الدولة سِتر
بقلم: مسلم بن احمد العوائد
في إحدى المقابلات عبر منصة البودكاست، تحدث أحد القادة العسكريين من دولةٍ ما، ان كبار السن في مجتمعه يرددون دائمًا مقولة: “الدولة سِتر”. بهذه العبارة الشعبية الموجزة، ينقل هذا القائد المخضرم حكمة الأجيال السابقة إلى جيل الذكاء الاصطناعي، جيل “المواطن العالمي”، اي ان المواطنة اليوم ليست حبيسة الجغرافيا أو الحدود السياسية، ولا ترتبط مباشرة بالدين أو التقاليد والأعراف، ولا حتى بالولاء للدولة، بل ترتكز على مبادئ المصلحة أينما وُجدت.
هذا القائد المخضرم، يؤكد لأهل القرار وحتى الصغار ان الحزبية، والطائفية، والمناطقية، والظلم، والإقصاء، والاستبداد وغياب الرقابة العليا، عوامل تهتك “ستر الدولة” بمفهومها الشامل، وقد تصبح مجموعة ولاءات وانتماءات مختلفة في ذات الجغرافيا والمجتمع.
هذا قبل…
اما بعد…
كيف تُهتَك أستار الدولة؟
اشار هذا القائد الحكيم الذي خبِر وشارك في حروب اهلية وانقلابات سياسية وحزبية ومناطقية؛ ان المسؤول الذي يُغلق بابه، ويصمّ أذنه، و بصره عن أداء الواجب الذي أقسم عليه، يُسهم سريعا في هتك أستار دولته.
وان إقصاء المصلحين، وطلاب العلم، وأئمة المساجد، يُسهم في هتك أستار الدولة.
و ان المسؤول الذي يطمس الهوية الأصيلة ويُفرض هوية دخيلة لا يقبلها المجتمع، يُسهم في هتك أستار دولته.
و ان من يضيّق على الناس في معيشتهم، ويثقل كواهلهم بالضرائب والمكوس، يُسهم في هتك أستار الدوله.
و ان الحزبية الطائفية والمناطقية والاقصاء والفساد ، من أعظم ما يهتك أستار الدول، واخطرها على الاطلاق اختيار عبدة المصالح للمناصب الوطنية، هتك عظيم لأستار الدولة، وقسْ على ذلك…
اخيرا…
أشار هذا القائد، من خلال تجربته الطويلة، ان من يدفع الشباب لتبني أفكار وعقائد “المواطنة العالمية” بعيدًا عن عقيدتهم الشرعية وهويتهم الوطنية، هم أولئك الذين يتغنون بالوطنية والإخلاص والولاء، بينما هم في الحقيقة نكثوا البيعة، وحنثوا في القسم، وباعوا واشتروا في استار الدولة.
ختاما…
يقول هذا القائد الحكيم مخاطبًا الشباب:
إن من يتابع مجريات الأحداث اليوم يدرك بوضوح أن هتك “ستر الدولة” لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل؛ حين تُسلَّم المناصب الوطنية لأصحاب المصالح والولاءات الفئوية والمذهبية والحزبية الضيقة، الذين يتصرفون بلا حسيب ولارقيب، وكأنهم القانون بذاته . فهؤلاء يدفعون ضعفاء النفوس والعقيدة إلى تمزيق ستر الدولة، خاصة في ظل غياب الرقابة من الجهات العليا، و تهاونهم في محاسبة من يعبثون بثوابت الدولة.
وختم حديثه بنصيحة صادقة قائلاً:
من أراد أن يصون ستر الدولة، فليُحاسب مدمني نشوة السلطة، وعبدة المصالح، كبارا كانوا أو صغارا، فهم العدو الحقيقي للدولة. وبالكفاءات الوطنية – بعد توفيق الله – يُصان ستر الدولة وتقوى السلطة.