المقالات

صٌحبة النجاح

بقلم: فتحية البحرية

يقولون ( الصاحب ساحب )، ويقولون أن فلان يصاحب ذاك السيء السمعة اذن هو على شاكلته حتماً !
هل بالفعل نحن نرتبط بصحبتنا ونكاد أننا نكون في نظر الآخرين نسخة منهم ؟!
هل نحن نتأثر بصحبتنا بتلك القوة التي تجعلنا نتصف بصفاتهم وسلوكهم ؟
صحبتنا هي من اختيارنا، فكيف يكون اختيارنا ؟ هو قرارنا نحن أليس كذلك ؟
نحن نختار صحبتنا من نقضي معهم الكثير من أوقاتنا في مكان العمل ، وقت الفراغ، محادثاتنا الهاتفية، وهم من نشاركهم الكثير من حواراتنا والكثير من احلامنا وطموحاتنا وما نسعى إليه، نسمع آرائهم، نتأثر بها ونعمل بها ! كما نتشارك معهم أفراحنا ونشكو لهم أحزاننا .
الصاحب ساحب ، ساحب للخير أو للشر، ساحب للنور أو للظلام ، للنجاح أو للضياع !
عندما قررت في يوما ما أن أحقق شغفي في هذه الحياة وأتجه الى عالم التدريب والكوتشينج هناك وجدتهم وتعرفت عليهم .
صحبة النجاح وتحقيق الطموح .. هناك وجدت بيئة خصبة للنجاح، ولا مجال أبدا للتشاؤم والاستسلام يمتلكون طاقة إيجابية تزيدك إصرار للوصول إلى ما وصلوا إليه .
وجدت نفسي هناك بصحبتهم .. الساحبون للخير والنجاح !
صحبة من مختلف الوظائف والأعمار! المدير والموظف البسيط ، رائد الأعمال وربة المنزل، في مكان واحد ولهدف واحد، ذاك يخبرني عن أفضل كتاب قرأه وغير حياته وينصحني به، والآخر يخبرني عن سبب وجوده هنا اليوم وماهو طموحه .. وهناك من أخبرتني عن المسافة التي قطعتها لتصل اليوم إلى هذا المكان لتحقيق حلمها وشغفها بالحياة، وهناك من أخبرني كيف تغلب على صعوباته وحقق الكثير في حياته.
الجميع يحلم وينظر لمستقبله بتفاؤل، الجميع يشجعك، يدعمك ويحفزك، وبالتأكيد لا مكان لديهم لأي كلمة قد تحبطك أو تقلل من شأنك !
هؤلاء هم صحبة النجاح يشجعون بعضهم البعض وداعمين لبعضهم، ملهمين ويدفعونك دفعاً للنجاح لتحقيق طموحك، تجدهم دائماً سندا لك يوجهونك ويرشدونك لما فيه الخير.
إذا تحدثت إليهم نبت الخير بداخلك، أرشدوك وساعدوك لبناء طموحك، نصائحهم من ذهب، ومواساتهم غالية، يحفزونك دائماً ويساندوك للثبات في هذه الحياة، حينما تصاحبهم تنتقل لك عدوى إيجابيتهم حتماً.
عندما تعرفت عليهم أدركت أن الانسان يـتأثر كثيرا بصحبته بطريقة تجعله يخطو خطاهم ويمشي على نهج طموحهم، كل شيء حولك يجعلك تدرك تماماً أهمية وجود الصحبة الناجحة في حياتك.

وهنا أتذكر قصة كفاح هنري فورد مؤسس شركة فورد للسيارات، الذي تمكن من صٌنع عربة فورد لأول مره بعد فتره طويلة من الإصرار والمحاولات والتي امتدت لسنوات، وقد شجعه صاحبه توماس اديسون على تطوير عربته بشكل أكبر. وتوماس كان مخترعا ورجل أعمال ناجح فكان مٌشجعا ودافعا لصاحبه فورد لتحقيق حلمه، ليصبح فورد مؤسسا لواحدة من أكبر شركات السيارات في العالم. هؤلاء هم صحبة النجاح والتميز، من يمنحونك الدافع للتقدم بالتشجيع والإصرار.
وهناك واحد من الأمثال الشعبية المتداولة في عالمنا العربي يقول ( جاور السعيد تسعد ) ويٌقصد هنا بالمثل انك ان جاورت السعيد فستسعد، فالسعادة مثل العدوى ستنتقل إليك بصحبتهم، لتصبح واحداً منهم.
وعلى الجانب الآخر في هذه الحياة هناك صحبة السوء، رأيتهم حولي كثيراً ولكن في أماكن أخرى مختلفة، يستنزفون طاقتك، يحبطونك، وينتقدونك ، منهم الشاكي المتذمر، ومنهم النمام، ومنهم من يرضي نرجسيته بأكل لحم وأعراض الغير! كما أنهم يجدون في ذم الآخرين والإستهزاء بهم متعة حديثهم !
ترحل عنهم وأنت لا تملك شيئا سوى الظلام الذي تركوه بداخلك من كلماتهم ومشاعرهم السلبية، طموحك يٌقتل لديهم بالسخرية، وأحلامك تنهار حيث التجارب الفاشلة في حواراتهم !
حزنك يزداد سوءا، ولا مكان للطمأنينة لديهم !
وربما يوما ما ستكون أنت ضحية لحواراتهم العقيمة !
هذا هو تأثير الصحبة علينا والتي ذكرها نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام في حديثه حينما قال :
” إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة .”
حياتك هي ملكك أنت، سعادك، واستقرارك النفسي، ثباتك في هذه الحياه وسط الصعوبات جميعها هي قرارك انت، وصحبتك هي واحدة من أهم القرارات في حياتك.
اخترهم بعناية، انتقيهم من بين الموجودين حولك، واختر الطرق التي توصلك اليهم !
ابحث عنهم واجلس بجوارهم، شاركهم تجمعاتهم حاورهم واقترب منهم كثيراً، تعلم من نجاحهم وسرعلى خٌطاهم، اخترصحبة النجاح من سيمنحونك التفاؤل ومن سيرسمون ابتسامتك وسيشعلون لك الأمل وسط الظلام، من سيرشدوك للخير ويوجهوك للنجاح.
أنت من يقرر من هم صحبتك ومرآتك في هذه الحياة
فقل لي من تصاحب .. اقل لك من أنت وكيف ستسير حياتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى