المقالات

وحدة الأراضي العراقية والسورية مطلب إقليمي

بقلم: جمال الكندي

التطورات العسكرية السريعة التي تشهدها الجغرافية العراقية والسورية في محاربة داعش، وقرب إعلان النصر عليه، ورجوع جميع الأراضي السورية والعراقية التي كانت تحت عهدته إلى حضن الدولة السورية والعراقية، وتأمين الحدود العراقية السورية بالتقاء الجيش العراقي والحشد الشعبي مع الجيش العربي السوري وحلفاؤه. بات هذا الأمر يقلق أمريكا لأنه سينهي الفصل الأخير من لعبة استثمار وإدارة داعش في المنطقة.
لذلك يأتي دور ورقة المكون الكردي، الذي تلعب عليه أمريكا كأخر ورقة لها بعد احتراق ورقة داعش وأخواتها، وهذا واضحاً في الدعم الأمريكي لقوات سورية الدمقراطية (قصد) في سوريا، ومحاولة جعل هذه القوات الحاجز العازل بين القوات العراقية والحشد الشعبي والقوات السورية وحلفائها، وهذا طبعاً في المقام الأول لتهدئة مخاوف الدولة المدللة لدى أمريكي وهي معروفة.
إن لعبة المكون الكردي التي يلعبها الأمريكي في سوريا وبالخفاء في العراق لا تلقاء الرضى والمباركة من قبل حلفاء أمريكي في الحرب على الإرهاب بين قوسين، فتركيا وهي الحليف الأكبر لأمريكي في مخطط تغير النظام السوري ضد قوات قصد، وما يراد أمريكياً لهذه القوات من مستقبل سياسي وعسكري في سوريا. من هنا جاء مصطلح “وحدة الأراضي السورية” على لسان الساسة الأتراك، وهذا ليس تعطفاً إن صح التعبير للجانب السوري ولكن هي من أجل مصلحة أمنها القومي.

تركيا تختلف مع حليفتها أمريكا في توجهاتها لدعم قوات قصد، وهي قوات أكثرها من المكون الكردي، وتحت الإدارة الأمريكية، لذلك التقت مع الدولة السورية وحلفائها في مصطلح وحدة الأراضي السورية، من باب إبعاد إي إشارة لبروز استقلالية كردية في سوريا تؤثر عليها في الداخل التركي، وخاصة مع توفر القوة العسكرية الكردية لحزب العمل الكردستاني المعارض للحكومة التركية، والذي يدعو إلى خصوصية كردية في تركيا أو ربما أكثر من ذلك.
لهذا نرى هذا التقارب النسبي بين تركيا وروسيا في تفعيل مناطق تخفيف التصعيد وخاصة في الشمال السوري نكايةً بالحليف الأمريكي، وهذا أعطى بدورة هامش كبير من القوة العسكرية للجيش السوري وحلفاؤه في محاربة داعش في الشرق السوري.
وفي المقلب الآخر يأتينا مصطلح وحدة الأراضي العراقية، بأنه مطلب إقليمي من قبل الأتراك والإيرانيين والذين اختلفوا في التعاطي مع الشأن العراقي والسوري في مصطلح محاربة الإرهاب، والتقوا في عدم تمكين الأكراد من الخروج عن وحدة الأراضي السورية والعراقية بتكوين دولة مستقلة لهم ، وهي في الجانب العراقي أقرب بكثير منها من الجانب السوري لتوفر عناصر الجغرافية المتجاورة لأكراد العراق واستقلال نظامهم السياسي نوعاً ما عن الدولة المركزي في بغداد، وهذا طبعاً كان بمساعدة أمريكا في زمن حصارها لبغداد أيام حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
إن كرد العراق وسوريا استغلال فوضى داعش في المنطقة فشاركوا في محاربته، ولكن من أجل تحقيق الحلم الكردي في العراق وسوريا بإيجاد كيان مستقل لهما تحت علم ونظام سياسي مختلف عن العراق وسوريا.
هذا الحلم نراه اليوم أقرب في العراق منه في سوريا لاعتبارات جغرافية وديمغرافية، والاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق بات أمراً يهدد وحدة الأراضي العراقية، مع وجود اعتراض واضح من قبل تركيا وإيران و معارضة أمريكية في العلن، لأننا لا ندري ماذا تخطط له أمريكا خلف الكواليس، فهل هي تتلاقى مع إسرائيل التي أيدت استقلال إقليم كردستان العراق فهي الحليف المهم لها، ويهمها أن تكون في قلب اللعبة السياسية عندما يكون الإقليم مستقلاً عن العراق ام هي ضد هذا الاستفتاء فعلاً.
السؤال المهم الآن ليس تأجيل الاستفتاء من عدمه ولكن ما هو بديل الاستفتاء الذي لا يؤثر على وحدة الأراضي العراقية، وإن حدث الاستفتاء وهو أقرب للحدوث، ما هي ردت الفعل العراقية تجاه أي مكون كردي خارج السلطة القانونية العراقية، وكيف ستنظر دول الجوار لهذه الدولة الوليدة، وكيف سيتم التعامل معها سياسياً واقتصاديا وعسكرياً.
نحن مع وحدة العراق وسوريا، ومع إيجاد خصوصية كردية في كلا البلدين تحفظ حقوقهم السياسية والثقافية، وهذا لا يمنع بأن يكونوا ضمن دولة واحدة موحدة، لهم فيها نظرة استقلالية في بعض الجوانب الكردية الخاصة.
الكرد في العراق وسوريا لهم حقوق، وهذه الحقوق هي مشروعة في إقامة حكم ذاتي موسع لهم، بشرط أن لا يخرج في الشؤون الخارجية عن إدارة الدولة المركزية سواء في سوريا أو العراق، وهذه النظام ليس بغريب فهو مطبق في الأنظمة السياسية التي تنحى المنحى الفدرالي في إدارة البلاد.
نتمنى أن تستجيب القوى الكردية في العراق وسوريا إلى نداء العقل وتجنب المنطقة حرب أخرى بعد حرب داعش وحلفائها، يكون عنوانها الصراع الاثني العرقي والذي لا نعلم نتائجه ستوصلنا إلى أين، ولكننا نعلم أنه مزيد من الدمار والخارب في سوريا والعراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى