المقالات

انتهت اللعبة” (Game Over)”

بقلم : مسلم بن احمد العوائد

اشتهرت عبارة ” انتهت اللعبة” بعد دخول القوات الغازية إلى بغداد، عاصمة الحضارات العربية والإسلامية، وقبل ذلك تابع العالم تصريحات رسمية مليئة بالبشائر والآمال ورفع المعنويات، وأن القوى والسياسات والخطط راسخة رسوخ الوطن.
وفي الوقت نفسه، كانت القنوات العالمية تنقل صور القصف البري والجوي والبحري، و زحف القوات الغازية واستقبالهم بالورود والتباشير، والرقصات والشيلات، في مشهد يتناقض مع تصريحات القوم، في ظل خيانات – كما يقال- ادت الى انهيار المؤسسات الرسمية.

هذا قبل…
اما بعد…
اصبحت اليوم وسائل الاتصال البوصلة التي تُوجّه العيون والمشاعر والعقول نحو دروب خطيرة و هزيلة وكاذبة، وكذلك نحو مجالات علمية وتقنية هادفة، في كل الاحوال لا يسلم من تأثيرها أحد، سواء على مستوى الفرد، أو الاسرة، او القبيلة او المؤسسة، أو حتى الدول.

والمتابع لنتائج هذه القوة الناعمة، يدرك كيف يُصنع الخبر، وكيف يُحلّل، وكيف يُوجّه المجتمعات والافراد وخاصة الشباب نحو تصديق بل وتبني الاهداف المعلنة لما يجري ويعلن من أحداث وسياسات وخطط إقليمية، وعالمية، ومحلية.

ضحايا القوة الإعلامية الناعمة تنقلب عواطفهم إلى عواصف، بعدما تُعطِّل عقولهم وبصائرهم، وقد تجرهم إلى الإلحاد، والدخول في جدالات عقيمة وخصومات تافهة، مع أنهم لا ناقة لهم ولا جمل في كثيرٍ من تلك القضايا.

ختاما…
لو أسقطنا تأثير هذه “القوّة الناعمة” على المستوى الفردي أو المؤسسي،
لوجدنا من يصوِّر الواقع المرير وكأنه جنة الله في الأرض؛ مؤشرات تمطر ذهبا، وتزدهر بها التلال، وتتفجر منها الجبال أنهارا وجمالا.
ولكن الواقع ان كل ما يتصل بمعيشة الناس تدركه العقول والأبصار، وتشعر به البطون، و لا تخدعها وسائل القوة الناعمة بعدّتها وعتادها، ولا حتى مروِّجوها.

اخيرا..
يُقال إن الإمبراطورية الرومانية اعتمدت على القوة الناعمة لتبرير سياسة الحروب وتلميع صورتها أمام المجتمع، لكن مع مرور الوقت، أدّى هذا التلميع الكاذب إلى انهيار الثقة، ثم هزائم اقتصادية وعسكرية واجتماعية، حتى انتهى الأمر بسقوط الإمبراطورية.
وقِس على ذلك حال المروِّجين والموظفين الضعفاء الذين لا شغل لهم سوى التلميع، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
اذا متى تنتهي اللعبة؟
قال رسول الله ﷺ:
“اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ: حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ”.

اذا فبالظلم والشح تنتهي اللعبة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى