يشكلالإنتشار اليوم تحديا،كما قد تواجه المرأة العمانية اليوم بعضالقيود فيما يخص الظهور الإعلامي او النظرة المجتمعية حيالالموضوع فلا يزال هناك تخوف وربكة في هذا الجانب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى