مئات شاحنات المساعدات تنتظر أياما وأسابيع عند معبر رفح

وهج الخليج – وكالات
عند الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع غزة، تتكدس تجهيزات طبية حيوية في مستودعات تحت شمس لاهبة وتصطف مئات الشاحنات المحملة بمساعدات غذائية ومواد أساسية أياما قبل أن يسمح لبعضها بالعبور الى القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدّد بالمجاعة. قرب شاحنته المحمّلة بالدقيق، قال محمود الشيخ إنه ينتظر السماح له بالعبور منذ قرابة أسبوعين في ظل درجات حرارة خانقة.
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية التي شاركت في جولة صحافية منظمة في المكان الاثنين “بالأمس عادت 300 شاحنة، وسمح بدخول 35 فقط”. وأضاف، مشيرا الى الإسرائيليين، أن تحديد ما يدخل يعود الى “مزاجهم، ولا يقولون لماذا”. وقال السائق حسين جمعة إن نحو 150 شاحنة تصطف كل ليلة عند الجانب المصري من المعبر. وإجمالا، تدخل هذه الشاحنات بوابة المعبر وتتوجّه نحو معبر كرم ابو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والواقع على بعد كيلومترات قليلة. هناك تخضع لتفتيش دقيق قبل دخولها الى قطاع غزة. إلا أن جمعة أضاف “في الصباح، يفتّش الإسرائيليون ما يريدونه فقط، والباقي يقومون بإعادته”.
بعد 22 شهرا، على اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، تتحدّث الأمم المتحدة ومنظمات دولية عن وضع انساني كارثي في القطاع بلغ شفير المجاعة، وتشكو من أن كميات المساعدات التي تدخل الى القطاع لا تكفي لسدّ حاجات سكانه الذين يتجاوز عددهم المليوني نسمة. وقال أربعة مسؤولين في الأمم المتحدة وسائقو شاحنات مساعدات ومتطوع في الهلال الأحمر المصري لوكالة فرانس برس أن الدولة العبرية تمنع دخول تجهيزات طبية حيوية وخيم وتجهيزات لبنى تحتية خاصة بالمياه. ويُمنع دخول مواد “ذات استخدام مزدوج”، أي قد تخدم غايات عسكرية، وتُعاد أخرى لأسباب بسيطة مثل عيوب في التوضيب. وتقول مسؤولة الاستجابة الطارئة في منظمة “أطباء بلا حدود” الفرنسية أماند بازيرول خلال اتصال بها عبر تطبيق “زوم”، إن بعض المواد تُمنع مثلا “لمجرد أنها من الحديد”.
في الجانب المصري من معبر رفح، قال عاملون في المجال الإغاثي إن شحنة من الحمّالات للعناية المركزة لا تزال عند الجانب المصري من المعبر، على رغم تأكيد الأمم المتحدة حاجة القطاع الماسة لها، لأن إحدى المنصات النقالة التي وضعت عليها، مصنوعة من البلاستيك عوضا عن الخشب. وأشار متطوّع في الهلال الأحمر المصري الى أن شحنات أخرى أُعيدت “لأن منصّة نقّالة كانت مائلة، أو لأن التغليف البلاستيكي لم يكن جيدا”.
وقالت رئيسة الهلال الأحمر أمل إمام “قد يكون رقم الموافقة الصادر عن الأمم المتحدة ملصقا على جانب المنصة النقالة، ما يعني أن كل الأطراف وافقت على دخولها بما في ذلك وحدة تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية، كوغات)… لكن رغم ذلك تتم إعادتها عن الحدود”. وتابعت إمام “لم أرَ طيلة عملي في مجال الإغاثة قيودا كهذه على المساعدات، بما في ذلك أصغر قطعة من الشاش”.
ويمكن لدخول أدوية بسيطة مثل تلك المضادة للحمى أن يستغرق أسبوعا، بينما تضطر منظمة الصحة العالمية للتعجيل في إدخال الأنسولين وأدوية حيوية أخرى يتوجب حفظها في حرارة متدنية، في شاحنات عادية عندما ترفض السلطات الإسرائيلية دخول تلك المبرّدة، وفق ما يقول مسؤول في منظمة الصحة العالمية لوكالة فرانس برس. في مستودع عند الجانب المصري من الحدود مع غزة، تتكدّس عشرات قوارير الأوكسجين التي كساها الغبار بعد منع إدخالها، وبقربها كراسٍ متحركة ومراحيض متنقلة ومولدات كهرباء. وقال أحد العاملين مع الأمم المتحدة لفرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه، “وكأنهم يرفضون كلّ ما يمكن أن يقدّم لمسة إنسانية”. وتؤكد المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للمنظمة الدولية (أوتشا) أولغا شيريفكو، ردّا على سؤال عبر تطبيق “زوم”، أن قائمة الممنوعات هي عبارة عن “صفحات طويلة”.



