أخبار محلية

انطلاق أعمال ندوة الإلحاد وحقيقة التوحيد “المنهج والرؤية والتفسير العلمي”

وهج الخليج – مسقط

بدأت اليوم أعمال ندوة الإلحاد وحقيقة التوحيد “المنهج والرؤية والتفسير العلمي” بجامعة السُّلطان قابوس وتُنظمها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية ودار الكلمة الطيبة بمشاركة مُتحدثين من داخل سلطنة عُمان وخارجها وتستمر يومين.

وتهدف الندوة إلى تفنيد شُبه الإلحاد بطريقـة منهجية ورؤية كلية وتفسير علمي لآثاره وتنمية الاعتزاز بحقيقة التوحيد وتفسيرها الاعتقادي والعلمي وتعزيز الوعي الفردي والمجتمعي والمؤسسي بمنظومة التوحيد وفاعليتها في الحياة ووضع اللبنة الأولى لنموذج فكري عملي يُمكّن الحوار ويدحض شبهة الإلحاد.

رعى افتتاح أعمال الندوة معالي الشيخ ناصر بن هلال المعولي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.

وألقى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان الكلمة الرئيسة حول الإلحاد وحقيقة التوحيد قال فيها: إن هذه الندوة تأتي من أجل مواجهة خطر من أعظم الأخطار التي تهدد هذا العالم الذي نعيشه، تهدد العالم لأن هذه الأخطار تهدد قضية مهمة في حياة الإنسان وهي قضية الإيمان والصلة بالله سبحانه وتعالى، فقضية الإلحاد يجب على كل إنسان أن يكون في مواجهتها بسبب ما يحيط به من أخطار”.

وأضاف سماحته: “إن خطر الإلحاد يشكل أمرًا جللًا بالنسبة إلى حياة الناس اليوم، وهو في كل عصر من العصور خطر عظيم لأنه يهدد صلة الإنسان بربه سبحانه وتعالى، وإذا كان هذا الخطر في العصور السابقة يواجه الفطرة الإيمانية ويواجه الأدلة المنبثة، أدلة وجود الله سبحانه وتعالى في هذا الكون فإنه في هذا العصر، عصر العلم، أيضًا هو تحدٍ للعلم، فكما أنه تحدٍ للفطرة التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها هو كذلك تحدٍّ للعلم، وهو مع ذلك كله تحدٍّ لرسالات الله سبحانه وتعالى، فالله تعالى أرسل رسله جميعًا ليبشروا العباد وينذرونهم ويعرفونهم بالله سبحانه وتعالى”.

وتابع سماحته قائلًا: “إن رسالات الله سبحانه وتعالى كلها جاءت مؤكدة للفطرة التي فطر الناس عليها، ولا ريب أن الأدلة على وجود الله سبحانه وتعالى هي في نفس كل إنسان أيا ما كان، كل إنسان يدرك بفطرته ضرورة وجود الله سبحانه وتعالى”.

وذكر سماحته أنّه كيف يخفى الله سبحانه وتعالى وفي الإنسان نفسه، من الآيات العظمى، ما يُجلي له الحقيقة أعظم تجلية، ويبين له أبعادها أعظم بيان، فالله سبحانه وتعالى فطر الإنسان وجعل هذه الفطرة هادية إلى الله سبحانه وتعالى، فبالضرورة يدرك الإنسان معرفة الله سبحانه وتعالى.

ولفت سماحته إلى أنّه ما من علم من العلوم إلا وهو يدل على الله سبحانه وتعالى، فكيف مع هذا يجحد الإنسان وجود الله سبحانه وتعالى مع انبثاث هذه الآيات في هذا الكون بأسره، وإنما الملحد هو مكابر لفطرته ومكابر لعقله، ومكابر لحسه، لأنه من الفطرة ومن العقل ومن الحس يدرك ضرورة وجود الله تعالى.

وأشار سماحته إلى أنّ التدين كان أمرًا فطريًا فهو سبب لوصول الإنسان إلى السعادة والنظام في هذه الدنيا قبل الحياة الآخرة، إذ لا تهدأ أمور الناس ولا تستقر، إلا بالصلة لله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يبين أن الدين الحق إنما هو استجابة من الإنسان للفطرة التي فطره الله تعالى عليها.

وأضاف سماحته: “إذا كان الإنسان في كل عصر من العصور قامت عليه الحجج العظيمة التي لا يدرك لها حدّ ولا يدرك لها عدّ قامت عليه الحجج بوجود الله سبحانه وتعالى فكيف بهذا العصر، عصر العلم الذي يجلي فيه العلم آيات الله سبحانه وتعالى في الأنفس وفي الآفاق تحقيقا لوعد الله تعالى في كتابه: “سأريكم آياتي فلا تستعجلون.”.

وأكّد سماحته أنّه يجب على الناس جميعًا أن يقفوا وقفة واحدة لمواجهة هذا الخطر اللاهب هذا الخطر الذي يهدد حياة الإنسان، لأن حياة الإنسان لا قيمة لها بدون إيمان بل الملحدون هم أكثر انتهاكا لحقوق الإنسان وأكثر مسارعة إلى القضاء على حياة الإنسان، لا يعدون الإنسان شيئًا، بل يعدون الإنسان أقل من ذرة من ذرات هذا الكون فعلى جميع الناس أن يقفوا في وجه هذا الخطر، وأن يتصدوا عنه وعلى العلماء جميعا أن يقوموا بواجبهم تجاه هذا الأمر كل في مجال تخصُّصه.

كما أكّد سماحته أنّه يجب على المؤسسات العلمية أن تعتني عناية بالغة بالتربية وتنشئة الناس على هذا الإيمان الذي يصلهم بالله سبحانه وتعالى فمنذ الطفولة الأولى يجب على الجميع أن يتعاون على تنشئة الطفل على الصلة بالله والإيمان بالله، وعلى قوة يقينه بالله سبحانه وتعالى وعلى حبه لله وعلى مخافته من الله وعلى توكله على الله وعلى حب الإنابة إلى الله سبحانه، والتقرب إليه فإن هذه ضرورة من ضرورات الحياة لا بد منها.

من جانبه قال الشيخ خليل بن أحمد الخليلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية رئيس اللجنة المنظمة للندوة في كلمة له: “إن موجةَ الإلحاد باتت من القضايا المعقدة التي تتداخل فيها نوازعُ مختلفة، منها الفكري والنفسي، ومنها ما هو غير ذلك.. وهي –في كل أحوالها- قد مثَّلت ظاهرةً في العالم الغربي، واليوم لم تعد بلاد المسلمين بمنأى من التأثر بها؛ فقد بدأت دعوتُها تتسلل إلى أبناء المسلمين، وخصوصا في العقد المنصرم، عقدِ الفضاء المفتوح الذي أساء البعض استخدامه، فتضخَّمت فيه المغالطات واستطالت فيه الرِّيَب، واخْتُرقت فيه خصوصيةُ الأسر، ونوزعت فيه المناهج التربوية دورَها، وقلَّت فيه الدعوة بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة؛ مما أدى بفئة من شباب المسلمين -ذكورا وإناثا- إلى الوقوع في شرك الشبه العقدية أو دخول دائرة التيه والعقد النفسية، أو انزلاق الحال ببعضهم إلى درك التشكيك والجحود”.

وأضاف أنّ تبصير الشباب بأمر دينهم والأخذ بأيديهم لمواجهة هذه التحديات، إنما هي مسؤولية عظيمة وأمانة جسيمة؛ كيف لا؟ وهم ثروة الأوطان وعدة المستقبل.. من أجل ذلك؛ فإن الاستثمار في برامج التوعية والإرشاد التي ترسخ الإيمان في نفوس الأبناء، وتمكنهم من تفنيد الشبهات؛ واجبٌ ديني وحق وطني، تقع مسؤوليتهما على عاتق الجميع (أفرادا، ومؤسسات)، كل بِحَسَبِ مستطاعه واختصاصه، وهذا مشهدٌ يتصدره أهل العلم الثقاة الذين يوفون أمانة البيان حقَّها.

وقال الدكتور عبدالله بن حمدان بن بشير الدهماني، رئيس اللجنة العلمية للندوة في تصريح له: “إن حقيقة التوحيد هي الحقيقة المركزية في عقيدة المسلم وتفكيره وسلوكه، وقد أصاب حقيقة التوحيد في واقعنا المعاصر التشويه والتحريف والشك والإنكار، وأسهمت قوى الإعلام والتقنية في الانتشار السريع لهذا الانحراف العقدي والفكري والسلوكي، وأصبح الإلحاد “مشكلة فكرية نفسية سلوكية” ولهذه المشكلة أسس فكرية مزخرفة مزينة ودعم إعلامي تقني وانتشار اجتماعي قد يبلغ في بعض الأماكن درجة “الظاهر الاجتماعية” وهي بين (٥٪- ٧٪) من عدد السكان في مجتمع ما.”

من جانبه أشار المهندس أحمد بن صالح الراشدي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية وعضو مجلس الإدارة إلى أنّ هذه الندوة إنما هي استكمال للمبادرات التي تقوم بها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية بالشراكة مع دار الكلمة الطيبة، لتعزيز الجانب العلمي والمعرفي في الوطن العزيز، وخدمة العلوم الإسلامية، مُجسدة الشراكة الوقفية في مبادراتها مع مختلف الجهات من القطاع العام والخاص والخيري.

واستعرضت جلسات اليوم الأول عدة محاور منها : “التعاطي مع خطر الإلحاد.. نظرات في المنهج واتجاه الشباب العربي نحو الإلحاد وأسباب ودوافع هذا التوجه، ومنهج الإلحاد وحقيقة التوحيد ورؤية الإلحاد، وحقيقة التوحيد والتفسير العلمي للإلحاد وحقيقة التوحيد.

وجاءت الجلسة الرئيسة في يومها الأول بعنوان “اتجاه الشباب العربي نحو الإلحاد وأسباب ودوافع هذا التوجه” شارك فيها المكرم الشيخ زاهر بن عبدالله العبري عضو مجلس الدولة والدكتور عمرو شريف أستاذ ورئيس أقسام الجراحة بكلية الطب في جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية والدكتور أبو زيد الإدريسي الداعية والمفكر المغربي.

وأشار فضيلة الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان في كلمته الافتتاحية خلال الجلسة بعنوان “التعاطي مع الإلحاد.. نظرات في المنهج” إلى أنّ المنهج المناسب للتعامل مع شبهات الإلحاد هو البدء في التعرف على الدوافع والأسباب التي أدت إلى ذلك، والتثبت من صحة الشبهة والحذر من قبول ما لا يعترض به على الإسلام، ثم التعاطي بالدليل والبرهان، والجواب عن الشبهة بعلم، مع الحذر من التجزئة والاقتطاع واجتناب الإتيان بعلل لأحكام غير مقطوع بعلتها، والتأكيد على أنّ الدين طاعة واستقامة، مع ضرب الأمثلة وكشف زيف أهل الأباطيل والشبهات.

وتختتم أعمال الندوة غدًا الأربعاء عبر إقامة عدة جلسات تتناول عدة محاور منها: الإلحاد الجديد من منظور العقيدة والسياسة والإلحاد، وحقيقة التوحيد من جانب التفسير العلمي وحجة العقل والبناء الفكري والنفسي للإنسان، والإلحاد وحقيقة التوحيد من حيث الرؤية.

وتأتي ندوة الإلحاد وحقيقة التوحيد سعيًا من مؤسستي الإمام جابر بن زيد الوقفية ودار الكلمة الطيبة إلى الانسجام مع هموم المجتمع وتطلعاته وخدمة للعلوم الشرعية والإسلامية وإدراكًا منها بالمخاطر التي يحملها الإلحاد في طياته، والتي لا تزول إلا باللجوء إلى نور الإسلام الهادي للرحمة والسعادة والأمان، وفتح مجال للنقاش والحوار بأسلوب علمي رصين وأسلوب يتفق وتطلعات شباب العصر اليوم ويدحض الحجة بالحجة ويُفندها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى