غير مصنف

ماتحملھُ (لمیاء) للوحش اللعین

بقلم:لمياء السابقية

إنھ لمن الأسف أن یخرج الإنسان من سكون قلبھ وھدوء مزاجة لیتحدث بھذا الانفعال والاستفزاز
والدناءة.
یُخاطب أصحاب العقول الصغیرة والضمائر الضعیفة؛لیصب لجام غضبھ ویطفئ جمر فؤاده ویحاول
التعایش مع الحیاة.
حسنًا سنتناجى عن منبوذٌ ولد في السماء،
حین كان أبو البشریة آدم علیھ السلام ونطفة ضلعھِ حواء ونعوذ من إبلیس یسكنون في جنةٍ آمنین
منعمین مكرمین بین حشیشٍ وزعفرانٍ نابت، بین نھر لبنٍ مصفى ورحیق خمر في مجاریھا، لـ سلسبیلُ
شاربون، ومما طاب لھم آكلون
حین جاء أمرُ ربي “اسْجُدُوا لآِدَمَ” فھو مكرم “فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ” لما كان یحمل في قلبھِ من غُل
واستكبار.
مؤلم جدا أن یُخالَف أمرُ خالقي، ولكن ھنا كانت البدایة،
بدایة لتشتیت العقول، بدایة لزحزحة الصفوف، بدایة لضجة شنیعة لوحشٍ سیلتھم عالمنا.
استھل التناسل في أرض الرحمن العریضة، وازداد شرُّ المنبوذ اللعین بین الإخوة (أبناء آدم)، إلى أن
انتھت بھم الحیاة أن یقتل الشقیق شقیقة!
أجل قُتل الشقیق.
لیت ذلك الوحش قُتل ودفن آنذاك كدفن الغراب للقتیل.
رحل آدم ورحلت أمنّا ورحل الشقیقان ولم یبقى سوى اختلاف البلدان والریاحین، اللغات والدواوین،
الأسود والأبیض، الغني والفقیر، الفكر والتعصب والقبلیة!
لم یبقى سوى التخلف والتصنّع والتفرقة
لم یبقى سوى الجھل!
جاھلون!.. نعم جاھلون
توھج الشتات واشتعل حربھا إلى أن اخمدھا حبیب الرحمن ومصطفاه “علیھ السلام”حین حفظ اللهَّ في
لُب قلبھ (الإسلام) وساوى بین جمیع خلقھ وجاء قاطعًا ونابذًا للوحش اللعین بلسانھ الطاھرة فلا فرق إلا
بالتقوى.
عظیمٌ ھو دینُنا.
یظن البعض بأنھم وصلوا لحُقبة التطور والتحضر والمدنیة بحدیثھم المعسول و ادعاءاتھم الراقیة، إلا
أن كُل ھذا مستصغر ومنتھي أمام تباین البشریة!
متى سیعي العالم أن الاختلاف لیس في صبغة جلد، و لادینٌ و لا مذھب ولا حتى قبیلة؟
ومتى سیدركون بأنھم یعیشون في أقذر سنون البشریة؛ حیثُ القتال والنزاع والتفرقة؟
سنتوقف ھُنا قلیلا لنرتشف جرعة من الأمل مع كوب شاي على شُرفةٍ مُطلّةٍ على جمال الحیاة وسكینة
الدنیا.

الفصل الأول:
ما ھو أسوء ما قد یحدث بین البشریة؟
أرى أن من المزري أن یحل الجھل بیننا ویخالطھ الغباء لتكبر المصیبة علینا، وستحل الكارثة إذا اجتمع
الوحش اللعین معنا، المشكلة بأنھ یوجد بیننا تحیز مستمیت لـ جنس، لـ لون، لـ قبیلة، لـ معتقدٍ ما، وكل
ذلك دلالة على التخلف الإجتماعي والفراغ الفكري.
إنھم لایعون بأن (الجنس، اللون، القبیلة، والمعتقد) كلھا مفاھیم مجردة تم غرسھا في عقولنا وقلوبنا حتى
زعزعنا التعصب والتطرف.
لقد سلب ھذا المنبوذ القبیح آلافًا جمّھ من الأرواح الطاھرة، ظنًّا بأن الإنسان قد یرث المال والتطور
والحداثة والحضارة ویاللخیبة أنھم لم یرثوا سوى التخلف والقھر والاستبداد والدماء والتضلیل.
سحقوا حق عیش الموؤدة وذاعوا بأنھا عارٌ علیھم (ولاعارٍ بیننا إلا ھم)، ھناك خلف الابواب الموصدة
سیلاقون حتفھم!
ألا تخجلوا؟
دمرتم أحلامھا، أظلمتم حكایتھا، نثرتم اشیائھا، غلقتم أبوابھا، جعلتموھا تمضي في حیاةٍ مشؤومة تتشبث
علیھا الكوابیس.
كیف سیكون حالكم عندما تُسأل “بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ”؟
دُفنت! بلا ذنبٍ قد ارتكبت.
أواه یاجھلا ألقى جمرهُ على صدورٍ أضحى الظلم یكسوھا.
أشعلت لھیب فؤادي ھذه الكلمات؛ لذا لنأخذ قسطًا من الھدوء مع روحانیة الحیاة.
الفصل الثاني:
أجمل لحظات الحیاة حین یجد الإنسان روحًا مرآةٌ لروحھ، روحٌ تشاركھُ دقائق أیامھ، تھوّن علیھ
متاعبھ، تسعد لـ سعده وتحزن لـ حزنھ، تصبح ملجأً لكلّ أمره.
ولكن مایُترح أن آفةً مازالت تأكل عقول مجتمعنا، لتشیع بیننا ضروب تعصبٍ ھمجي، ینصُّ بأن
:”الأبیض لایتزوج السوداء والاسود لاینكح البیضاء” بإدعاءٍ منھم بأن طرف ارفع و اخیر من اخر،
وكلٌ یتزوج ما یساوي مقامھ.
والمؤسف أنھم قد نسوا قول نبینا _علیھ صلوات ربي وسلامھ_كلكم لآدم وآدم من تراب!
أغفلوا أنھم خُلقوا من ذات الثرى، وذاتھ الذي سیدفنون فیھ؟
ھل سھوا عن موتھم حین یغدون لذاذٍ للدود، ویبیتون في ضیق اللحود؟
أیعقل أنھم لھو عن اجسادھم حین تحول إلى جثةٍ جیفة وأعضاءٌ نتنة؟
وھَم!
مازالوا یفرّقون بین الأصول والأنساب بسبب فھمھم المغلوط لحدیث حبیب الله علیھ السلام حین
قال:”تنكح المرأه لأربع…” وذكر إحداھا الحسب.
أذھانھم جامدة؛ لأن أفكارھم الخاطئة تمسكت بتلابیب عقولھم الضعیفة،
حاشا لصفيّ الله أن یُفرق بین الأنساب، والصحیح أن النكاح یحدث بین الأصول الطیبة التي ینحدر منھا
الجنسین، والشرف الحمید الذي یتبعھم.
كفّو عن أذاكم، وأحذروا أن یشتكیكم أحدٌ إلى الله.
الفصل الثالث :
الآن أُیقن حقا مامعنى ان یُرزق الإنسان بمسرةٍ في رغد عیشھ، حین یرى زُخرف الحیاة الدنیا أمام
مقلتیھ.
یملئون صدره حبا، ویزھرون وجھھُ بقبلتین؛ كأنھم قمرٌ بحلتین.
كلُ ثقلٍ ینجلي بمبسمھم، وكل مزاج عسرٍ ینطوي بعناقھم.
ولكني أكنُّ غمًّا عظیمًا على من ھجم علیھم ثعلبُ الأذى؛ لیكون الأبناء ھم الفرائس.
تراھم متیمون بھذا ومخاصمون لذاك،
إحداھم مدلل والآخر محروم،
یزھون بالإنصاف والعدالة والتسویة، وجوفھم یكسوه اللئم والكبریاء والتفرقة.
تراھم یغزلون ثوب الاحتیال، ویلبسون جلابیب الفجور والنفاق والاغتیال.
غفلوا عن أولادھم إلى أن استصغر دینھم، وجاع وئامھم.
غفلوا!
حتى تسلل المقطع المعدوم إلى خیالاتھم.
كانوا ضحیةً لقضمات الثعلب الماكر، وكأسا منكسرا لنفاقٍ متحاسر.
ذبلت ملامحھم، التھبت عزّتھم، وتشتّت أغصانھم.
كل اللوم ألقیھ على تكھنكم المنقوص
فھل یسمع الأصم تكھُّنھ؟
اتقوا الله في فلذات أكبادكم، فسیأتوكم شفعاء في أُخراكم.
فـ كیف ھو حالكم معھم؟
الخاتمة :
الثالثة قُبیل الفجر:
ظمأٌ یُریقُ حدیثي،
غُللٌ لأقلامي ووریقاتي،
خمسة عشر یوما لم یكن بمقدوري المُضيّ بقاربي بین نكبات الوحش اللعین، ینتابني شعور الاختناق
الغثیث، لم أعُد اشتھي أن أُعارك في میادین أولـٰئك السُفھاء، أولـٰئك الذین فسدوا وافسدوا كوخنا العادل.
ماذا عساي أن أقول في أولـٰئك العطشى الذین لایجدون مایبلَّ ریقھم، والجیاع الذین لایقتاتون قوت
یومھم؛ بینما العالم غافل بالتطویر والتحدث والغنى، وتناسى قلوبنا المحترقة البائسة في احشاء اعماقنا،
فما ھُم إلا في ضلالٍ یعمھون.
سبحان الله!
من آیاتھ الربانیة في التفكر، ومن جنده المرسلین في الحیاة الدنیا یعلمنا ما ھیة الإنسانیة، فتى صغیر لا
یكاد أن یُرى بأعیننا ” كورونا ” یعلمنا كیف نخوض ھذه الدنیا بالعدل بین ذات انفسنا و الخوف على
بعضنا، و توحید الدعاء..
فیروسٌ مرجوم قد سكنٌ عالمنا؛ لیوحي اللهَّ للإنسان بإنھ مخلوقٌ ھزیل، قد تھزمھ نواة غُبار.
فلما الھمجیة ، والشراسة الضالة، السم القذر، الحكم الاھوج، الغرور الغبي؛
ونحنُ!
نلوذُ مذعورین من عدالة ربنا
لنفرُّ للرحمٰن تائقین بقلوبٍ أسیرةٍ قُدسیة، وندفن زنادقنا في كھوفٍ وحشیة.
فا￾ّ یقبلُ من یأتیھِ تواقًا مُعتذرا.
(یَاأَیُّھَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْھَا زَوْجَھَا وَبَثَّ مِنْھُمَا رِجَالاً كَثِیرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللهََّ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِھِ وَالأَْرْحَامَ إِنَّ اللهََّ كَانَ عَلَیْكُمْ رَقِیبًا(١.((النساء.
صدق الله العظیم
ھُنا عقیبتي قد اُختُتمت، أسأل اللهَّ القول الحسن والعمل المُتقبل، وزحزحتنا عن النیران، والفوز برحمتھ
الجنان.
آمین.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى