المقالات

الهوية وفاء

بقلم : مسلم بن أحمد العوائد

الهوية مصطلح كبير وعميق يحمل معاني ودلالات صادقة، ففي سبيل تحقيقها، سُفكت دماء وازهقت ارواح، ومن اجلها عانى الناس الجوع والظلم والخوف والمرض، لأن الهوية تعكس العقيدة والتاريخ والثقافة والجغرافيا والنضال والوفاء، بالهوية سادت حضارات، وفي المقابل بإهمال الهوية بادت حضارات.

هذا قبل..
اما بعد…

الهوية الحية تُنقش في عقول وقلوب الأجيال والتاريخ والجغرافيا، لذلك خاضت دول حروب طاحنة دفاعا عن هويتها، الجغرافية والتاريخية والثقافية والسياسية.
هناك مفاهيم خاطئة وخلط بين الشعار و الهوية، فالهوية عقيدة ووفاء وانتماء والشعار رمز بسيط جدا كلمة او رسمة، تستخدمه الشركات والاندية والجماعات والمنظمات.

قد تغيّر الأفراد والشركات والمنظمات شعاراتها من وقت لآخر تبعا للظروف والمصالح، أما الهوية فلا تتغيّر ولا تُتبدّل. فمهما صُرفت من أموال، وبُذل من جهد، وأُهدِر من وقت في محاولة إبراز هوية بعيدة عن الواقع، والتاريخ، والجغرافيا، والثقافة، فإنها ستظل مجرّد شعار للاستهلاك الإعلامي.

أخيرًا…

الهوية الحيّة لا تتغير ولا تتبدل، بل تبقى راسخة في وجدان الأجيال. فلا يمكن طمس هوية تضرب جذورها في أعماق التاريخ، ارتبطت بالإنسان، والجغرافيا، والثقافة، والسياسة، واعترفت بها حضارات عالمية في مختلف العصور. أما الشعارات المستحدثة، الى زوال.

كما قال عبد الوهاب المسيري: “الهوية لا تُورث، بل تُبنى من خلال التفاعل مع الواقع والتاريخ والمجتمع.”

إن الظلم والإقصاء ينزعان الهوية الحيّة من قلوب الأجيال والرجال وقد يرسخان ثقافاتٍ دخيلة على الواقع التاريخي، والجغرافي، والثقافي، والسياسي.

ختامًا…
الهوية وعيٌ ونزاهة، وأفعال صادقة، ومعرفة، وإدراك، وتضحيات، عزّ وفخر ومجد. ومن يُحاول نزع المجتمع من هويته الشرعية، والثقافية، والاجتماعية، والجغرافية والسياسية، مغترًّا بنشوة السلطة، فلن ينجح في تغيير هويةٍ سالت من أجلها الدماء وبُذلت لأجلها الأرواح. فالوطن هوية، وهو حصنٌ حصين، تتكسر على جدرانه الشعارات الدخيلة والمفاهيم المستحدثة.

وكما قال محمد إقبال: “إذا فقد المسلم وعيه بهويته، أصبح طُعمة سهلة للغزو الفكري.”

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى