أخبار محلية

الإعلام وقت الأزمات .. نقل للواقع أم تجميل للصورة ؟

وهج الخليج – سحر العامرية

يُعد الإعلام أحد أهم الأدوات التي تؤثر في تشكيل الرأي العام وتوجيه المجتمعات خلال الأزمات، سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أو طبيعية، فهو يلعب دورًا محوريًا في نقل المعلومات، توعية الجمهور، وتحليل الأحداث.. لكن هل ينقل الإعلام الحقائق كما هي، أم يميل إلى تجميل الأزمات عبر تقديم صورة قد تكون متحيزة أو مخففة لتأثير الأزمة؟
“وهج الخليج” استطلعت آراء عدد من الإعلاميين والصحفيين لمعرفةِ آرائِهم حول تلك القضية:

* تأثير الإعلام على الرأي العام والسلوكيات
تؤكد الدكتورة خديجة الشحية رئيسة لجنة الصحفيات بجمعية الصحفيين العمانية أن الإعلام المهني يحد من الفوضى ويوجه السلوكيات، بينما التغطية غير المنضبطة قد تثير الذعر أو تطمئن الناس كذلك نشر الشائعات او تصحيحها فالإعلام الغير منضبط قد يساهم في تظليل الجمهور أما الصحفي المختار الهنائي فقد شدد على أن أسلوب عرض الأزمة أهم من الأزمة نفسها، فالجمهور يتأثر بالأسلوب والسردية، مشيرًا إلى أن سوء الإدارة قد يعيق الاستجابة. بدوره يرى حمود الطوقي رئيس تحرير مجلة الواحة أن هناك ثلاث ركائز أساسية تؤثر على الرأي العام والسلوكيات، هي السرعة في إيصال المعلومات العاجلة في وقتها المناسب، الدقة في تحري المصداقية من خلال الاعتماد على المصادر الرسمية الموثوقة، والتهدئة والتوجيه من خلال تقديم رسائل توعوية تساعد الناس على التصرف بعقلانية وتمنع نشر الذعر .

* توازن الإعلام العماني بين السرعة والمصداقية
وبينما يؤكد الإعلاميين على مصداقية الإعلام العماني، يشير البعض إلى كونه يواجه تحدي السرعة أمام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشارت الدكتورة خديجة إلى توازن الإعلام عبر التحقق من المصادر، لكن مع تحدي مواكبة الأحداث، فيما دعا المختار الهنائي إلى تعزيز الأدوات الرقمية والكوادر الشابة، كما اقترح حمود الطوقي تشريعات لمراقبة المنصات غير الدقيقة.

* ثقة الجمهور والأساليب الإعلامية الفعالة
وفي محور ثقة الجمهور، يؤكد المختار الهنائي إلى أن الثقة في الإعلام لم تعد مطلقة كما في الماضي، فالجمهور اليوم يملك أدوات المقارنة والتحقق، بل أصبح أحيانًا منتجًا للمعلومة وليس مجرد متلقي، وبعض الفئات ما زالت ترى أن الإعلام الرسمي أكثر مصداقية، بينما تنجذب أخرى إلى المنصات غير الرسمية لسرعتها وقربها من أسلوبهم، وهذا ما نراه من انتشار هائل لما يصدر من الحسابات الإخبارية.

بدوره يرى حمود الطوقي بأن ثقة الجمهور باتت موزعة؛ فبينما لا يزال قطاع واسع يعتمد على وسائل الإعلام الرسمية كمصدر أساسي للمعلومة، هناك ميل متزايد لدى فئات الشباب للاعتماد على ما يتداول عبر المنصات الرقمية. ومن هنا، تبرز أهمية تبني أساليب إعلامية فعّالة مثل تبسيط المعلومة وتقديمها بلغة واضحة، واستخدام الوسائط المتعددة (الفيديو، الإنفوغرافيك) بالإضافة إلى تعزيز الحضور عبر المنصات الاجتماعية الرسمية من خلال التفاعل المباشر مع الجمهور والرد على استفساراته.

* الإعلام التقليدي مقابل وسائل التواصل الاجتماعي
تقول آمنة الهاشمية رئيسة قسم الإعلام بمجلس الشورى بأن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت أسرع في النشر وأسهل في الوصول، لكن قد يعود الجمهور خاصة الأكبر سنًا إلى الإعلام التقليدي للتحقق من مصداقية المعلومات، مضيفة انه من الملاحظ أن معظم الحسابات خاصة الإخبارية تستقي أخبارها من وكالة الأنباء ووسائل الإعلام الرسمية. أما فئة الشباب فهم يفضلون منصات التواصل الاجتماعي، حيث أن المؤسسات التقليدية بدأت تستفيد من مميزات المنصات الرقيمة لمواكبة التغيرات وضمان البقاء.

* دور المؤثرين في تشكيل الوعي
وحول دور المؤثرين في تشكيل الوعي، تشدد الدكتورة خديجة على ضرورة التزامهم بالمهنية والمسؤلية في نقل الرسائل الصحيحة وقت الأزمات، بينما يشير المختار الهنائي إلى وجود أزمة مؤثرين في سلطنة عُمان فاليوم لا نفرق بين المشهور والمؤثر، مقترحًا شراكات حكومية لخلق التأثير الحقيقي ، أما حمود الطوقي يقول انه في الأزمات يمكن أن يكون المؤثرين سلاحاً ذو حدين، إما أداة إيجابية لنشر الوعي السريع، أو وسيلة لزيادة التشويش إذا غابت المسؤولية، لهذا من الضروري إشراك المؤثرين الموثوقين ضمن الحملات الرسمية وتوجيههم لخدمة المصلحة العامة، بينما رأت آمنه الهاشمية أن المسؤول أو القائد سيشكل تأثيرًا أكبر في تشكيل الرأي العام خاصة إذا كان متخصص في مجال الأزمة كما حدث في المؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها وزير الصحة خلال فترة كورونا.
في الختام، يبرز الإعلام كأداة حاسمة في إدارة الأزمات وتشكيل الرأي العام، حيث يجمع بين نقل الحقائق بمصداقية وتوجيه المجتمع نحو استجابات عقلانية. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه الإعلام العماني، مثل مواكبة سرعة المنصات الرقمية وضرورة تعزيز الثقة العامة تتطلب تطوير استراتيجيات مبتكرة تشمل تبسيط المعلومات واستخدام الوسائط المتعددة وتفعيل دور المؤثرين الموثوقين ضمن إطار مهني. من خلال تحقيق التوازن بين السرعة والدقة، وتعزيز التفاعل مع الجمهور، يمكن للإعلام أن يظل صوتًا موثوقًا يسهم في استقرار المجتمع وتعزيز وعيه خلال الأزمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى